في التربية العلمية تنمية الخيال

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

ما هي أروع طريقة لتنمية الخيال وتربيته لدى الطفل؟ ابحث في الكون كله عن أروع طريقة فلن تجد ما هو أروع من الكون نفسه. ببساطة، على الآباء والمناهج نشر التربية العلمية، علوم الكون وعلوم الأرض، فهي أعظم ينبوع للخيال. عبثاً يحاول العقل الذهاب إلى ما هو أبعد من تخوم الكون، وأبعد ممّا دون أصغر الجسيمات ما دون الذرية، فالفوتون فتنة الفتون.

أيّ خيال يمكن أن يسافر إلى الثغور القصيّة الواقعة على مسافة خمسين مليار سنة ضوئية. ما إن يجري الرقم على لسان فكرك حتى يتجاوز الخمسين، فالكون يتوسع وكلما ازداد البون بعداً ازدادت سرعة النأي. لكن المحيّر الأكبر هو أن العقل وما وصلت إليه الفيزياء الفلكية لا يعلمان شيئاً عمّا وراء ذلك. الكون الذي يعلم العلماء أنهم لا يعلمون عنه شيئاً علم اليقين، يتمثل في ظنهم أنه يضمّ ألفي مليار مجرة. في مطلع القرن العشرين، كان العلماء يتوهمون أن سكة التبانة هي كل الكون، فإذا هو أكبر تريليوني مرة، فهل هم على يقين من أنه ليس أكبر مليارات المرات؟

أليس رائعاً أن أكبر العلماء لا يعرفون شيئاً في هذه الفيافي المعرفية؟ ما نعرفه نحن غير الفيزيائيين، ضئيل محدود. أمّا في عالم أصغر صغير فالذرة أشدّ تدويخاً. عالم أرقام الأوزان والمقاييس أيضاً فيه عجائب. كيف تستطيع أن تتصور حجماً أو كتلة مثل مصطلح يوكتوجرام؟ عندما تذهب إلى القصاب وتطلب منه كيلوجراماً من اللحم فإنه لا يكترث بثلاثين جراماً فوق الكيلو. هو لا يخطر على باله شيء مثل اليوكتوجرام: ناقص مليون مليار تريليون من الكيلوجرام. حتى بائع الماس والذهب لا يستوعب هذه المقاييس ولا يستطيع إليها سبيلاً.

أيّ خيال يستوعب أن السنتيمتر المكعب من النجم النيوتروني يزن مليار طن. السنتيمتر المكعب عندنا حمّصة، قطعة سكر، بندقة. تخيل أن يعادل مئة مليار خروف. خيال العلوم إذاً فوق الخيال العلمي. ماذا يدور في ذهن الصغير حين نحسن عرض هذه الخوارق الكونية والطبيعية؟ نكون قد أهّلناه للسباحة في بحار العلوم. هذه البنية التحتية في التربية العلمية يجب أن تتأسس في الأسرة قبل المدرسة، وهي لا تستدعي منهاجاً أكاديمياً، تغتنم فرصها حول المائدة، في الحدائق وفي الرحلات... حدّثوا الطفل عن الثقوب السوداء، وأنها تبتلع الشموس مثلما نزدرد نحن اللقيمات.

لزوم ما يلزم: النتيجة الفلسفية: اجعلوا التربية علماً والعلم تربية، سيرى الكون ديوان شعر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5ent48kh

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"