مدينة المعارض

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

يحتل «بينالي الشارقة» مكانته المميزة في العالم العربي والدولي بعد تحقيقه هدف اطلاقه، ألا وهو تنمية المجتمع من خلال تعزيز الاهتمام بالإبداع الفني ونشر ثقافته بين الجميع.
ومن خلال أكثر من 16 موقعاً موزعاً في جميع أنحاء الإمارة، يضع «بينالي الشارقة» تاريخ الإمارة الحافل في أكثر من 300 عمل من قِبل أكثر من 150 فناناً وجماعة حاملاً مع دخوله عامه الخامس عشر شعار «التاريخ حاضراً»، مشكلاً مصدر فخر للإمارات والعالم العربي، ومحطة سياحية كبيرة، وسوقاً رائعا للفن والفنانين والجمهور المتذوق له.
لقد صنعت استدامته رؤية ملهمة لمستقبل يوطد العلاقة بين المنجز العمراني والإبداع الإنساني لتحويل المكان إلى ساحة إبداعية حرة تتلاقى فيها الأفكار الملهمة في مساحات واسعة تعرض الأعمال الفنية، بالتزامن مع العروض السينمائية والموسيقية والأدائية.
 ولا تقتصر الوظيفة الرئيسية للبينالي على عرض العمل الفني أو توطيد العلاقة بين الفنانين وجمهور المهتمين به، بل يسعى أيضاً إلى دعم وتشجيع إنتاج فن جديد، وتبنّي أفكار خلاقة تزدهر بها هذه المعارض ويتم من خلالها اكتشاف الفنانين القادرين على تغيير العالم بإبداعاتهم وأفكارهم المتطورة.
 واستطاعت البيناليات منذ تأسيس «بينالي البندقية» عام 1895، وهو الأقدم والأكثر شهرة وتم إنشاؤه على وجه التحديد لإنشاء منصة للمشاركين في عالم الفن لمقارنة وتباين الفن العالمي حتى يومنا هذا، اكتشاف العديد من الاتجاهات والفنانين والتأثير في نوعية الفن وتوجهاته، وفي حياة الفنانين وأعمالهم، مثل «بابلو بيكاسو» الذي رغم شهرته الفعلية في ذلك الوقت لكنه قدم من خلال «البينالي» فنه الحديث متحولاً إلى طفرة استمر تعزيزها بعد ذلك لسنوات.
 ويمتد تأثير «بينالي الشارقة» على عالم الفن الثقافي والاقتصادي والاجتماعي، وهو ما صاغته رؤية ثقافية عميقة يتمتع بها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تدرك أهمية ترسيخ الفنون جزءاً لا يتجزأ من صناعة العقول المبدعة ورقي المجتمعات المتطلعة نحو المستقبل.
 واستهدفت هذه الرؤية تأسيس الحياة الثقافية على أعمدة وركائز راسخة ومتباينة تتمازج فيها العلوم والفنون والمبتكرات الحديثة، بحيث أصبحت الشارقة مدينة معارض ومهرجانات دائمة وحيوية، تبتكر وتمهد للكتاب والمسرح والسينما والفن التشكيلي منصات ومشاريع لا تتوقف.
 وتحولت «الشارقة» من عاصمة للكتاب وللثقافة والإبداع إلى منارة تضيء مصابيح الإلهام وتعكس شعاعاً مبهراً لتوجيه العالم نحو المعنى الصحيح للثقافة، وكيف تنمو المجتمعات وترتقي من خلال تشجيع الناس فيها على تذوق الفنون وتبادلها والاندماج معها.
لقد صمم «بينالي الشارقة» كما يتضح من شعاراته والتطور المتجدد في فعالياته، لتشجيع التمازج الثقافي وإحياء التاريخ والتراث واستلهام قوته ومنجزاته وعرض الإبداعات الفنية الجديدة على نطاق واسع لتسهم في تطوير المجتمع، ونقل من فيه إلى عصر جديد ومستوى آخر من المعرفة.
 ومن أهم ما يجعل «البينالي» منصة كبرى ومهرجاناً فنياً لا مثيل له، اكتشاف العديد من الفنانين، وتمييزهم من بين المئات، وتكريم أعمالهم التي تستكشف مواضيع جديدة ومختلفة في كل مرة، ما يمنح كل «بينالي» موضوعات مختلفة وشخصيات فنية متفاوتة، وتطوراً مهماً لسوق الفن وتحديد مستقبله، وتغيير الكثير فيه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mut43utn

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"