دَرَج مهرجان طيران الإمارات للآداب، ومنذ خمس عشرة دورة في دبي، على تقليد سنوي يتمثل في قراءات شعرية لعدد من الشعراء الإماراتيين والعرب والشعراء الضيوف من العالم، وتجرى هذه القراءات لهذه الكوكبة من الشعراء والشاعرات في الصحراء.. البيئة الشعرية، بامتياز، في الإمارات وفي منطقة الخليج العربي.
لا مكان محدّداً في العالم كلّه لجماليات الشعر، ولكن تظل الصحراء في كل حضارات العالم هي المكان الأكثر رحابة للشعر، ولعلّ الشعر من بين فنون الأدب القولية والكتابية هو الأكثر تميّزاً ووجوداً في الصحراء، وليس في المدينة.
الشعر ابن الصحراء وابن الجغرافيات والأماكن الحرّة المفتوحة، وليس ابن المدينة بمعناه الوجودي، ففي المدن يولد شعراء كما يولد في الصحراء، ولكن شعراء المدن هم شعراء المادّة والصنعة والصناعة والسوق والخبرة الاجتماعية التي تقتل الفطرة.
شعراء الصحراء. أو شعر الصحراء، هو شعر الفطرة، والعادّية، والطفولية والبراءة، وحتى الفروسية والحدس، والفراسة، وقوة الإنسان الداخلية التي تعكس قوة لغته، وبلاغته..
نحن نأخذ شعراء العالم إلى الصحراء، ونأمل في فعالية كبيرة كهذه، أن نشرح لشعراء العالم أن أجدادنا كانوا يأخذون أبناءهم وبناتهم إلى الصحراء ليتعلموا الفصاحة واللغة والبلاغة والبيان.
الصحراء ليست فضاءً تأملياً فقط، وليست أفقاً جمالياً، رملياً، حرّاً، ينجذب إليه عادة شعراء المدن الصناعية الكبرى فقط، بل، الصحراء ثقافة كاملة مكتملة أنتجت ظواهر أدبية، وتشكيلية، وغنائية، ودرامية، وروائية، وحكائية، وأسطورية لا نجدها في المدينة المحدّدة بمجتمع صناعي أو وظيفي مغلق.
الصحراء في الإمارات فضاء ثقافي بالدرجة الأولى، وليست فضاءً سياحياً، ترفيهياً، سطحياً، أو قشرياً بحيث لا نرى من الصحراء سوى قشرتها الرملية، البصرية، المباشرة، بل الصحراء في الإمارات أفق معرفة، وفضاء ثقافة.
في الإمارات، يُقرأ الشعر في الصحراء في مهرجان آداب عالمي يلتقي فيه شعراء وشاعرات من جهات العالم، وفي الإمارات يُشَاهَد المسرح في الصحراء بالتقاء فرق مسرحية إماراتية وعربية تحوّل الفرجية المسرحية الصحراوية إلى فضاء قراءة، وإلى تأويلات جمالية عديدة.
أخيراً، أو في النهاية.. تأخذنا كل كتابة من هذا النوع إلى الشعر.
كل شعريات العالم جميلة، وإنسانية، ورائعة، سواء أكانت شعريات الصحراء أم شعريات الماء، أم شعريات الجبال ورؤوس الجبال... المهم أن الشعر خبز وماء وهواء..
