عادي
سبعة عشر هدفاً حددتها الأمم المتحدة

الاستدامة سبيل العالم لمواجهة تحدّي الكوارث الطبيعية

21:49 مساء
قراءة 4 دقائق
المباني الخضراء مستقبل الاستدامة
تحول الطاقة عنصر حاسم في تحقيق الاستدامة
جناح الاستدامة في دبي إكسبو 2020

دبي: «الخليج»

مع تهديد تغير المناخ الذي يلوح في الأفق، وما نراه من كوارث طبيعية متلاحقة يجد العالم نفسه في مواجهة تحديات جديدة أهمها التنسيق والعمل الجاد لتحقيق أهداف الاستدامة التي حددتها الأمم المتحدة وعددها سبعة عشر هدفاً.

في حين أن رقعة الشطرنج الجيوسياسية لم تكن خالية من الصراعات على مر العصور، فقد دفعت حرب أوكرانيا العالم إلى مرحلة جديدة من عدم اليقين، ما أدى إلى تأجيج أزمة الطاقة، وتفاقم الضغوط التضخمية، ومن ثم ندرة الغذاء والموارد وتفكك عالم منقسم أصلاً.

لقد ألقت الحرب بظلال من عدم الثقة بين القوى العظمى، حيث وصفها الكثير بأنها بداية الحرب الباردة الثانية، ما زاد المخاوف من أن العالم على شفا حرب عالمية شاملة، لم نشهد مثلها منذ عام 1945.

مستقبل سلمي

وهذا لا يبشر بالخير فيما يتعلق بأملنا الجماعي في مستقبل سلمي ومستدام، ومع ذلك، هناك حجة مفادها بأنه وسط هذه الدرجة العالية من التفكك الدولي، تصبح قضية دفع العمل المناخي وتعزيز التنمية المستدامة أكثر إلحاحاً. فهي في الواقع تحمل المفتاح نحو تسهيل التعاون الدولي وأن تصبح رافعة حاسمة لتنسيق العلاقات الجيوسياسية.

وليس العمل على تعزيز مبادئ الاستدامة الدولية بعيد المنال، كما قد يتصور بعضهم. وقد أدت التقارير الأخيرة الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التي تحذر من الرمز الأحمر للبشرية، التي تكملها الكوارث المناخية الواضحة للغاية التي تتزايد وتيرتها، إلى زيادة إلحاح ضمان تحقيق الهدف المشترك المنشود في خفض درجة حرارة الكوكب 1.5 درجة مئوية.

لقد أصبح من الواضح أن أي أزمة جيوسياسية ستؤدي إلى تفاقم أزمة المناخ وآثارها السلبية بشكل أكبر.

تعدّ الأزمة الروسية الأوكرانية مثالاً رئيساً على ذلك، حيث كان لأزمة الطاقة والغذاء الناتجة تأثير سلبي أكبر في الدول الأشد فقراً والأكثر ضعفاً - أولئك الذين هم بالفعل في الطرف المتلقي لاضطراب المناخ. وفي حين أن الزمن المتبقي على تحقيق أهداف التنمية المستدامة هو أقل من عشر سنوات، فإن الحاجة إلى تكثيف جهود التعاون العالمي أمر حساس من حيث الوقت.

عتبات الكواكب

وقد وضع خبير المناخ البارز، يوهان روكتروم، تصوراً لإطار عمل يسمى «عتبات الكواكب»، يسرد تسعة حدود لنظام الأرض، التي يجب ألا نتخطى حدودها للحفاظ على مرونة الكوكب واستدامته. يجب الحفاظ على الحدود بين العتبات مثل تغير المناخ، وسلامة المحيط الحيوي (التنوع البيولوجي)، والتدفقات البيوجيوكيميائية وغيرها، ويمكن أن يؤدي تجاوز واحدة أو أكثر من هذه العتبات إلى ضرر عالمي كارثي.

يفترض إطار العمل الترابط الشديد بين هذه العتبات الكوكبية، ما يجعلها شديدة الاعتماد على بقاء بعضها بعضاً، لذلك فإن أي جهود تجاه العمل المناخي أو التنمية المستدامة تهدف إلى حماية هذه العتبات، لتجنب وقوع كارثة، لا بدّ أن تتم في إطار من التعاون الدولي.

الجهود الإيجابية

وفي ظل تفاقم أزمة التجزئة الجيوسياسية، سيؤدي عدم التعاون إلى نتائج سلبية للعالم بأسره. وحتى إذا خفضت إحدى الدول انبعاثاتها بشكل كبير، بينما ظل بلد آخر متخلفاً في هذا الجانب، فستحيّد الجهود الإيجابية أولئك الذين لا يتعاونون في العمل المناخي أو جدول أعمال الاستدامة، بسبب الترابط بين جميع عتبات كوكبنا.

تستلزم «لعبة المجموع الإيجابي» أن يكون مجموع المكاسب والخسائر الإجمالية أكبر من الصفر، وهي حالة لا يربح فيها أحد على حساب شخص آخر. إن السيناريو الذي يتعاون فيه العالم لمكافحة تغير المناخ في ظل وحدة عالمية من أجل التنمية المستدامة هو في الأساس لعبة محصلة إيجابية، حيث تكون القيمة المتولدة والفوائد المتراكمة أكبر من مجموع كل الجهود المبذولة لتحقيق هذا المسعى.

ليس هناك شك في مدى الترابط الكبير بين أهداف الاستدامة المختلفة، حيث، على سبيل المثال، يمارس تحول الطاقة (الهدف ال 7 على قائمة أهداف الأمم المتحدة) تأثيراً في العمل المناخي (الهدف ال 13)، وترتبط المساواة بين الجنسين (الهدف ال 5)، مع كل هدف من أهداف التنمية المستدامة، والروابط غير المباشرة بين كل هدف من أهداف الاستدامة الأخرى، مثل حفظ التنوع البيولوجي واستدامة المحيطات (الهدفان ال 14 وال 15)، والعمالة والنمو الاقتصادي (الهدف ال 8)، وتمكين الاقتصاد الدائري (الهدف ال 12) وما إلى ذلك - مع روح تعتمد أهداف التنمية المستدامة على ترابطها وقدرتها على تعزيز تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأخرى.

ازدهار شمولي

سوف تنعكس أي مكاسب محلية ناجمة عن العمل المناخي وجهود التنمية المستدامة في نهاية المطاف، في شكل فوائد للعالم بأسره، وهي أكثر من حقيقة موضوعية عالمية مفادها بأن العمل المناخي بالإجماع والتنمية المستدامة سيؤديان إلى ازدهار عالمي وشمولية واستدامة تتجاوز الخلافات الجيوسياسية.

لطالما كانت هناك قضية لوصف هوية دولية تتجاوز الهويات الإقليمية، بطريقة تخدم المصالح الجيوسياسية نحو التعاون على نطاق كوكبي نحو الإنسانية، وازدهارها، وشمولها، واستدامتها. نحن في مرحلة قد لا تكون فيها أي مصالح ذاتية الخدمة لا تخدم الأولويات العالمية عموماً، أهدافاً مثالية جديرة بالمتابعة، على الرغم من أن الأولويات الإقليمية تجاه التنمية في بعض البلدان قد تحل محل الإلحاح على حماية كوكب الأرض.

العدالة المناخية

كان تفعيل صندوق الخسائر والأضرار الذي أقره مؤتمر«كوب 27» في شرم الشيخ، خطوة ناجحة نحو العدالة المناخية، ويمثل صيغة لمعادلة المسؤوليات التاريخية تجاه العمل المناخي بين البلدان المتقدمة والنامية، ولكن بدون إجماع عالمي على جهود الاستدامة، تكملها الوحدة الدولية وإرادة الجميع للتخلي عن المصالح المحلية، فإن الأمل في جبهة موحدة من أجل مجتمع وكوكب أفضل سيظل حلماً بعيد المنال. وسيبقى مصير العالم رهنا بقدرتنا على العمل من أجل إنقاذه، ليس كأصحاب مصلحة منفصلين، ولكن معاً وفي انسجام تام.

لا شك أن الحفاظ على نظامنا البيئي الهش والمترابط سوف يتطلب مشاركة جادة في تحقيق أهداف الاستدامة السبعة عشر التي حددتها خطة الأمم المتحدة، من جميع دول العالم وحكوماته. وهنا قد يكون من الضروري أن يعود العالم إلى سياسات العولمة التي كانت سائدة في أوائل القرن الحادي والعشرين، والتعاون بقوة حتى نتمكن من العودة إلى الطريق الصحيح كي نصبح مواطنين عالميين حقيقيين - حماة لكوكبنا المشترك، متحدون من أجل عملنا المناخي وعبر جهود الاستدامة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3ydarsae

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"