يقظة الضمير

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

داخل كل فرد منا توجد قوة داخلية تساعده على توجيه تصرفاته وأفعاله في كل اتجاه، وتخبره بما هو صحيح وما هو خطأ، وما هو حلال وما هو حرام، وهذه القوة عادة ما يطلق عليها اسم «الضمير»، وهو عادة لا يمنعنا من ارتكاب أفعال خاطئة، ولكنه يمكن أن يحُول دون الاستمتاع بأشياء قد تبدو ممتعة لكنها غير ملائمة، ويساعد الضمير على تشكيل إطار من القيم الإنسانية التي تحكم سلوك الفرد، ويُعدّ المحرك الأساسي لكل تصرفاته، فالضمير يمثل قوة داخلية لا يمكن الاستغناء عنها، وهو يمكن أن يؤثر في حياتنا بطريقة إيجابية وبشكل كبير لا يقل عن تأثير قوة الذكاء.
الضمير هو الملكة العقلية التي تتيح لنا التفريق بين الخير والشر والحق والباطل والصواب والخطأ، يحيط الضمير بالقيم في جميع أشكالها، مثل الصدق والأمانة والكرامة والشجاعة والتضحية وغيرها، وهو يحتاج إلى التمرين مثل أي عضو آخر في جسم الإنسان، يجب علينا ممارسة رياضة الضمير يومياً، بغض النظر عن المصاعب التي نواجهها، ويجب أن يظل الضمير في حالة يقظة مستمرة؛ لأنه هو الذي يحافظ على بقائنا ما دمنا على قيد الحياة، إذا كان الإنسان لا يمتلك ضميراً واعياً، فإن مصيره يشبه مصير السمكة التي تموت فور خروجها من الماء.
الضمير شمعة في كل قلب مظلم، إن أشعلتها لرُبما ستتألم قليلاً من حرارتها لكنها ستُضيء لك الطريق الصحيح والدرب المستقيم، فهو ربيع القلب ومتعة النفس ووسادته الناعمة وأفضل صديقٍ للإنسان وسر سعادته، فمن أعطي ضميراً حياً رُزق السعادة الحقيقية والسلام النفسي وصفاء الذهن وراحة البال، فمن ملامح الإنسانية أن تنتصر لضميرك ما حييت؛ لأنه جزء من كينونتك التي تمثل شخصيتك التي تشكل معالم حياتك بكل أطيافها وتدرجاتها، فهو مضخة الإيمان الحقيقي الذي يؤدي إلى تلاحم أفراد المجتمع وتقوية روابطهم، ويزيد تماسكهم فيصبحون كالبنيان المرصوص يلتئم بعضه ببعضٍ.
فإبقاء ضمائرنا مستيقظة على الدوام يبقينا في نشوة من السعادة الدائمة؛ لأنها ستشكل مُوَلّداً يعمل على شحن طاقاتنا التي تشهد بين الحين والآخر انخفاضاً في مستوياتها، والتي تبدأ بالنفاد مع مرور الوقت ونحن في غفلة من ذلك، فصحة الضمائر من أفضل الذخائر، فبالرغم من أن الإنسان تحكمه التشريعات الظاهرة، لكن الأهم يبقى القانون الداخلي الذي يراقب على النفس أفعالها وأعمالها، ويحكم على البشر على الرغم من اختلاف أديانهم وجنسياتهم ومعتقداتهم، فيتميز صاحب الضمير الواعي برغبته في الإنجاز بإتقان، والوفاء بالالتزامات مع الآخرين، والكفاءة والتنظيم بدلاً من اللامُبالاة والفوضوية.
وهنا أقول: اسعَ لسعادتك بضمير نقي، وانشد الحلم، واصطحب لحياتك الهناء والبعد عن الألم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ynfa2uwa

عن الكاتب

منى عبدالله كاتبة إماراتية، حاصلة على درجة الماجستير في علوم المكتبات والمعلومات العام 2015. عملت بالعديد من الجامعات الأكاديمية في الدولة: كليات التقنية العليا، جامعة زايد، وحالياً تعمل كأمينة مكتبة في جامعة خليفة بأبوظبي. أصدرت أول كتاب لها في العام 2022 بعنوان:«أيها الفارس الجميل لست بصديق عادي».ومؤلفات أخرى قيد الإصدار.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"