عادي
أعمال تحاور البصر في دورته الـ 15

حور القاسمي: بينالي الشارقة فضاء فني مفتوح

16:32 مساء
قراءة 6 دقائق
بينالي الشارقة تصوير صلاح عمر
بينالي الشارقة تصوير صلاح عمر
بينالي الشارقة تصوير صلاح عمر

الشارقة: عثمان حسن

بحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيسة الجامعة الأمريكية في الشارقة، افتتحت الشيخة حور القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، صباح اليوم الثلاثاء، في ساحة المريجة بقلب الشارقة، فعاليات الدورة 15 من بينالي الشارقة تحت شعار «التاريخ حاضراً»، وحضر الافتتاح نورة الكعبي وزيرة دولة، والشيخة نوار بنت أحمد القاسمي مدير عام المؤسسة، وزكي نسيبة المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة والرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، والشيخة هند بنت ماجد القاسمي رئيس مجلس سيدات أعمال الشارقة، والشيخة جواهر بنت عبدالله القاسمي مدير مؤسسة «فن»، وخولة جاسم السركال مدير عام نادي سيدات الشارقة، ومروة العقروبي مدير بيت الحكمة، ومنال عطايا مدير عام هيئة متاحف الشارقة، وسالم عمر سالم المدير التنفيذي لهيئة الشارقة الكتاب.

قالت الشيخة حور القاسمي: «هذا البينالي يمثل بالنسبة لي أهمية خاصة على المستوى الشخصي، ليس فقط لأنه يتزامن مع مرور عشرين عاماً من العمل، بل لأنني كنت من المعجبات جداً بأفكار القيم الراحل أوكوي إينوزو الذي ألهمني عمله إعادة تصور إمكانية قيام مثل هذا البينالي في منطقتنا».

وأضافت الشيخة حور بقولها: «يسعدني جداً أن أتمكن أخيراً من مشاركتكم المشاريع التي عمل عليها الفنانون في السنوات القليلة الماضية، وأن نراها كلها مجتمعة هنا، الأمر الذي يشكل بالنسبة لي سعادة كبيرة، وكلي أمل أن يشعركم أنتم أيضا بذلك».

وتابعت: «يستمر البينالي حتى يونيو المقبل وسوف يكون حافلاً بالعديد من الفعاليات على امتداد أربعة شهور، ولا توجد نقطة انطلاق لهذا البينالي، ولا توجد بداية أو نهاية للمعرض، فجميع مواقع العرض متاحة لكم، لكي تقوموا بأنفسكم باستكشاف الأعمال، سواء في صالات العرض، أو في البيوت التاريخية وغيرها من المواقع الموزعة على امتداد الإمارة».

وتجولت الشيخة بدور القاسمي والشيخة حور القاسمي برفقة الحضور في أروقة المعارض المنتشرة في صالات واسعة في ساحة المريجة، وساحة الخط، ومنطقة الحصن، ومنطقة شارع البنوك ومواقع ساحة الفنون (بيت عبيد الشامسي، بيت السركال، ومتحف الشارقة للفنون).

*جسر التردد

تضمن البينالي العديد من المعارض الجماعية والفردية، ففي معرضها تستقي الفنانة أنجو دوديا مفرداتها البصرية من مصادر متنوعة في تاريخ اللوحة سواء تلك المتصلة بالثقافات الشرقية أو الغربية، بدءا من المنمنمات الهندية وصولا إلى المنسوجات الفرنسية القروسطية، وتتشابك في أعمالها عناصر بيوغرافية (ذاتية) مع تلك المجازية والأسطورية، وتشارك في البينالي بعملين: (جسر التردد «2021 – 2022») و(«وقفات مجنحة» 2022) وهذان العملان يتألفان من مجموعة من الأقمشة التي تأخذ أشكالاً معينة تتخللها أو تعترضها رسوم وطبعات رقمية وذلك في مشاهد مؤثرة تشير إلى أسطورة دافني في الميثولوجيا الإغريقية، وهي الحورية التي حولها والدها بينيوس إلى شجرة كي يحميها من هوس إله الصيد أبولو، في حين تحظى الأشجار بظهر عصي على التجاهل كخلفية لهذه المشاهد في لفتة ترمز لثقة الإنسان بالطبيعة، حيث دور البطولة تلعبه شخصية نسائية تشبه الفنانة دوديا ذاتها.

* مشتركات إنسانية

شاركت الفنانة هجرة وحيد بعمل تركيبي صوتي، وهو يعتبر من أكثر أعمال الفنانة طموحاً حتى الآن، كونه يدخل في صلب اهتماماتها تجاه إعادة تشكيل المستقبل كمساحة حرة مفتوحة الحدود تتبدد فيها الانقسامات القومية الحديثة، وحالات اللامساواة الناجمة عنها، والفنانة هجرة وحيد تولي اهتماما بعيدا للمشتركات الإنسانية، وتدعو إلى الحفاظ على هذه الروابط الإنسانية سبيلاً للتقليل من خسائر البشر ضمن سعي تضامني يحمي الكل من الفرقة والتناحر.

في عملها «ترنيمة 2023»، تستلهم هجرة موضوعها من تأمل عنف الإرث الاستعماري، الذي أدى إلى موجات هائلة من المهجرين والمتضررين، والعمل يستكشف قوة الترانيم في مجابهة مثل هذه الصيغ الراديكالية، حيث بنت الفنانة تراكيب صوتية جمعية داخل غرفة مخروطية، تستعرض نحو سبع أغنيات كانت مفصلية في الاحتجاجات الشعبية التي قادتها النساء والحركات الاجتماعية التي ناهضت الاستعمار في الأمريكتين وقارتي آسيا وإفريقيا.

شارك هجرة وحيد في تنفيذ هذا العمل كل من بيترو أماتو ومايكل فويرستاك «إدارة موسيقى وهندسة صوت» و لوريل سبرينجلماير «توزيع موسيقي» وديفيد أدجاي «استشاري عمارة»، و تيفاني لي إدارة مشروع.

* على إيقاع الطبول

يقدم معرض الفنان ديدريك براكنز في ساحة المريجة عملاً بعنوان «على إيقاع الطبول» وهو يتألف من أربع لوحات هي: (على إيقاع الطبول، دفء الشموس الأخرى، الليل يرعاني، سرقة العتمة من السماء) وهذه اللوحات تتألف من قطن وخيوط أكريليك وينسج من خلالها ديدريك منسوجات معقدة يلعب القطن فيها دور البطولة، وذلك لاستحضار إرث تجارة الرقيق عبر الأطلسي، وتصور هذه اللوحات ظلالاً لشخصيات متداخلة ومترابطة وسط المشهد ترمز للحظات الصراع أو التعاون وذلك فوق خلفيات من مربعات الشطرنج والضفائر والخيوط، وفي العمل رموز ثقافية وفنية من غانا من خلال تمساحين يتشاركان معدة واحدة ما يفرض عليهما التعاون كي يبقيا على قيد الحياة، ورغم ما يمثله هذا الرمز من ضرورات وحدة المصير المشترك، إلا أن خلفية العمل ترمز إلى أشكال كثيرة من الاستغلال المادي والتجاري في جزء من القارة الإفريقية.

* ظلمة الحاضر

تقدم الفنانة فيفان سوندارام عملا بعنوان «بينومبرا»بالاشتراك مع المصورين عمران كوكيلو وأنيتا خيمكا وابنتيها أزاه وزارا.. ويمثل هذا العمل المحطة الثانية من المشروع التعاوني بين أفراد هذا الفريق، وهو يستوحي التراث الآسيوي في علاقته مع الحاضر، بغية استكشاف التقاطعات التي تحيل إلى موضوعات ثقافية واجتماعية واقتصادية في علاقة ذلك كله بآثار الحاضر المحاصر بكل أسباب البؤس والجوع والألم، والعمل يستدعي الفنون الاستعراضية والتمثيل ليقدم بانوراما طافحة بالسطوع البصري، ففي المحطة الثانية من العمل، ترتدي الفتاتان لباساً ضيقاً أسود، وتؤديان تمثيلية مع والدهما الذي يرتدي زي «سلوار كاميز» يتداخل الحزن مع لعبة الغميضة رغم ما يسودها من حركات مرحة وعفوية، كما يمتزج جسدا الفتاتين مع جسد والدهما، وهو ممدد من دون حراك، كما لو أنه ميت، تظهر ظلال الشخصيات الثلاث (الأب وابنتيه) وهي تتحرك في الأفق كجزء من المشهد، وتبدو كما لو أنها ل «كومبارس» في مسرحية..وتحجب نغمة قوية المشهد الذي يتماهى مع أداء عائلي مهيب، إلا أنه ينذر بظلمة تكتنف الحاضر.

في المحطة الرابعة من عمل فيفان سوندارام وجاء بعنوان «بحيرة متسامية» تقدم الفنانة سجادة مائية تظهر عليها أختام لتفاصيل مصغرة، ويطفو رأس وظهر مشوهان لرجل باستخدام التقطيع الرقمي، ما يجعل سطح الماء كثيفا، وتتساقط (الأجزاء السلبية - أجزاء الجسد، وطيور وأشياء أخرى في الماء) لتظهر على شكل حطام.

وهذا العمل الذي يتشكل في مجمله من شظايا لبشر وكائنات مختلفة، يحمل طقساً موسيقياً خاصاً، ولا تكتفي سوندارام بذلك، بل تبهر المشاهد بتراكيب بصرية من خلال تراكيب تصاحب العمل، وتتشكل من صندوق ضوئي، وأشكال منفوخة تنبثق مثل مخلوقات غريبة من البحيرة.

خارج الأطر الغربية

تعقد هذه الدورة من بينالي الشارقة 15 التاريخ حاضراً، احتفالاً بالذكرى الثلاثين لبينالي الشارقة، وبناء على مقترح القيم الراحل أوكوي إينوزو الذي رأى في معارض الفن المعاصر وسيلة لاستكشاف العالم والانخراط في ما يحركه من قضايا تاريخية وسياسية ومجتمعية، وهي قضايا تتفاعل في الحاضر، حيث تجيء هذه النسخة الجديدة لتضع تصوراً يسهم في تاريخ البينالي ومؤسسة الشارقة للفنون واكتشاف دورهما معا في ابتكار نماذج مؤسسية تدعم إنتاج وعرض الفنون المعاصرة خارج الأطر الغربية، مع ما يتطلبه ذلك من تفعيل سبل الحوار بما ينسجم ومتطلبات الراهن.

وبمناسبة الذكرى ال 30 من البينالي فقد كان إينوزو قد اقترح تكليف مجموعة من الفنانين ب 30 عملاً خلال البينالي كوسيلة لتفعيل هذه المنصة المهمة وهم: (جون أكومفرا، قادر عطية، سامي بالوجي، ماريا ماجدالينا كامبوس بونس، كارولينا كايسيدو، ديستني ديكون، مانثيا ديوارا، كوكو فوسكو، حسن حجاج، منى حاطوم، لبينا حميد، إسحاق جوليان، عمار كانوار، بشرى خليلي، محمد إبراهيم مهاما، كيري جيمس مارشال، ستيف ماكوين، ألماغول مينليباييفا، ألين موتا، وانجيتشي موتو، فيليب بارينو، دوريس سالسيدو، بيرني سيرل، ينكا شونيبار، فيفان سوندارام، فاطمة توجار، هجرة وحيد، باربرا والكر، ناري وارد وكاري ماي ويمز).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3vx6ruse

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"