عادي
«اختيارية» ورسومها تتراوح بين 200 إلى 300 درهم

الرحلات المدرسية.. ترفيه للطلبة على حساب ميزانية الأسرة

00:06 صباحا
قراءة 6 دقائق
1

تحقيق: محمد إبراهيم

الرحلات المدرسية تعد إحدى الوسائل التي تثري معارف الطلبة وخبراتهم تربوياً واجتماعياً، إذ يعتبرها مجتمع التعليم أداة مؤثرة لكسر جمود المناهج، ومساراً تعليمياً فاعلا لإكساب المتعلمين مهارات حياتية خارج قاعات الدراسة، ويبقى نجاح تلك الرحلات مرهون بجودة توظيفها وارتباطها بشكل وثيق بالمناهج والعلوم التي يدرسها الطالب وفق برامج علمية ممنهجة.

«الخليج» رصدت بعض الممارسات لعدد من المدارس الخاصة، إذ خرجت الغاية التعليمية، واستغلت هذه الفعاليات والأنشطة اللاصفية للتربّح، عبر المغالاة في رسوم الرحلات، لدرجة أن أولياء أمور عجزوا عن الوفاء بمتطلباتها، لتظل قدراتهم على مدار العام بين مطرقة كثافة الرحلات وغلاء رسومها وسندان المطالبات من الأبناء التي لا تنتهي، في المقابل رصدنا مدارس أخرى أسقطت نشاط الرحلات من أجندة أعمالها، حتى لا تشكل أعباء متجددة على أولياء الأمور، لاسيما الترفيه الذي لا يفيد عملية التعليم والتعلم.

أولياء أمور قالوا ل«الخليج» إن الرحلات جزء أصيل في عمل المدارس الخاصة، التي جعلتها مورداً متجدداً لتحقيق أرباح إضافية من جيوب أولياء الأمور، إذ إنها «اختيارية» ولكن رسومها مرتفعة للغاية، ولا تلامس المنهاج التعليمية ولا تقدم للمتعلمين قيمة مضافة، مطالبين بتشديد الرقابة والمتابعة الحثيثة على الرحلات المدرسية التي تغرد خارج سرب العملية التعليمية.

في المقابل يرى تربويون ومعلمون أن الرحلات المدرسية فرصة جيدة لتعليم الطلبة معارف جديدة خارج القاعات الصفية، واطّلاعهم على وقائع وحقائق تعجز الكتب عن وصفها مهما كانت بسيطة، معتبرين أنها تشكل ضرورة لتنمية مهارات الطلبة وبناء شخصيتهم، مؤكدين أهمية أن تكون إجبارية على جميع المدارس، مع وضع ضوابط تحكم جدولتها واختيار وجهتها ورسومها وتقيس مدى ارتباطها بالعملية التعليمية والمناهج الدراسية، حتى لا تخرج من مضمونها التربوي الاجتماعي.

وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية بالتعليم الخاص وضعت ضوابط ومعايير وآليات تطبيق أنشطة الرحلات المدرسية، لضبط إيقاع المدارس في إعداد وتنفيذ هذه الفعاليات من دون أي أعباء على الطلبة وأولياء الأمور.

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي بمختلف فئاته، مدى جدية الرحلات المدرسية وارتباطها بالمناهج الدراسية، وكيف تفيد المتعلمين وتتناسب رسومها مع القدرات المادية لأولياء الأمور بمختلف شرائحهم.

فقدان الدافعية

فقد الأبناء الدافعية للمشاركة في الرحلات المدرسية التي لا يتغير برنامجها، إذ يفضلون الغياب من المدرسة والبقاء في البيت في اليوم المصادف للرحلة، لاسيما أن الرحلات المتاحة كل عام بلا تجديد ولا تضيف لمعارف الطلبة ولا تشبع شغفهم، هذا ما أكده أولياء الأمور سامح.ع، وسهام.م، ونعمة. ه، ورحمة.ح، ميثاء.ج، ومضوا قائلين إن التنوع في الرحلات يعد مطلباً ملحّاً لدى المتعلمين ورهان ليتسابقوا إلى المشاركة.

وأفادوا بأن متوسط أسعار الرحلات في المدارس الخاصة يتراوح بين 200 -300 درهم للطالب، مما يشكل أعباء إضافية جديدة على الوالدين، إذ إن إدارات المدارس لا تتعامل مع هذه الرحلات بطريقة تربوية ولا تعي أهميتها للمتعلمين، ولكن تركيزها ينصبّ على الأرباح التي ستحقق في كل رحلة.

وأكدوا أن معظم الرحلات المدرسية تغرّد خارج سرب عملية التعليم والتعلم، ولا تخدم الصالح العام للطلبة، هذا لأنها متروكة لإدارات المدارس من دون حساب أو عقاب، لذلك نجد مدارس خاصة تولي الرحلات أهمية كبيرة، وتنظمها بكثافة كبيرة على مدار العام.

وطالبوا القائمين على قطاع التعليم بالتدخل، وإعادة تنظيم الرحلات المدرسية وعددها ووجهاتها، وفق جداول معتمدة، لضبط إيقاع فوضى الرحلات التي نشهدها في الميدان، فضلاً عن ضرورة عقد اتفاقيات مع الأماكن الترفيهية الكبرى ومراكز التسوق، لتخفيض رسومها للرحلات المدرسية.

الارتقاء بالمهارات

فريق آخر من أولياء الأمور ضم عبد الله.أ، ومحيي.ج، وإيمان.د، وسارة.م، أكد أهمية الرحلات التي تحاكي في مضمونها سياسة عملية التعليم والتعلم، للنهوض بمستويات الطلبة والارتقاء بمهاراتهم في كافة المجالات، وربط الجوانب النظرية بالجوانب العملية، وإكساب الطلاب مهارات تربوية مختلفة.

وأكدوا ضرورة تحديد قائمة الرحلات المدرسية، بمباركة وموافقة الجهات المختصة، منذ بداية العام مع وجود برنامج محدد، يخدم أهداف الرحلة، ويربط العملية التعليمية بالواقع الحياتي للمتعلمين، مشددين على أن تكون الرحلات برسوم مقبولة تناسب أولياء الأمور بمختلف شرائحهم.

جانب ترفيهي

في وقفة معهم أكد عدد من الطلبة ضم ياسين محمود وسهام عبد الله وسماح حسين وميساء الظاهري وأحمد ميدور، أن الرحلات المدرسية تشكل جانباً ترفيهياً كبيراً لهم ولزملائهم، إذ تنسيهم هموم الدراسة وتعيد لهم حيويتهم ونشاطهم من جديد وتعد من أهم الأنشطة التي تنظمها إدارات المدارس للطلبة، مشيرين إلى أن الرحلات التي تستهدف الأماكن التراثية والتاريخية تعد الأكثر جذباً.

وسيلة تعليمية

المعلمون إبراهيم القباني وريبال غسان العطا وشيرين حسين وماجد محمود، أكدوا أن الرحلات المدرسية تعد مصدراً لإثراء خبرات الطلبة التربوية والاجتماعية والمهارية، معتبرين إياها وسيلة تعليمية تربوية ناجحة لكسر روتين المناهج الدراسية، والحصص الصفية، لاسيما إذا كانت موجهة وتستهدف معالجة بعض المواطن التي تحتاج إلى تحسين وتركز على تنمية مهارات الطلبة وفق برامج علمية مدروسة.

وأكدوا أن الرحلات العلمية المدرسية وسيلة تعليمية تطبيقية، وتعزز المعارف التي يتلقاها الطلبة داخل الصف.

وقالوا إن الرحلات بشكل عام تسهم في تقوية العلاقات بين الطلاب وتعزز مسار تبادل الخبرات بينهم، وتكسبهم مهارات اجتماعية متعددة، مشيرين إلى أنها تهدف إلى زيادة ارتباط الطلبة بالمجتمع المدرسي والتعرف على مناطق مختلفة في المجتمع على اختلافاتها وصفاتها، وما تتضمنه من آثار ومواقع ومنشآت، فضلاً عن تعليم الطلاب الانضباط والنظام والاحترام، وتكوين عادات حميدة كالاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية والصبر، وجميعها تنمي العلاقات الاجتماعية وتساعد الطلبة على التكيف مع أنفسهم وزملائهم ومجتمعهم.

خصال مهمة

من جانبهم أكد عدد من الأخصائيين النفسيين، أهمية الرحلات المدرسية التي تعود الطالب على 5 خصال مهمة، أبرزها الاعتماد على النفس والنظام والترتيب واحترام الوقت وتحمل المسؤولية، وتمكنه من اكتساب العديد من المهارات القيادية داخل مدرسته، فضلاً عن أنها تسهم في غرس العديد من القيم والاتجاهات الإيجابية وتساعد المتعلمين على وضع تصورهم عن مستقبلهم العلمي والعملي، وتتيح لهم فرص التعرف إلى الكثير من إنجازات الدولة فتقوّي لديهم مشاعر الولاء والانتماء والاعتزاز بوطنه وأمته.

جدولة الرحلات

وفي وقفة مع عدد من مديري المدارس الخاصة ضمّ سلمى عيد ووليد فؤاد لافي ورانيا عبد العزيز ومها الشامي، أكدوا أن جدولة الرحلات المدرسية ليست عشوائية كما يعتقد البعض، بل يتم إعدادها بدقة وفق أهداف ومحددات متنوعة يشارك فيها المعلمين والمعلمات من مختلف التخصصات، وتوافق عليها الجهات المعنية المسؤولة عن التعليم الخاص.

وفي ردّهم على ارتفاع رسوم الرحلات بشكل يعتبره أولياء الأمور أعباء متجددة، قالوا إن رسوم الرحلات تتفاوت بحسب اتجاه الرحلة، ورسوم الدخول الفعلية ونسبة التخفيض المتاحة للمدارس، وما يتداوله أولياء الأمور حول توظيف المدارس لأنشطة الرحلات المدرسية من أجل التربح، غير صحيح وليس له وجود، وفي بعض الأحيان تتكفل الإدارات برسوم إضافية حتى لا نرهق أولياء الأمور أو نعكّر صفو الطلبة.

صلاحيات متنوعة

ومنحت وزارة التربية والتعليم بعض الجهات المدارس الخاصة، صلاحيات القيام بالرحلات المدرسية داخل الدولة، سواء كانت علمية أو ترفيهية، وفقاً لمتطلبات المدرسة، بينما طالبت بإخطارها في حال القيام بالرحلات الخارجية، مع التأكيد على ضرورة أن تكون جميع الرحلات اختيارية لكافة الطلبة.

ووضعت إرشادات للمدارس الخاصة حول الرحلات خارج الدولة والأنشطة المدرسية، حيث يجب الالتزام والتقيد بأعداد الموظفين المشرفين على الرحلة، بحيث يتم توفير مشرف واحد لكل 10 طلاب في الرحلة، واختيار المشرفين على الرحلة من معلمين وإداريّي المدرسة، وتزويد أولياء الأمور باسم ورقم الهاتف المحمول للشخص المسؤول عن الرحلة.

معايير وضوابط

وزارة التربية والتعليم وضعت ضوابط ومعايير وآليات لتنظيم الرحلات المدرسية، إذ ينبغي أن ترتبط بمنهاج التعليم والمهارات والسمات المرتبطة بالمخرجات، واختيار الوجهات وفق معايير تلبي احتياجات الطالب، وضرورة ترشيح مشرف لكل 15 طالباً، على أن يقدم ملخصاً حول التفاصيل المتعلقة بالرحلة وأهم المعالم المستهدفة، وتوجيه الطلبة لتوظيف مخرجات التعليم أو المشاريع المرتبطة بالمنهاج وإعداد تقرير عن أهم وأبرز المعالم أثناء الرحلة بتوظيف نموذج اكتشف رحلتك.

وشددت الوزارة على أهمية التنسيق المسبق مع الوجهات الخاصة بالزيارة، واختيار الوجهات بما يتناسب مع المرحلة العمرية للطلاب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8cjvc5

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"