عادي
«النقد الدولي» يرسم مسار 14 اتجاهاً تشكل ملامح 2023

اقتصاد الإمارات.. الدفة تسير عكس رياح الصدمات العالمية

23:18 مساء
قراءة 5 دقائق
دبي: فاروق فياض

على الرغم مما يشهده الاقتصاد العالمي من تباطؤ ملحوظ، خاصة الاقتصادات المتقدمة إلا أن هناك تفاؤلاً بشأن التحسن الذي ستشهده بعض الاقتصادات مثل اقتصاد دولة الإمارات، الذي خرج من مرحلة التعافي وبدأ مساره الطبيعي نحو النمو بثبات، في خضم تفشي «الجائحة» التي عصفت بالاقتصاد العالمي، وقيدت سلسلة التوريد والإمداد.

وساعدت عوامل كثيرة في نمو اقتصاد دولة الإمارات خلال العامين الماضيين، مقارنة مع ما شهدته اقتصادات دول متقدمة كثيرة، وأهم تلك العوامل التي سرعت من وتيرة تعافي اقتصاد الإمارات؛ السياسات التي تبنتها للتعامل مع مختلف المتغيرات، حيث ساهمت حزمة القوانين الاقتصادية الجديدة واتفاقيات التجارة الحرة المتنوعة في دفع النمو بصورة كبيرة، كما ساهمت الظروف الجيوسياسية التي رفعت من أسعار النفط إلى مستويات قياسية، بتعزيز هذا النمو، إضافة إلى التطورات المحلية والإقليمية التي دعمت نمو القطاعات الاقتصادية وتعافيها.

هذا ما خلصت إليه دراسة اقتصادية أعدتها لجنة متخصصة من قبل «وزارة الاقتصاد» استناداً إلى توقعات «صندوق النقد الدولي» لآفاق الاقتصاد العالمي للعام الجاري.

1

 

 

1

اتجاهات عالمية

أوضحت الدراسة أن عدة اتجاهات اقتصادية قد بات طابعها الأكثر شمولية في خضم تفشي «الجائحة» وكذلك تداعيات الأزمة الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا وهما مصدران رئيسيان ورافدان مهمان للكثير من السلع الاستراتيجية والرئيسية وارتفاع أسعار الطاقة، ومن أهم هذه الاتجاهات:

  1. يشهد النشاط الاقتصادي العالمي تباطؤاً واسعاً فاقت حدته التوقعات، مع تجاوز معدلات التضخم مستوياتها المسجلة خلال عدة عقود سابقة.
  2. أزمة تكلفة المعيشة الناجمة عن اتساع نطاق الضغوط التضخمية، وتشديد الأوضاع المالية، فمعظم المناطق، والأحداث في أوكرانيا. واستمرار جائحة «كوفيد- 19».
  3. سيشهد أكثر من ثلث الاقتصاد العالمي حالة من الانكماش في 2023، مع استمرار تباطؤ النشاط في أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم: الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة «اليورو» والصين.
  4. أزمة شديدة في الطاقة على مستوى أوروبا، نتيجة التوترات الجيوسياسية، والتي أدت إلى ارتفاع حاد في تكلفة المعيشة وتعثر النشاط الاقتصادي.
  5. ارتفاع أسعار الغذاء في الأسواق العالمية نتيجة النزاع الروسي - الأوكراني، والذي أثر سلباً في جميع الأسر منخفضة الدخل حول العالم، ولا سيما في البلدان منخفضة الدخل.
  6. تسارع وتيرة التشديد النقدي عبر البلدان نتيجة تسارع نطاق الضغوط التضخمية، مما سيؤدي إلى تراجع الطلب وكبح جماح التضخم تدريجياً.
  7. تسجيل الدولار الأمريكي ارتفاعاً قوياً مقابل معظم العملات الأخرى.
  8. استمرارية الضغوط السعرية التي تشكل مصدر قلق بالغاً بالنسبة لصناع السياسات.
  9. التباطؤ الاقتصادي في الصين، نتيجة الإغلاقات المتكررة في إطار تطبيق استراتيجية «صفر كوفيد» وتراجع قطاع العقارات سريعاً، الذي يمثل نحو خمس النشاط الاقتصادي في الصين، الأمر الذي يشكل عبئاً جسيماً على مستويات التجارة والنشاط العالمي، نظراً لحجم الاقتصاد الصيني وأهمية دوره في سلاسل الإمداد العالمية.
  10. استمرار معاناة العديد من الاقتصادات منخفضة الدخل والاقتصادات النامية من مستويات المديونية الحرجة.
  11. الاقتصاد العالمي أصبح قريباً من مواجهة موجة عاصفة تحمل في طياتها اضطرابات مالية، مما سيدفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذ آمن لاستثماراتهم مثل سندات الخزانة الأمريكية طلباً للحماية، الذي سيؤدي إلى ارتفاع قيمة الدولار مجدداً. وزيادة هائلة في الضغوط التضخمية ومواطن الهشاشة المالية في باقي أنحاء العالم، ولا سيما في الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
  12. تباطؤ نمو التجارة العالمية بشكل حاد.
  13. أدى تصاعد التوترات الجيوسياسية المتعلقة بالأحداث الجارية بين روسيا وأوكرانيا والتدهور الأخير في العلاقات الصينية الأمريكية إلى تعريض التعاون العالمي بشأن أهداف المناخ للخطر، مع تأثيرات سلبية على التجارة العالمية وتدفق رأس المال.
  14. اختلال سلاسل الإمداد، والتي ستزيد من القيود على النمو بسبب تداعيات الأزمة في أوكرانيا.
     
  • توقعات «أوسطية»

وتوقعت الدراسة بناءً على مؤشرات «صندوق النقد الدولي» أن يرتفع النمو في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى إلى 5 % في 2022، مما يعكس إلى حد كبير التوقعات الإيجابية لمصدري النفط في المنطقة ومنها دول مجلس التعاون الخليجي، وتأثيرا خفيفا بشكل غير متوقع للأحداث في أوكرانيا على القوقاز وآسيا الوسطى.

وخلال عام 2023، من المتوقع أن يتراجع النمو في المنطقة إلى 3.6 % مع انخفاض أسعار النفط والرياح المعاكسة الناجمة عن التباطؤ العالمي والأزمة في أوكرانيا. ويتوقع الصندوق نمو الناتج المحلى الإجمالي لدولة الإمارات في عام 2023 بنسبة 4.2 % ليفوق بذلك متوسط النمو مجموعة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى المتوقع بلوغه 3.6 %، وكذلك أعلى من النمو في مجموعة الاقتصادات المتقدمة وكذلك مجموعة اقتصادات الأسواق الصاعدة باستثناء الهند.

ومن المتوقع أن يحقق اقتصاد الإمارات نمواً أعلى من معدل نمو الاقتصاد العالمي بنحو 1.5% في 2023. كما يتوقع أن يتفوق نمو اقتصاد الإمارات نمو اقتصادات بقية دول مجلس التعاون في 2023.

وتوقع «الصندوق» أن يبلغ معدل التضخم في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى 13.8 % في المتوسط لعام 2022 وأن ينخفض قليلاً في 2023 إلى 13.1 %، مدفوعا بأسعار الغذاء والطاقة.

وتوقع الصندوق أن يبلغ معدل التضخم في دولة الإمارات نحو 5.2 % في 2022، ليكون بذلك أقل من نصف معدل التضخم لمجموعة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى المتوقع بلوغه نحو 13.8 %، مع توقع انخفاض معدل التضخم للإمارات لنحو 3.6 % في 2023 أقل من نصف معدل التضخم لمجموعة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى المتوقع بلوغه نحو 13.1% في 2023.

ويتوقع أن يكون معدل التضخم في الإمارات عام 2023 أعلى من معدلات التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي، وأقل بنحو 2.6 % من التضخم العالمي في 2023، والذي يتوقع أن يصل إلى 6.5 %، وكذلك أقل من التضخم في معظم الاقتصادات المتقدمة والناشئة.

1
  • إجراءات مقترحة

ويقترح «صندوق النقد الدولي» جملة من الاقتراحات لمواجهة مزيج متباين من أزمات تكلفة المعيشة والطاقة والغذاء، وخاصة لتلك الدول التي شهدت تعافياً شبه كلي من آثار «الجائحة» وفي مقدمتها دولة الإمارات، وأبرزها:

  1. ضرورة مواصلة السياسة النقدية والعمل على استعادة استقرار الأسعار، مع توجيه السياسة المالية العامة نحو تخفيف الضغوط الناجمة عن تكلفة المعيشة، على أن يظل موقفها متشدداً بدرجة كافية اتساقاً مع السياسة النقدية.
  2. إجراء الإصلاحات الهيكلية، من خلال تحسين الإنتاجية والحد من نقص الإمدادات؛ إذ إن لها دوراً إضافياً في دعم مكافحة التضخم.
  3. يمثل التعاون متعدد الأطراف، أداة ضرورية لتسريع مسار التحول إلى الطاقة الخضراء.
  4. إعادة بناء الاحتياطيات المالية الوقائية، فكلما ازداد الحيز المالي في الدولة، كانت أكثر قدرة على حماية الأسر والشركات.
  5. ينبغي ألا تتعارض أغراض سياسة المالية العامة مع مساعي السلطات النقدية في السيطرة على التضخم. وإلا سيطول الكفاح من أجل خفض مستويات التضخم، وتزداد تكلفة التمويل، وتتفاقم حالة عدم الاستقرار المالي، مما سيصعب على سلطات المالية العامة والسلطات في القطاع النقدي والمالي أداء مهامهم.
  6. تمثل الإشارات السعرية أداة مهمة لكبح الطلب وزيادة العرض، فالضوابط السعرية أو الدعم غير الموجّه أو حظر التصدير جميعها إجراءات تفرض تكلفة باهظة على المالية العامة وتؤدي إلى فرط الطلب، ونقص الإمدادات وسوء التوزيع وترشيد الاستهلاك وعلاوات سعرية في السوق السوداء، لذا ينبغي أن تستهدف سياسة المالية العامة؛ حماية الفئات الأكثر عرضة للمخاطر من خلال صرف تحويلات موجهة ومؤقتة.
  7. من المهم أن ترتكز السياسات على إطار مالي متوسط الأجل يتسم بالمصداقية.
  8. الاستثمار في تعزيز الطاقة الإنتاجية، ومن شأن رأس المال البشري والتحول الرقمي والطاقة الخضراء، وتنويع سلاسل الإمداد جعل الاقتصادات اكثر صلابة في مواجهة الأزمة القادمة.
  9. تكمن الاستجابة الملائمة في معايرة السياسة النقدية للحفاظ على استقرار الأسعار، مع السماح بتعديل أسعار الصرف والاحتفاظ باحتياطيات النقد الأجنبي لاستخدامها إذا ما ساءت الأوضاع المالية للغاية.
  10. المضي قدماً في إعادة هيكلة الديون بصورة منظمة من خلال الإطار المشترك لمجموعة العشرين لصالح البلدان الأكثر تضرراً لتجنب موجة من أزمات الدين السيادي.
  11. تنفيذ سياسات المناخ اللازمة لدرء التغيرات المناخية الكارثية.
  12. تحسين أطر تسوية الديون بشكل ملموس لمعالجة حالة المديونية الحكومية الحرجة المتزايدة بسبب انخفاض النمو وارتفاع تكاليف الاقتراض.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/335bfa54

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"