عادي

تفاصيل تضمد جروح الواقع.. نوتة إنسانية تستحق التأمل في «إكسبوجر»

19:19 مساء
قراءة 3 دقائق
معرض «أرض المقاومة سانتياغو دي كالي»
٢٠٢٣٠٢٠٩_١٤٤٨٣٣
معرض «بصمة العائلة: ابنة»
معرض أسير في باريس بحب
«أوديلو لاويني» الكرة المصنعة يدوياً
مشهد من مترو الأنفاق في باريس

الشارقة: زكية كردي

من شوارع باريس المعشوقة التي لا ينضب إلهامها، إلى حقول وأراضي إفريقيا، حيث تسمع أصوات الأطفال وهم يلعبون الكرة بأقدامهم الحافية من خلال الصور. كرات مصنوعة يدوياً من لحاء الأشجار ومن أكياس البلاستيك، وغرفة عناية زارها السحر فأغرقها باللون الوردي المحلى والبالونات الحالمة وفساتين الأميرات، بينما في ممر آخر تلاحق مصورة ذكريات والديها في رحلة علاجهما من السرطان لتوثق أبسط وأعقد تفاصيل أيامهما الأخيرة، بينما ينقلنا السحر في معرض آخر إلى مشاهدات بأنغام صاخبة تحيي أسطورة الرقص التي صنعت عظمة الشعوب المقاومة والمحبة للفن والحياة.

شوارع باريس الملهمة كانت هي اللوحة، إذ استطاع المصور «سهيل.أ» التقاط المشاهد الخاصة بطريقة تجعلك تشعر للوهلة الأولى أنك تقف أمام لوحة فنية، إلى أن تغوص في التفاصيل وتعيد تحليل الصور المأخوذة ببراعة وحب من شارع باريس التي تحولت إلى شغف استمر لعشر سنوات لدى المصور الذي اعتمد في إخراج صوره على المشاهد الفنية الموجودة في الشوارع مثل الملصقات الإعلانية، وأعمال «الغرافيتي»، العروض المسرحية في الشارع، التصميم المميز والخارج عن المألوف في جنبات المدينة مثل نفق المترو المصمم بطريقة فنية ساحرة، انعكاس صور الناس على واجهات المتاجر المرسومة، وغيرها من التفاصيل التي تزهر في عدسة محبة.

في سيمفونية خاصة، صنعت المصورة نانسي بورويك، ألبوم ذكريات خاصاً للغاية، وثقت فيه لحظات يومية تغص بالحكايات في معرض «بصمة العائلة: ابنة» الذي يتناول قصة عائلتها، ووالديها اللذين كانا يخضعان لعلاج السرطان جنباً إلى جنب، متمسكة بفصول حياتهما الأخيرة، حيث أرفقت الصور برسائل تتيح للزائر تصفح هذه الذكريات. وإلى جانب إحدى الصور أوضحت أن والدها كان يعلق أوراقاً لاصقة كتب عليها رسائل رومانسية لوالدتها حول المنزل عندما أصيبت بالسرطان لأول مرة، وفي صورة أخرى تسير والدتها إلى جانب والدها في ممر مستشفى الأورام حيث كان يتلقى العلاج، بينما تبين صورة أخرى رسالة تركها الأب الذي توقع أن يموت باكراً، مكتوباً عليها «افتحوا الرسالة بعد موتي».

ومن الصعب تجاوز السحر وهو يعيد إخراج المآسي بصورة مختلفة وكأنه يغلفها بالألوان والبالونات الحالمة، في محاولة خيالية لعلاج الأثر بسحر الكاميرا،. طريقة فنية مبدعة ابتكرتها المصورة إليسا إياناكوني في معرضها «إعادة تصور الصدمات: رحلة عبر الواقعية السحرية» الذي ضم أربعة مواضيع مختلفة لمآسٍ عاشها الناس في أماكن مختلفة حول العالم، فتبدأ بمشروع دوامة الاحتواء الذي يتناول الآثار التي خلفها الاغتصاب على الضحايا، فلكل صورة قصة، تناولت فيها المصورة المشاهد التي بقيت عالقة في أذهان الضحايا لتعيد إخراجها بطريقة جديدة ومفاجئة، وتعكس تجربتها الخاصة في مساعدة الضحايا خلال رحلة التعافي.

أما المشروع الثاني فكان عن أحلام الطفولة، ويسلط الضوء على المعاناة من الأمراض المزمنة في سنّ مبكرة، إذ تعيد المصورة إعادة تشكيل غرف المستشفى وصور الأطفال بطريقة تضج بالحياة وتملؤها بأحلام الطفولة والعوالم الخيالية الجميلة عن قصص الأميرات والقراصنة، بينما توفر في المشروع الثالث ملاذاً للاختباء من الوحوش، وتصور فيه المخاوف التي يواجهها الأطفال عند التعرض لفقدان مؤلم في سنّ مبكرة. أما المشروع الرابع فعنوانه «أناس الحرب المنسية» وهو يستكشف جوانب من النزاع في جنوب الكاميرون، ووجدت فيه طرقاً مبتكرة لتمنحهم حرية التعبير دون خوف من خلال إخفاء هوياتهم خلف الأقنعة الإفريقية.

ويقدم معرض المصور برايان هودجز مشهداً فاتناً للكرات الغريبة التي صنعها الأطفال في ريف أوغندا، أولئك الذين حولوا القمامة في الحقول إلى كرات يدوية الصنع للعب كرة القدم، وتدعى «أوديلو لاويني» باللغة المحلية. ويمكن استخدام كل ما يتوفر لصنع هذه الكرة كما تبين الصور لكرات مختلفة، بدءاً من قطع الأقمشة أو الجوارب والإطارات، وصولاً إلى لحاء الأشجار وأوراقها، الأكياس البلاستيكية، معيدين إحياءها ببراعة لتتحول إلى كرة يلعبون بها في أي أرض كانت، غير مكترثين بالعشب والحصى، سواء أكانوا بأحذية أو بدون. ويعتبر المصور أن هذه الكرات هي رمز لشغف أهل هذه القارة بكرة القدم وقدرتهم على تحقيق الكثير من أقل الأشياء وأبسطها.

أما المصور سيزار بالكازار فيسلط الضوء على مشهد بديع يدق طبول التمرد على الموت والتعلق بالحياة بإرادة لا تقهر في معرضه «أرض المقاومة: سانتياغو دي كالي» مدينة المصور الأم التي تعتبر مثالاً صارخاً للمقاومة منذ أن بدأت النزاعات الاجتماعية التي اجتاحت كولومبيا.

وتظهر الصور أن سبيل المقاومة في المدينة كان عن طريق الفن، فتلتقط العديد من المشاهد الراقصة في أماكن مختلفة، وكأن هؤلاء الناس أيقنوا أن حبهم للحياة وقدرتهم على تغيير واقعهم مرهونان بالاحتفاظ بقدرتهم على الإبداع والتمسك بالفن أكثر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n8u4bw4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"