العرب ونفق مستقبل التغذية

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل صدقت مقولة من استشرف الويل لأمّة لا تأكل ممّا تزرع؟ الآن ستزدان موائد الشعوب بأطباق لذائذها من 1900 نوع من الحشرات. لا استثناء لصنف من الأصناف، من المقبّلات إلى الحلويات، حتى العصائر حشرت الحشرات فيها أنوفها. سيحتاج الطهاة من الآن فصاعداً إلى خيال علمي ذي خيال هالوويني. لعلّ أهل الذكر يفيدوننا، فقد تكون لهذه التراجيكوميديا الغذائية، علاقة بالآية الكريمة: «فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم...» (الأعراف133).
ما يؤلم هو أن العالم وقع ضحية استحماق في غفلة بريئة. في الواقع بدأ استخدام مسحوق الجنادب وصرّارات الليل ومعجون الديدان وما إليها، منذ سنة 2015، ولم تكن شركات صناعة الأغذية تذكر في المكونات هذه الكائنات بوصفها بروتينات، في البسكويت والشكولاتة والبيتزا وغيرها. شيئاً فشيئاً علت أصوات تندّد بأنواع من الحساسية، وأخرى تستنكر من منطلق ديني أو ذوقي، فسرت الاعتراضات في وسائل الإعلام فلم تجد السيدة أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بدّاً من التوقيع رسميّاً على وثيقة تسمح بحرية استخدام 1900 نوع من الحشرات كبروتين غذائي للآدميين أو في تغذية الحيوانات. لكن، بما أن الأوروبيين أهل أمجاد ذوقية وحضور حضاري، فقد عهدوا بهذه الصناعات الغذائية المبتكرة إلى الشرق الأقصى، خصوصاً فيتنام. الفرنسيون مثلاً، أحاسيسهم مرهفة ورومانسيون، فلا يليق بمدينة النور والعطور أن ينفتح فيها صندوق بندورا بشرور أنكر الروائح. في حين أن فيتنام، بصرف النظر عن عجائب تغذيتها، لها تجربة عشرين سنة من الحرب التي كانت مسارحها تجسيداً لرواية جان بول سارتر «موتى بلا قبور».
لا يقولنّ العالم العربي: أين المفرّ؟ الخلاص غير عسير على أهل الإخلاص. جنّة النجاة أن يأكل العرب ممّا يزرعون، زراعة النبات، زراعة تربية الدواجن وتربية الماشية، زراعة الأسماك. لكن الأهم زراعة الابتكار التنموي في مناهج التربية والتعليم. لا علينا بما يفتري الغربيون، فهم يسوقون ويسوّقون مبررات لا تنطلي على عاقل حتى في الغرب نفسه. يقولون إن الديدان والصراصير في علم الكيمياء مواد بروتينية. يقولون إن اليابان تربّي منذ أكثر من عقد مليارات الديدان السمينة الفارهة للهمبرجر، وهم مستمتعون، هنيئاً مريئاً، وللناس في ما يلعقون مذاهب. يقولون إن تربية الأبقار والخرفان ترفع حرارة الأرض. ويقولون إن كيلوجرام الحشرات أقل كلفة اقتصادية من كيلو «فيليه ستيك»، ويقولون...
لزوم ما يلزم: النتيجة القياسية: ما حلَّ بطنَك مثل أكلكْ.. فتولَّ أنت طعام أهلكْ.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/288y2v7n

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"