قص ولصق واستغلال

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

عملت في إحدى الشركات الوطنية الكبرى لفترة ليست بقصيرة من عمر الزمن، وبحكم أن الشركة كانت تنشد التطوير خصوصاً في الجانب الإداري، موقنة بأن مراجعة الأنظمة والقوانين شيء لابد منه، بحكم تغير المعطيات وتطور الأساليب وحتى فنون الإدارة، سواء كانت الدراسة كل 5 سنوات أو بعد عقد من الزمن. 
المهم في الأمر أن تلك الشركة لجأت إلى شركة من الشركات الكبرى العالمية المتخصصة في إجراء مثل هذه الدراسات والاستشارات وتقديم الحلول والأفكار والاقتراحات لمواكبة العصر وتحقيق أفضل نقلة سواء كانت إدارية أو تقنية أو فنية أو تنظيمية، وقد تمت الدراسة وطبقت الشركة ما جاء فيها من أفكار ومقترحات.
انتقلت من بعدها للعمل في مؤسسة أخرى من مؤسسات هذا الوطن المعطاء، وجاءت الفكرة كذلك في هذه المؤسسة، أن تجرى دراسة دقيقة لوضع المؤسسة من كل الجوانب لتطوير ما يمكن تطويره مواكبة للعصرنة، وجاء اختيارها لتلك الشركة العالمية الكبرى ذاتها التي أجرت الدراسة حيث كنت أعمل سابقاً، وذلك لصيتها وعالميتها وشهرتها، وطاف عدد كبير من مستشاريها وخبرائها على معظم الموظفين يستمعون لهم ويدوّنون ويدرسون أفكارهم ومقترحاتهم، كما فعلوا في الشركة السابقة الذكر. 
وبعد فترة تجاوزت 6 أشهر تقدّمت بدراسة قالوا عنها إنها مفصّلة ودقيقة لوضع المؤسسة، والمطلوب منها لتطوير وضعها من مختلف الجوانب.
وبحكم عملي السابق ومواكبتي لأعمال هذه الشركة أحسست بأن هناك تشابهاً كبيراً في الطرح والاستقصاء والمقترحات، على الرغم من الفارق الكبير في طبيعة عمل الشركة التي عملت بها سابقاً والمؤسسة التي انتقلت إليها، وللحيطة تواصلت مع أحد الزملاء في تلك الشركة طالباً منه الاطلاع على نسخة من تلك الدراسة التي أجريت لهم، وعند المطابقة وعلى الرغم من مرور فترة ليست قصيرة كذلك من عمر الزمن، اكتشفنا أن الدراستين متطابقتان حرفياً، ولم يتم سوى تغيير اسم الجهة الموجّهة إليها الدراسة؛ أي قص ولصق لا غير، ما جعلنا نتخذ قراراً بالتوقف عن التعامل معها في تلك الفترة وعدم الدفع لها، موضحين لها كل الحقائق التي اكتشفناها.
هذا جزء بسيط مما تفعله بنا مثل تلك الشركات العالمية التي تسمى كبرى، وتدّعي معرفتها بأوضاعنا وتقترح علينا بعد أخذ المعلومات من موظفينا وأبنائنا وصياغتها وإعادتها إلينا، في جهد مسروق من عرق وأفكار موظفي المؤسسة ذاتها.
للأسف الحبل لا زال على الجرار، وهذه شركات عالمية كبرى لا زالت موجودة في السوق، ولا زالت تقدّم الدراسات والمقترحات ولا زالت تغير أسماء الجهات فقط وتقدّم الدراسة ذاتها لكثير من الجهات وإن اختلفت طبيعة أعمالها.
التغيير والتطوير  وبكل ثقة  يمكن أن يأتي من داخل أي مؤسسة بمعرفة من موظفيها الذين يعرفون دواخلها بشكل دقيق، وشبابنا يمتلكون الكفاءة والدراية والإمكانيات التي تؤهلهم للقيام بذلك بكل اقتدار، فهل سنفعل ذلك؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y5h48wcp

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"