كشف استطلاع للرأي أجرته «الخليج» مع شريحة متنوعة من سكان دولة الإمارات، ارتفاع إنفاق الأسر في جميع مناحي الحياة خلال عام 2022، على الرغم من الأوضاع الاقتصادية العالمية المتقلبة، حيث لم تؤثر هذه الأحداث في إنفاق الأسر على الترفيه والسفر إلا بنسبة ضئيلة، كما قال من شملهم التقرير.
بيّنت الأرقام والإحصائيات أن إنفاق سكان دولة الإمارات على الترفيه، زاد في العام الماضي، وقال أكثر من 100 مشارك في الاستطلاع الذي أُجري في يناير/كانون الثاني الماضي، مع شريحة متنوعة من سكان دولة الإمارات، إن إنفاقهم على الترفيه داخل الدولة عام 2022 (يشمل المطاعم والتسوق، والرحلات الترفيهية، وغيرها)، ارتفع بنسبة 51.6% على عام 2021، ليستعيد مستويات ما قبل الجائحة أيضاً، وأنفقوا متوسط ما بين 15 و50 ألف درهم خلال عام كامل، بينما أنفق 48.4%، أقل من 15 ألف درهم، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتفاوتة لهم.
وعند الحديث عن السفر الذي تأثر بشكل كبير خلال عامي 2020 2021، والذي حرم الكثير من التنقّل، قال 50% ممن شملهم الاستطلاع، إن إنفاقهم على السفر مع عائلاتهم زاد على ما قبل الجائحة، بينما أنفق 15.6%، مصاريف أقل على السفر مما قبل الجائحة، بينما لم تسمح الأوضاع الاقتصادية ل34.3% من العائلات بالسفر بسبب الظروف، فتوجهت إلى الترفيه داخل الدولة.
ومع نهاية عام 2022، وهو العام الذي بدأت فيه الأنشطة الاقتصادية تعود إلى سابق عهدها، كما قبل الجائحة، فتحت جميع الدول حدودها وأجواءها لاستقبال المسافرين والزوار، وبلغ إنفاق 61.8% من سكان الدولة على السفر 30 ألف درهم، لعائلات صغيرة ممن شملهم الاستطلاع، وارتفعت مصاريف 28.1% لبعض العائلات على السفر، حيث بلغت تكلفة سفرها ما يقارب 70 ألف درهم، وقال 10.1% إنهم أنفقوا أكثر من 70 ألف درهم على السفر.
ولعل أبرز دوافع النمو في قطاع الترفيه داخل الدولة، هي دور السينما والوجهات السياحية التي نمت بنسبة 71%، و127% على التوالي.
ويقول محمد جاسم الريس، الرئيس الفخري لمجموعة وكلاء السفر والسياحة المنضوية تحت مظلة غرفة تجارة دبي، نائب الرئيس التنفيذي لوكالات الريس للسفريات والبواخر (مجموعة الريس): «ترجع زيادة إنفاق الأسر والأفراد على السفر العام الماضي، إلى الحرمان الذي عانوه خلال عامين، ومع العودة إلى الحياة الطبيعة بدأت الدول تفتح حدودها، وتقلل شروطها لاستقبال السياح والزوار، حيث سجل القطاع السياحي في الدولة نمواً ملحوظاً خلال 2022، ونتوقع أن يزيد الإنفاق على السفر العام الجاري، لأن هناك أشخاصاً لم يسافروا بعد، ومعروف عن سكان الإمارات أنهم يحبون السفر إما للترفيه أو للأعمال وغيرها من الالتزامات».
وأضاف: «هناك بعض الأفراد يضعون السفر أولوية على حساب الضروريات، وهذا اعتقاد غير صحيح، وننصح محبي السفر بأن تكون الأولوية للاحتياجات الضرورية للأسرة والعمل، وتجب الموازنة بين السفر والضروريات، ويجب ألا يؤثر السفر في احتياجات الفرد الرئيسية».
السكن والفواتير الشهرية
بيّنت الأرقام والإحصائيات في الاستطلاع الذي جذب شريحة كبيرة في الدولة، أن إنفاق 52.6% من العائلات كان على السكن والكهرباء والماء والإنترنت والبترول خلال عام 2022، بما بين 50 و70 ألف درهم، وارتفعت الأرقام بالنسبة إلى 23.2% من العائلات، حيث أنفقت أكثر من 70 إلى 100 ألف درهم، وأنفقت 24.2% من العائلات أكثر من 100 ألف درهم.
كما حازت مصاريف تعليم الأبناء في المدارس والجامعات مبلغاً من إنفاق الأسر خلال عام 2022، وأنفقت 22.9% من العائلات ما بين 30 و70 ألف درهم على تدريس أبنائها سنوياً، وتجاوز إنفاق 17.7% من العائلات، أكثر من 70 ألف درهم، بينما أنفقت 15.6% من الأسرة أقل من 30 ألف درهم على التعليم. وقال 43.8% إنهم لم ينفقوا على التعليم لعدم وجود أبناء لهم في المدارس والجامعات.
وتناول الاستطلاع الأوضاع الاقتصادية العالمية، ومدى تأثيرها في العائلات، وهل أجبرت على اتخاذ قرارات مالية معينة في عام 2022، حيث أسهمت هذه الأوضاع في خفض نفقات 65.4% من العائلات لصالح الضروريات، ولم تتأثر 16.8% من العائلات، بارتفاع الأسعار والتقلبات التي شهدها العالم، وأجبرت 17.8% من العائلات على وضع خطة لترشيد مصروفاتها الشهرية والسنوية.
وبحسب بيانات نقاط البيع التابعة لماجد الفطيم، فقد شهد إجمالي إنفاق المستهلكين زيادة بنسبة 20% من يناير إلى سبتمبر 2022، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2021. وتجاوز قطاع الأزياء جميع الفئات الأخرى في الفترة ذاتها، حيث قفز بنسبة 23% على مدار العام، وبنسبة 25%، مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة.
وبلغ النمو في الربع الثالث من عام 2022 ما نسبته 12%، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2019، مع أداء قوي بشكل خاص في قطاع الإكسسوارات والأزياء بنسبة تزيد على 51%، والساعات والمجوهرات الثمينة بنسبة تزيد على 62%، أما بالنسبة للإنفاق في فئات التجزئة العامة: الأطعمة والمشروبات والأدوية والرعاية الصحية، والفنادق والسوق الحرة، والإلكترونيات والأثاث المنزلي، فقد ارتفع بنسبة 13% من يناير إلى سبتمبر، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وأسهم بنسبة 40% من النمو الكلي في اقتصاد التجزئة. وقد دفع قطاع السياحة عجلة النمو مع زيادة مشتريات السوق الحرة بنسبة 45%.
ويقول دانيال تقي الدين الرئيس التنفيذي لشركة «بي دي سويس» المختصة في التداول: «توفر الاستثمارات مصدر دخل ثانياً في بعض الأحيان، وإمكانية لتعزيز قيمة الأموال والمدخرات التي يشكلها الأفراد عن طريق عملهم اليومي طوال حياتهم، وهذا ينشئ أمناً مالياً للشخص وعائلته، ويبقى فعلاً عامل خوف أمام الاستثمار، نظراً للتقلبات التي يشهدها السوق، وغالباً بسبب عدم فهم العوامل التي تؤثر في أسعار الأصول. وفي هذا الصدد، ينبغي التوجه نحو مصادر المعلومات ووسائل الإعلام المتخصصة، وشركات الوساطة المالية للعثور على الوسائل المناسبة».
وأضاف: «ننصح العائلات والأفراد، نظراً لتوقعات الركود وإمكانية ظهور ظروف اقتصادية قاسية هذا العام، بالتوجه إلى الاستثمار في أصول ذات خطورة أقل، مثل السندات الحكومية، إضافة إلى عدد من القطاعات التي تقاوم بشكل أفضل، وتشهد أداء جيداً خلال الفترات الصعبة، وهي تضم صانعي المنتجات المنزلية، ومنتجي الأغذية والأدوية والمرافق».
الاستثمار 2022
مع ظهور التقنيات الحديثة التي سهّلت على العائلات استثمار أموالها بطرق صحيحة، زاد التوجّه نحو استثمار الأموال بطرق مختلفة، حيث استثمرت 10.4% من العائلات أموالها في العقارات والأراضي، و8.3% في الأسهم والسندات، و5.2% في الذهب والمعادن، و6.3% في العملات الرقمية، بينما تخطط 24% من العائلات للاستثمار في العام الجاري، ولم تستثمر 51% من العائلات أموالها في أي من القطاعات المذكورة خلال 2022.
ولجأت بعض العائلات التي لم تستثمر أموالها إلى الادخار بأشكال مختلفة، وتنوعت أسباب الادخار حسب احتياجات العائلات، فادخرت 36% منها مبلغاً كل شهر خلال عام 2022، و9% ادخرت لشراء منزل أو سيارة أو سفر، ولم تدخر 26.1% أي مبلغ من أموالها، وقالت 28.8% من العائلات إن الأوضاع الاقتصادية العالمية المتغيرة، جعلتها تفكر في الادخار بداية من العام الجاري.
ويقول الدكتور أحمد حسن الشيخ الخبير الاقتصادي: «على الفرد أن يحدّد كم يبلغ دخله الشهري أو السنوي، ومن ثم يحدد أولويته من إنفاق الأموال التي يملكها، من دفع الإيجار والتعليم وأقساط البنك، وغيرها من الضروريات، والمبلغ الفائض من المصروفات يقسمه إلى قسمين؛ جزء منه للكماليات، وجزء للادخار الذي بات جزءاً مهماً للعائلات في ظل الأوضاع العالمية المتقلبة اليوم، ومنها الركود وارتفاع الفائدة، وارتفاع أسعار السلع والمشتريات، كل هذه الأمور تحتم على العائلات أن تقتصد في استنزاف أموالها في الكماليات لصالح الادخار».
الأهداف 2023
بحسب الاستطلاع قالت 62.4% من العائلات، إنها لم تحقق أهدافها المنشودة التي وضعت بداية عام 2022، بينما حققتها 20.4% منها، وتبحث 17.2% عن تحقيق أهداف جديدة بعد تحقيقها الأهداف الأساسية.
التطبيقات الإلكترونية وتوصيل الطلبيات والمشتريات للمنازل، كان لها دور كبير في زيادة إنفاق العائلات بنسبة 75% خلال 2022، مقارنة مع 2021، على التسوق الإلكتروني.
وبينت النتائج أن 34.3% من العائلات بلغت نسبة تسوقها إلكترونياً ما بين 25 و50% لشراء مستلزماتها اليومية، واعتمدت 14.6% من العائلات على الشراء من التطبيقات الإلكترونية بنسبة بلغت ما بين 50 و75%، بينما بلغت نسبة العائلات التي تشتري أقل من 25% من مستلزماتها من الإنترنت 39.6%، و11.5% تفضل التسوق من منافذ البيع.
ومع بداية العام الجديد 2023، تتجه أنظار الجميع نحو تفقد الأوضاع الاقتصادية العالمية وما ستؤول إليه الأحداث، وتفاوتت ردود العائلات نحو نظرتها المالية للعام القادم، حيث تبحث 60.2% من العائلات عن زيادة مداخيلها المالية، وحاز ترشيد الإنفاق بسبب الاستثمار أو الادخار نسبة 38.5% من اهتمام العائلات، وتوقعت 25% من العائلات زيادة الإنفاق بسب زيادة الأسعار في كل مناحي الحياة.
ويقول أمجد نصر، خبير مالي ومستشار في التمويل الإسلامي، إن النتائج التي ظهرت في الاستطلاع، والمتعلقة بتأثير الأوضاع العالمية في لجوء بعض الأسر في الدولة إلى خفض إنفاقها على المشتريات الثانوية، هو قرار إجباري، وهناك فئة من المشاركين في الاستطلاع لم تتأثر بغلاء الأسعار بسبب دخلها المرتفع، ويجب عليها إعادة النظر في إنفاقها؛ لأن الأحداث العالمية الاقتصادية متسارعة بشكل غير مسبوق، كما أن لجوء بعض العائلات لعمل موازنة محكمة في إنفاقها لصالح الأهم فالأقل أهمية، يعطي انطباعاً بأن هذه العائلة على الطريق الصحيح استعداداً لأي أمور طارئة قد تحدث لها مستقبلاً.
ونصح نصر الجميع بالعمل الجاد على تحقيق مداخيل مالية جديدة (في ظل زيادة الإنفاق وارتفاع الأسعار وكثرة الالتزامات)، كالبحث عن عمل إضافي، أو محاولة تحسين الأداء الوظيفي من خلال الوظيفة الحالية، كالترقية أو الحصول على حوافز مالية، وغيرها من الأمور التي تزيد دخله وأسرته.