عادي
أكبر عصف ذهني دولي تستضيفه وتديره الإمارات سنوياً

قمة الحكومات.. آفاق جديدة لصياغة مستقبل أفضل للشعوب

00:01 صباحا
قراءة 8 دقائق
1

دبي: محمد الماحي

ظلت القمة العالمية للحكومات، عبر دوراتها المتتالية تعمل على تطوير نموذج مبتكر لتعزيز الجاهزية الحكومية للمستقبل ركيزته الإنسان ودعائمه الاستشراف والاستباقية، وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة في بناء الجيل الجديد لحكومات المستقبل، القادرة على ابتكار الحلول والأدوات الكفيلة بتحقيق الاستجابة السريعة للمتغيرات، والتغلب على التحديات والتأقلم مع العوامل الطارئة غير المتوقعة، وأصبحت عنواناً دولياً للحوار البنّاء وترسيخ الشراكات الإقليمية والدولية الهادفة، إلى جانب كونها منصة معرفية ومنبراً لاستعراض التجارب الحكومية المتميزة.

تعد القمة العالمية للحكومات خير مثال على رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حول أهمية الابتكار والتطوير في منظومة العمل الحكومي بما يضمن مواكبة المتغيرات وتعزيز قدرة الحكومات على تنفيذ الاستراتيجيات والخطط التنموية المستدامة بما يحقق طموحات شعوبها ويضمن للأجيال الحالية والقادمة مستقبلاً مشرقاً، تحولت قمة الحكومات إلى أكبر تجمع عصف ذهني دولي تستضيفه وتديره دولة الإمارات سنوياً، من أجل مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل ورسم خريطة الطريق لمستقبل العمل الحكومي والشؤون العامة على مستوى العالم، ونجحت على مدى عقد من الزمن في ترسيخ مكانتها كأحد أبرز المنتديات العالمية تأثيراً وقدرة على صنع الفارق وطرح المبادرات.

فرصة نوعية

وشكلت القمة خلال أول انعقاد لها في 2013 فرصة نوعية، لبحث أوجه التعاون الدولي والشراكات العالمية الجديدة في تمكين الجيل القادم من الحكومات، وتسليط الضوء على أولويات التعاون الدولي والخطط الاستراتيجية المستقبلية لتحقيق تأثير إيجابي عالمي على المجتمعات، وانتقل هذا العام إلى مستوى جديد تستشرف فيه مستقبل الإنسان في كل القطاعات لتقديم الإجابات اليوم عن أسئلة الغد حتى يتحقق شعارها لهذه الدورة «تشكيل حكومات المستقبل» من خلال التخطيط والتنسيق والعمل كمحفّز رئيسي لتحقيق ذلك.

وتتميز القمة في دورتها لعام 2023 بكثافة التمثيل العالمي حيث تتميز بمشاركة 10000 مسؤول حكومي وخبير عالمي.

وعلى مدار 72 ساعة سترسم القمة مستقبل العالم للأعوام القادمة كما ستعلن عن مسارات جديدة تنهي الأزمات الحالية باعتبارها مرجعاً عالمياً للحكومات والدول، ومنصة تجمع العقول وأصحاب الأفكار الإبداعية وصنّاع القرار من جميع أنحاء العالم في شراكات فاعلة لاستكشاف فرص جديدة وإيجاد حلول مبتكرة للتحديات وصناعة وتصميم مستقبل أفضل للبشرية.

وتمتاز دورة هذا العام بتعدد محاورها التي تؤسس لحراك عالمي كبير وتعاون دولي غير مسبوق يتصدى للمتغيرات المتسارعة التي تؤثر في أداء الحكومات حاضراً ومستقبلاً. وتمثل القمة أكبر تجمع للخبراء والمفكرين والعلماء والرواد المتميزين في مختلف المجالات.

الانتعاش الاقتصادي

وفي الوقت الذي دخل العالم في متاهة تضخم وديون باتت تشكل قنبلة يمكن أن تنفجر باقتصاده بين لحظة وأُخرى، مع استفحال الغلاء وشح السيولة في العديد من الدول حول العالم لأسباب مختلفة، تأتي القمة العالمية للحكومات في 2023 لتضع حلاً نهائياً لحكومات العالم بعد أن أفردت محوراً تحت عنوان «حوكمة المرونة الاقتصادية والتواصل» تناقش من خلاله عمليات دعم وتطبيق الأطر والهياكل الاقتصادية والسياسات التي تساهم في تعزيز الانتعاش الاقتصادي وتمكين الحكومات في تحقيق المرونة الاقتصادية والازدهار والشفافية عن طريق الحد من آثار الأزمات من صنع الإنسان.

وتمثل القمة العالمية للحكومات منصة رائدة في تحويل مفهوم حوكمة المرونة الاقتصادية إلى منظومة لإدارة التغيير الشامل من خلال تبادل البيانات والمهارات والمعارف التي تعتبر أساساً هاماً لتحقيق أهداف السياسات العامة ونجحت حكومة الإمارات في خطواتها الهامة في هذا الاتجاه، وتواصل ترسيخ دورها الريادي في مجال الابتكار الحكومي بتوجيهات القيادة الرشيدة، وسوف تساعد القمة الحكومات في وضع استراتيجية وطنية لبيانات القطاع العام لتصبح أساساً لتقدم ونضج الجهود الرقمية العابرة للحدود، كما ستساعد الحكومات بدمج القدرات الحيوية للتعاون والابتكار العابر للحدود في أطر الكفاءات وبرامج التدريب وإدارة المواهب.

الفكر الجديد

وفي الوقت الذي ساءت آفاق أسواق العمل العالمية في العام الماضي، وتراجعت الوظائف الشاغرة وفقًا للاتجاهات الحالية، وتدهور نمو التوظيف العالمي بشكل كبير في الربع الأخير من عام 2022، وفقًا لتقرير جديد أصدرته منظمة العمل الدولية، تجمع قمة الحكومات في 2023 العالم لتضع الحل الناجع لهذه الأزمة من خلال محور اساسي بعنوان «التعليم والوظائف كأولويات الحكومة» الذي سوف يركز على إعطاء الأولوية للتعلم والعمل كأمر أساسي في تحقيق التغييرات للأجيال القادمة وتطويرها، وأهمية تكيف الحكومات مع الظروف والتغيرات السريعة في القوى العاملة والقطاعات التعليمية لدعم الفكر الجديد ونماذج العمل والتنمية الوطنية وتطوير المهارات.

وسوف تعمل القمة على ترتيب أولويات الحكومات في تحديد القطاعات الرئيسية للنمو، وتقييم إمكانات الموظفين، بما يضمن وضع خطط شاملة لتحسين مهاراتهم ورفع كفاءاتهم وقدراتهم، إضافة إلى تحفيز الجيل الجديد من المتعلمين، وتأهيلهم لدخول سوق العمل والمشاركة الفاعلة في التنمية.

وستضع القمة توصيات استراتيجية مستقبلية يمكن للحكومات الاعتماد عليها في عملية بناء القدرات والاستعداد لسوق العمل المستقبلي، تتضمن تحديد فجوة المهارات بناءً على الأولويات الوطنية، والتخطيط لإدارة التغيرات الناجمة عن تطور المهارات وحلول التقنيات الناشئة، وتعزيز المرونة في تلبية احتياجات القطاع، وتطبيق المستوى المناسب للحوكمة، إضافة إلى تصميم وإدارة هيكل ونظام مناسب وسريع الاستجابة يتماشى مع خصائص السكان.

وستساعد القمة الحكومات في التغيير الجذري للمؤسسات التعليمية من خلال التركيز على ضرورة بناء القدرات المستقبلية عبر تطوير أنظمة تعليمية مستقبلية، ترتكز على التكنولوجيا وتوظف التطورات الرقمية بما يضمن تعزيز مبدأ التعلم طوال الحياة، وتطوير المهارات بالاعتماد على مصادر المعلومات المختلفة، وبناء أنظمة تعليمية مرنة تواكب تطلعات الجيل التالي.

وضوح الرؤية

يقف العالم اليوم في ظل تسارع وتيرة الأحداث والمتغيرات أمام مفترق طرق لان مستقبل التوازنات الاستراتيجية والجيو ستراتيجية العالمية اليوم على المحك، في ظل ما يشهده العالم من أحداث وعدم وضوح الرؤية على المديين القريب والمتوسط، وطبيعة التوازنات العالمية الجديدة، والتبعات الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية، وموضوع التضخم وتداعياته وأسعار الفائدة والبترول والغاز والمشتقات النفطية الأخرى وبعض المعادن المهمة والمحاصيل الزراعية وسلاسل الإنتاج والتوريد وتحديات التغير المناخي وغيرها، وفي ضوء هذا الواقع العالمي الجديد تبحث القمة العالمية للحكومات 2023 التي تشكل أكبر تجمع حكومي لوضع سياسات واستراتيجيات وبرامج استباقية تعزز جاهزية الحكومات ومرونتها للمرحلة المقبلة، وتشكل فرصة مثالية، في هذا الظرف الدولي الحساس، في صياغة الحلول، وهي مهمة ليست مستحيلة أمام خيرة العقول التي تجتمع في رحاب تجربة تنموية رائدة أساسها روح التعاون والعمل الجماعي، وهو ما يحتاجه العالم اليوم، ومن دون تلك الروح سيبقى كل شيء مهدداً، وحياة مليارات البشر في خطر. الإمارات توفر الفرصة للعبور الآمن إلى المستقبل شرط الانحياز للتعاون والازدهار، كما هي الإمارات.

منتديات وتقارير

تحتضن القمة سنوياً عدداً من المنتديات والتقارير المعرفية عالمياً، بالشراكة مع عدد من المنظمات الدولية، والمؤسسات التكنولوجية العالمية، والشركات الرائدة، والمؤسسات المجتمعية التي تعنى بابتكار الحلول الجديدة للتحديات التي تواجه المجتمعات الإنسانية، كما تتضمن مجموعة متنوعة من الجلسات التفاعلية ضمن عدة محاور رئيسية تشمل المحركات الاستراتيجية للحكومات، وجاهزية الحكومات للمستقبل، وتمكين مجتمعات المستقبل وأبرز التحديات العالمية الحالية والمستقبلية، وسبل الارتقاء بالأداء الحكومي، وتعزيز قدرة الحكومات على استباق التغيرات المتسارعة والاستعداد لها وابتكار الحلول التي تضمن توظيفها في تحسين حياة المجتمعات، كما تركز على آفاق التطورات المستقبلية في مختلف القطاعات العلمية والتكنولوجية والطبية والمجتمعية، وكيفية استثمارها وتوجيهها بما يصب في صالح المجتمعات، ويضمن بناء مستقبل مستدام للأجيال القادمة.

ويعول العالم على ما سينتج عن أعمال وجلسات القمة العالمية 2023، من توصيات وحلول للمساهمة في تحديد التوجهات العالمية الجديدة ورسم خريطة طريق للحكومات لمرحلة ما بعد أزمة الطاقة والحرب الروسية الأوكرانية وشح الغذاء، باعتبارها التجمع العالمي الأكبر من نوعه منذ تصاعد هذه الأزمات، خصوصاً أنها تمكنت عبر دوراتها السابقة من ترسيخ مكانتها الدولية مختبراً عالمياً للأفكار والرؤى واستشراف وصناعة المستقبل.

القدرات الرقمية

بعد أزمة كورونا أصبحت الحاجة العالمية ملحة لمدن ذكية لكي تكون أكثر قدرة على الصمود بوجه الأزمات، كما أبرزت الجائحة دور التحول الرقمي في مساعدة المؤسسات على التطور لتصبح كيانات غير مرتبطة بالموقع ويمكنها الربط بين العاملين عن بعد فيما تحقق نتائج محسّنة وفيما ننتقل إلى وضع طبيعي جديد في عالم ما بعد الجائحة، فإن القدرات الرقمية ستستمر في كونها مقياسًا للصمود الاقتصادي، لذلك أفردت قمة الحكومات محوراً هاماً تحت عنوان «تصميم واستدامة المدن العالمية» يسلط الضوء على أهمية تسريع عملية الاستدامة وتوفير الموارد لعالمنا نحو التحضر السريع ويمكن للحكومات أن تنشئ مدناً مستدامة من خلال علم النفس الحضري والبنية التحتية الذكية وأنظمة النقل المستدامة وإنتاج واستهلاك الطاقة المستدامة إلى جانب مشاركة المواطنين والحكومات.

وتستعرض القمة أهم الابتكارات والمبادرات العالمية التي أطلقتها المدن من مختلف قارات العالم بما يضمن تعزيز الابتكار وتسريع التحول الرقمي، لتوفير خدمات مجتمعية متكاملة للأفراد، حيث تسلط القمة الضوء على مبادرة الإمارات «مؤشر السعادة» بهدف تحسين الخدمات المقدمة للأفراد وتعزيز جهود التنمية المستدامة. وتقدم القمة حلولاً عملية لقادة المدن والإداريين والمسؤولين والشركاء وصناع القرار حول كيفية بناء المرونة في تخطيطهم وكيفية الاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية باستخدام التكنولوجيا.

وتساعد القمة الحكومات على اتخاذ القرارات السريعة ووضع أولويات وطنية جديدة تمكّنها من تحقيق التحول الرقمي السريع وتعزيز فاعلية الخدمات التي يتم تقديمها للأفراد، وأهمية تطوير هوية جديدة بالاعتماد على ثلاثة أنواع من الرؤى المستقبلية، تشمل: وضع طموحات طويلة المدى، وتطوير رؤى متوسطة المدى، إضافة إلى تعزيز الأولويات الوطنية من خلال وضع أدوات وآليات عمل جديدة لرفع مستوى خدمات الأفراد على المدى القصير.

فرصة مثالية

أصبحت الفرصة اليوم مواتية أكثر من أي وقت مضى لإعادة صياغة نظام الرعاية الصحية في العالم وكان التركيز سابقاً يتمحور على تحسين البنية التحتية المادية للمستشفيات، ولكن الآن، أظهرت التغيرات في أنظمة الرعاية الصحية في كثير من بلدان العالم وجود فرصة مثالية لتسريع عملية التحول الرقمي لأنظمة الرعاية الأولية والمجتمعية، ومن هنا جاء محور «مستقبل المجتمعات والرعاية الصحية» في القمة العالمية للحكومات 2023 ليتناول أثر العولمة على المجتمعات الافتراضية وأهمية معالجة القضايا المتعلقة بأخلاقيات العمل والسلوك ومعالجة حالة أنظمة الصحة العالمية بما يتضمن الصحة العقلية وتحليل التطورات المستقبلية.

وأعطت القمة الحكومات منظوراً جديداً لتعزيز الجاهزية لتحديات المستقبل وإيجاد حلول مبتكرة للتحديات ما يسهم في تحسين حياة الناس والمجتمعات البشرية، وتطرقت القمة إلى 8 مبادئ مهمة على الحكومات الاستناد إليها في بناء سياسات الرعاية الصحية الخاصة بها، تتمثل في ضمان التغطية الشاملة لتأمين أفضل الخدمات لصحة المجتمع وبناء منظومة الرعاية الصحية التي تركز على المريض، ومنح المرضى الفرصة للمشاركة في تقرير سبل الحفاظ على صحتهم وشكل الرعاية الصحية التي يتطلعون إليها، وزيادة كفاءة مقدمي الخدمات، وبناء أنظمة تتسم بالمرونة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، والتحليل الآمن والموثوق للبيانات، ووجود سلاسل إمداد قوية، والاستثمار في موظفي الرعاية الصحية، وإعادة التفكير في استراتيجيات الاستثمار الوطنية وإنتاجية القوى العاملة، وبناء قدرات الموظفين وتعزيز المهارات والموارد وتسخير التكنولوجيا لتحسين صحة الأفراد، ووضع خطط ذات رؤية مستقبلية تعتمد على التكنولوجيا الرقمية في إيجاد حلول لتحديات الرعاية الصحية.

اغتنام الفرص

شهد العالم أكثر من أزمة في قطاع الطاقة، كان لها أثر واضح في الاقتصاد، ودفعت للتفكير في ضرورة توفير حلول لها، كما لا يزال انعدام الأمن الغذائي في ازدياد منذ عام 2018 وحتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، كانت الصدمات المناخية المتصاعدة من حيث التكرار والحِدة، والصراعات الإقليمية المتأججة، وفي هذا الواقع المظلم تأتي قمة الحكومات 2023 لتكون الضوء الذي يسترشد به العالم لحل أزماته لذلك أفردت قمة الحكومات محور «استكشاف آفاق جديدة​»، ليبحث عن أهمية استكشاف آفاق جديدة للعلم من خلال العلوم والتكنولوجيا لحل أبرز التحديات واغتنام فرص العقد المقبل.

وستجمع القمة بين وضع السياسات واقتراح الحلول العملية لمواجهة التحديات المرتبطة الطاقة والغذاء باعتبار أن الطاقة والغذاء أهم الموارد، التي لا غنى عنها لاستمرار حياة البشر وتحقيق التنمية المستدامة، وتُمثِّل التغيُّرات المناخية تحدياً كبيراً يهدد توافر هذه الموارد المرتبطة ببعضها البعض.

وتدخل قمة الحكومات عقداً جديداً من المتغيرات المتسارعة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، ومجملها تعزيز التفكير الاستراتيجي الاستباقي، وتطوير الخطط الشاملة لتصميم سياسات المستقبل وتطويرها بما يتناسب مع التطورات العالمية.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p9544w3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"