خط الفقر الصيني

21:57 مساء
قراءة 3 دقائق

تشو يويهوي*
أولت الحكومة الصينية اهتماماً بالغاً بملف القضاء على الفقر مباشرة بعد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني في عام 2012. وبالفعل، فاز الحزب بأكبر معركة ضد الفقر في تاريخ البشرية، ليحل مشكلة عويصة ابتُليت بها الأمة الصينية منذ آلاف السنين. ومع ذلك، ستحتاج الدولة إلى مزيد من الوقت للقضاء كلياً على البؤر النسبية المتفشية هنا وهناك، على الرغم من أنها قد قضت على الفقر المدقع في أقصر فترة زمنية ممكنة.

في الواقع، وعلى الرغم من كونها أكبر دولة نامية في العالم، لا تزال الصين تواجه تنمية غير متوازنة ولا كافية. ولأنه من الممكن لأولئك الذين خرجوا من براثن الفقر أن ينزلقوا إليه مرة أخرى، فإن الصين تراقب باستمرار حالتهم الاجتماعية والاقتصادية وتتخذ تدابير صناعية وسياسات مالية ونقدية مساعدة للتأكد من عدم حدوث ذلك من جديد.

والجيد في الأمر أن الصين تصنف اليوم، وفقاً لقيم تعادل القوة الشرائية لعام 2017 للبنك الدولي، ضمن الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل مع (6.85 دولار للفرد في اليوم)، وعلى مقربة من فئة «الدخل المرتفع». ونتيجة لذلك، يعتقد بعض المراقبين الأجانب أنه لا يزال هناك 270 مليون فقير في الصين.

وبحسب البنك الدولي نفسه، فإن دولة ذات دخل قومي إجمالي للفرد يبلغ 1269 دولاراً أو أكثر مؤهلة لتكون دولة ذات دخل أعلى، لكن دخل الفرد يتم استخدامه لتسديد جميع النفقات الشخصية بما في ذلك الطعام والملبس والمأوى والتعليم والأدوية. كما أن سكان الريف في الصين لا يحتاجون إلى إنفاق الكثير على الإسكان والتعليم، وهم مشمولون بتأمين العلاج الطبي التعاوني الأساسي أو الريفي.

لذلك تحتاج الصين إلى تحديد خط الفقر الخاص بها بناءً على واقعها الحالي، وهو أنه في عام 2020، لم يعد الشخص الذي يكسب أقل من 4000 يوان (594.6 دولار) سنوياً يصنف على أنه فقير، ما يجعل الادعاء بأن الصين لديها 270 مليون شخص فقير لا أساس له من الصحة.

مع هذا كله، يتعين على بكين أن تدرك أنها تواجه تحدياً ضخماً لتدعيم وتوسيع إنجازات التخفيف من حدة الفقر. ومن المهم للغاية اعتماد سياسات لتقليل احتمالية عودة الأشخاص الذين خرجوا حديثاً من دائرة الفقر إلى المعاناة مرة أخرى.

لذا، يجب إنشاء آلية طويلة الأجل لرصد الدخل ومستوى التعليم والعلاج الطبي الأساسي وأمن الإسكان ومياه الشرب الصحية للمناطق الريفية، والتدخل السريع من خلال تدابير الدعم واتخاذ خطوات لتحسين نوعية حياة الناس إذا ظهرت عليهم أي علامات على الوقوع في الفقر مرة أخرى.

ومن المهم كذلك أن يكون هناك اتساق في السياسة واستمرار الدعم الحكومي الرئيسي للمجتمعات التي تغلبت على الفقر حتى تستطيع الاعتماد على نفسها. وبمرور الوقت، ستتم إعادة توجيه الموارد التي يتم حشدها لتعزيز حملة القضاء على الفقر إلى برامج الإنعاش الريفي، والتي ستعزز تنمية الزراعة ورفاهية المزارعين.

كما يجب أيضاً بذل الجهود لتوفير المزيد من الأموال وزيادة أنواع المساعدات الأخرى للمجتمعات التي أعيد توطينها، وتوفير الدعم التكنولوجي والتسويقي والمعدات للصناعات المحلية، وخلق المزيد من فرص العمل للأشخاص داخل تلك المجتمعات، فضلاً عن تعزيز المساعدة المنتظمة والمتدرجة لسكان الريف ذوي الدخل المنخفض لمنع عودة تفشي الفقر على نطاق واسع.

تتمثل أكبر قوة لدولة مثل الصين في تجميع الموارد اللازمة لحل المشكلات الرئيسية. وقد أظهرت التجارب السابقة أنه فقط عندما تقوم دولة ما بتعبئة جميع قطاعات المجتمع للتوحد والعمل معاً يمكن هزيمة الفقر. وبالتالي يجب على الحكومة الصينية تقديم المزيد من الدعم المالي والنقدي الصناعي لتسهيل تنفيذ السياسات.

أخيراً، يجب تحميل أمناء الحزب على مستوى المقاطعة والمدينة والمحافظة والبلدة والقرية المسؤولية عن أعمال تنشيط الريف وتدعيم إنجازات التخفيف من حدة الفقر هناك. حيث سيتم تقييم وضع الأشخاص الذين كانوا فقراء في السابق، وستواصل اللجان والحكومات على جميع المستويات اتخاذ إجراءاتها لضمان عدم غرقهم مرة أخرى في أتون الفقر.

لا يوجد سبب للاعتقاد بأن عدداً كبيراً من الأشخاص الذين انتشلوا مؤخراً من براثن الفقر يمكن أن يعودوا إليه. ومع ذلك، لا تزال مهمة تعزيز إنجازات برنامج التخفيف من حدة الفقر شاقة وصعبة المنال، وتحتاج الإدارات المعنية إلى اتخاذ تدابير لضمان عدم العودة إلى الفقر بأعداد كبيرة، بالتزامن مع إنشاء آليات طويلة الأجل لتعزيز إنعاش الريف.

*أستاذ الاقتصاد في مدرسة الحزب التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني (تشاينا ديلي)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/39wmxpke

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"