عادي

سرطانات الأطفال..أورام خبيثة قابلة للشفاء

23:29 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

تشير الإحصاءات إلى أن العديد من الأطفال من الذين تتراوح أعمارهم بين عمر يوم إلى 19 عاماً، يصابون بأنواع مختلفة من السرطان سنوياً أبرزها، ويحتل سرطان الدم نسبة تتراوح بين 30 و35% من مجمل السرطانات التي تصيب الإنسان في مرحلة الطفولة ويصيب سرطان الغدد اللمفاوية الصغار منذ الولادة حتى 14 عاماً بنسبة 10 %، والمراهقين من عمر 15 إلى 19 عاماً بمعدل 20%، في حين تظهر 52% من أورام الدماغ في الأعمار بين 2 و10 سنوات، و42% تظهر بين عمري 11 و18، ويبلغ معدل الإصابة بأورام المخ لمن هم دون سن سنة نحو 5.5% من كامل الحالات، وعلى الرغم من ظهور الأعراض أو التغيرات التي تطرأ على المصاب في المراحل الأولى، فإن نسبة الشفاء تكون أعلى مقارنة بالبالغين، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون، الضوء على هذه الأمراض وطرق التشخيص والعلاج.

يُعرف سرطان الدم «اللوكيميا» بأنه اعتلال في تكوين خلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية سواء بزيادة أو قلة إنتاجها، وتتمثل وظيفة كرات الدم الحمراء الأساسية في نقل الأكسجين من الرئة إلى باقي أعضاء الجسم، أما كرات الدم البيضاء فهي تحمي الجسم من البكتيريا والفيروسات وتحافظ على مناعة الجسم، وتعمل الصفائح الدموية على وقف النزيف عند حدوث الجروح، بحسب د. أحمد الرستماني استشاري أمراض الدم.

ويضيف: تتلخص الأعراض في الشعور بالوهن العام وشحوب الوجه وعدم القدرة على القيام بالأعمال اليومية، والإصابة بالبكتيريا والفيروسات بشكل متكرر، وظهور الكدمات والنزيف من الأنف واللثة وارتفاع درجة حرارة الجسم لأكثر من 38 درجة، والتعرق الشديد سواء في الليل أو في النهار، وكذلك نقص الشهية ونقص الوزن.

يذكر د.الرستماني، أن أمراض سرطان الدم تنقسم إلى أورام حميدة وخبيثة، ومن الأنواع الشائعة للنوع المزمن «الاعتلال في تكوين كرات الدم البيضاء» وهو شائع وسهل العلاج في مراحله الأولى عن طريق تناول الحبوب التي تعمل على وقف الإنتاج الكثيف لكرات الدم البيضاء، وينتشر نوع آخر مزمن وهو «الزيادة في تكوين الصفائح الدموية» و «الزيادة في تكوين كرات الدم الحمراء» ويتم علاجهما بشكل عام عن طريق أدوية مثبطة، ويمكن أن يحتاج المريض إلى أدوية متخصصة في المراحل المتقدمة من المرض.

يضيف: أما النوع الآخر فهو سرطان الدم الحاد، وهو اعتلال خطِر يستوجب العناية المكثفة لفشل مصنع الدم «نخاع الدم» في تكوين خلايا فعالة سواء بالزيادة أو بالنقصان ومن أنواعها «السرطان الليمفاوي الحاد» وهو ينتشر بين الأطفال والبالغين في عمر العشرين عاماً والستين عاماً، إضافة إلى «سرطان المايلوما الحاد» اعتلال في تكوين كرات الدم البيضاء سواء بالزيادة أو النقصان، وتعد هذه الحالة طارئة تتطلب دخول المستشفى من أجل الملاحظة والعلاج.

نمو اللوكيميا

يوضح د. زين العابدين استشاري أورام الأطفال، أن خلايا الدم البيضاء عادة ما تنمو بطريقة منظمة ومنضبطة داخل نخاع العظام (المادة الإسفنجية التي توجد داخل مراكز العظام في الجزء المعروف بجوف النقي أو تجويف النخاع، وهو المسؤول عن تصنيع خلايا الدم)، لكن أحياناً تخرج هذه العملية عن السيطرة وتستمر الخلايا في الانقسام دون أن تصل إلى مرحلة النضج، تعد هذه الخلايا المنقسمة غير الناضجة خلايا سرطانية وتُسمى الخلايا الأرومية.

ويشير د.العابدين، إلى أن الخلايا السرطانية لسرطان اللوكيميا عندما تزيد داخل نخاع العظم يبدأ الإنتاج لخلايا الدم الطبيعية في الانخفاض فيقل عدد كرات الدم الحمراء، ما يؤدي إلى الإصابة بفقر الدم، وبالتالي يشعر المريض بالإرهاق والخمول وشحوب الجلد، كما يتسبب نقص الصفائح الدموية في حدوث النزيف والكدمات، وعندما تقل كرات الدم البيضاء يسهل التقاط الأطفال لأي عدوى، وبالتالي، يتعرضون للارتفاع الدائم في درجات الحرارة.

ويضيف: تصل الخلايا الأرومية «خلايا اللوكيميا» في مرحلة ما إلى مهاجمة أعضاء الجسم مثل العقدة الليمفاوية والكبد والطحال وتتسبب بتضخمها، ويشعر الطفل بإرهاق عام ويشكو من آلام وأوجاع في الأطراف، وتتشابه الأعراض في البداية بأعراض العدوى الفيروسية العادية، ولكن عندما تستمر لأكثر من أسبوعين يصبح تشخيص المرض واضحاً.

يؤكد د.العابدين أن العلم لم يتوصل حتى الآن إلى معرفة مسببات محددة لكافة أنواع السرطان، لكن الأبحاث ما زالت مستمرة في دراسة الأسباب المحتملة له، وهو مثل كل أنواع السرطان لا ينتقل للآخرين عن طريق العدوى، ويتم تشخيص المرض عن طريق أخذ عينة من نخاع العظم لنتأكد من وجود الخلايا الأرومية، كما تُرسل أيضاً عينة من نخاع العظم إلى معمل الوراثة للبحث عن أي كروموسومات غير طبيعية، وتسهم هذه الاختبارات في تحديد نوع اللوكيميا والعلاج الأفضل للمريض.

يلفت د.العابدين، إلى أن العلاج الكيميائي يعد البروتوكول الرئيسي لعلاج اللوكيميا وتدمير الخلايا السرطانية في الدم، بحيث يمكن لنخاع العظم من العمل بشكل طبيعي مرة أخرى، ويتم تحديد الجرعات لكل مريض وفقاً لعوامل مختلفة، وتجدر الإشارة إلى ان الأطفال المصابين يتم شفاؤهم من المرض ويمكنهم العودة إلى حياتهم الطبيعية، لكن مع الالتزام بالمتابعة لبضع سنوات، أما المصابين بأنواع اللوكيميا المتكررة أو المحتمل عودتها بعد الانتهاء من العلاج الكيميائي، فيمكن اللجوء لزراعة نخاع العظام والعلاج بنظام خلايا كارتي والعلاج المناعي.

أورام المخ

تُعرف أورام المخ عند الأطفال بأنها كتل أو نمو غير طبيعي للخلايا تحدث في الدماغ ويمكن أن تكون حميدة ولا تنتشر في أي منطقة أخرى من الجسم، أو أورام خبيثة غير طبيعية وتتوغل في أماكن متعددة، ويُعد الصداع من الأعراض الشائعة التي ترافق هذا المرض، وخاصة الذي يصبح أكثر تواتراً وشدة، إضافة إلى الشعور بزيادة الضغط في الرأس، والغثيان أو القيء غير المبرر، واضطرابات بصرية مثل الرؤية المزدوجة وضعف جانب واحد من الوجه، ارتباك، تغير في السلوك، أو مشاكل السمع في بعض الحالات، وفقاً للدكتور مهند دياب استشاري طب الأورام.

ويضيف: إلى أن السبب الدقيق لأورام الدماغ عند الأطفال غير معروف حتى الآن، لكن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بهذا المرض، مثل: التاريخ العائلي، وبعض المتلازمات الجينية.

ويعتمد تشخيص أورام الدماغ عادة على الفحص العصبي بالتزامن مع الأشعة، وتعد الخزعة المعيار الذهبي لتأكيد الإصابة، أما طريقة العلاج الرئيسية فتتمثل في الجراحة القصيرة، ويتبعها في بعض الحالات العلاج الإشعاعي لمنطقة الدماغ، وهناك بالتأكيد العديد من التقنيات الجديدة في علاج هذه الأنواع من السرطانات، مثل العلاج الإشعاعي بالبروتونات والجراحة الإشعاعية، ويمكن استخدام العلاج الكيميائي، وفي كثير من المصابين تكون هذه الأورام قابلة للشفاء بالفعل ولا تعود إذا تم علاجها بالطريقة الصحيحة.

سرطان الغدد اللمفاوية

يعد الجهاز اللمفاوي هو شبكة من العقد والغدد والأوعية التي تنقل خلايا الدم البيضاء المسماة الخلايا اللمفاوية عبر الجسم لمكافحة العدوى وهو جزء من الجهاز المناعي، وعندما تحدث الإصابة بسرطان الغدد اللمفاوية يبدأ الورم في عدد من الأماكن لأن النسيج اللمفاوي منتشر في كل أنحاء الجسم، ويعاني المريض أعراضاً مختلفة ومتعددة، مثل: حمى تستمر لأكثر من 3 أيام، فقدان الوزن غير المبرر، سعال وضيق تنفس بدون سبب واضح، نوبات عرق ليلية حادة، وتورّم في العقد اللمفاوية في الرقبة أو الإبط أو المنطقة الأربية.
وتشكل حالات سرطان الغدد اللمفاوية 10 % من السرطانات لدى الأطفال منذ الولادة حتى 14 عاماً، 20 % من المراهقين من عمر 15 إلى 19 عاماً، وينقسم إلى نوعين وهما: لمفومة هودجكين، اللمفومة اللاهودجكينية، ويتم التشخيص عن طريق الفحص السريري، والاطلاع على التاريخ الطبي للعائلة، اختبارات الدم، والفحوص التصويرية وأخذ خذعة من العقد اللمفاوية لتأكيد الإصابة.
وتعتمد معالجة سرطان الغدد اللمفاوية على عمر المريض، مكان الورم، مدى انتشاره، وتعد الأدوية الكيماوية هي الأكثر شيوعاً لهذا المرض، ويمكن أن تحتاج بعض الحالات إلى بعض الأنواع الأخرى، كالعلاج الإشعاعي والموجه والمناعي والزراعة بالخلايا الجذعية (نخاع العظم).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ncwwv9jh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"