عصي الدمع

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

قبل يومين مرّت ذكرى وفاة السيدة أم كلثوم. و«كوكب الشرق» لا تحتاج لأن يمر يوم مولدها أو ذكرى وفاتها كي نتذكرها. إنها معنا حاضرة، نسمع أغانيها ونردد معها الكلمات. لكن لا بأس لو وقفنا، بهذه المناسبة، عند واحدة من أجمل أغانيها، أغنية «عصي الدمع»، قصيدة الشاعر أبي فراس الحمداني. ورغم أن أبا فراس عاصر المتنبي، بكل لما لهذا الأخير من قوة حضور طغت على مجايليه، لكنه استطاع أن يثبت حضوره، وشاءت أقداره ومكائد السياسة أن يقضي 6 سنوات أسيراً عند الروم، وفي الأسر كتب عدداً من أجمل قصائده.
«عصي الدمع» واحدة من أغاني أم كلثوم النادرة التي غنتها بأكثر من لحن، ففي العام 1926، غنت «الست» القصيدة بألحان عبده الحامولى، الذي لم يكن قد لحنها لها، فهي لم تدركه، وإنما لحنها للشيخ أبي العلا محمد الذي غناها بصوته، ثم أذن للمطربة الشابة الواعدة أم كلثوم بأن تغنيها، حتى أنها سجلتها على أسطوانة.
بعد نحو عشرين عاماً التفت أم كلثوم ثانية إلى القصيدة مع تنامي اهتمامها بغناء الشعر الفصيح، فطلبت، في العام 1944، من الشيخ زكريا أحمد أن يضع لها لحناً جديداً، لكنها لم تحفظها على أسطوانة، وبعد عشرين عاماً أخرى لحنها لها، ثالثة، سيد ألحان القصيدة الفصيحة، رياض السنباطي، بعد أن أضافت إليها أبياتاً ثلاثة من القصيدة نفسها، وهو اللحن الذي ما زلنا نطرب لسماعه حتى اليوم.
ليس غناء أم كلثوم هذه القصيدة وحده من أعطى حياة جديدة لها، فشيء مشابه أعطاه للقصيدة المسلسل السوري: «عصي الدمع»، من تأليف دلع الرحبي وإخراج الراحل حاتم علي وبطولة جمال سليمان، وشارك فيه ممثلون كبار بينهم سلاف فواخرجي ورياض العمري ومنى واصف وآخرون، ويناقش تحولات المجتمع السوري وانعكاساتها على وضع المرأة خاصة.
وكانت تتصدر «تتر» كل حلقاته عبارة: «إلى الملكة أم كلثوم»، التي عن أغانيها تقول منى واصف في إحدى الحلقات: «أنا ما بسمع أم كلثوم بس مشان إنطرب.. أنا بسمعها لَحس إنو لساتني قويّة.. أنا لما بسمعها بِتغْني.. بحسّ بحالي إنّه بكّير كتير على ما شمعة حياتي تنطفي.. ولمّا بشوف صورها وهي رافعة راسها بكل أكابرية عم تغنّي بِكبَر، بِكبَر بالمَلِكة، يلي لمّا وقَّفت وغنّت للنّاس رفعتهُن لعندها، وخلِّتهُن يسمعوها وهي عم تغنّي عن الحب، بدون ما يشوفوا على خدها دمعة».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s3mxt6n

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"