عادي

عذب الكلام

00:24 صباحا
قراءة 3 دقائق
5

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

أَغْرَاضُ التشبيهِ كثيرةٌ، منها:

بيانُ إِمْكانٍ المشبَّه؛ كقول البحتريّ:

دانٍ على أيْدي العُفَاةِ، وشَاسعٌ

عَنْ كُلّ نِدٍّ في العلا، وضَرِيبِ

كالبَدْرِ أفرَطَ في العُلُوّ، وضَوْءُهُ

للعُصْبَةِ السّارِينَ جِدُّ قَرِيبِ

بيانُ حالِهِ؛ كقول النابغة، يمدح النُّعْمان:

فإِنَّكَ شَمْسٌ والمُلُوكُ كَواكِبٌ

إِذا طَلَعَتْ لَمْ يَبْدُ مِنْهنَّ كَوْكَبُ

* دُرر النَّظم والنَّثر

نَالَتْ عَلَى يَدِهَـا

الوأواء الدمشقي (بحر البسيط)

نالَتْ على يَدِهـا ما لَمْ تَنَلْـهُ يَدِي

نَقْشاً على مِعْصَـمٍ أَوْهَـتْ بِهِ جَلَدي

كأنّــهُ طَـــرْقُ نَــمْــلٍ فِـي أنـامِـلِهـا

أَوْ رَوْضَـةٌ رَصَّعَتْهـا السُّـحْـبُ بالـبَـرَدِ

كأَنَّها خَـشِـيَـتْ مِـنْ نَـبْـلِ مُقْـلَتِـهـا

فأَلْبَـسَـتْ زَنْـدَهـا دِرْعــاً مِــنَ الـزَّرَدِ

مَدَّتْ مَواشِطَها فِـي كَفِّـهـا شَـرَكاً

تَصِيـدُ قَلْبِـي بِـهِ مِـنْ داخِـلِ الجَـسَدِ

وقَـوْسُ حاجِـبِـهـا مِـنْ كُــلِّ نـاحِـيَـةٍ

ونَـبْــلُ مُقْلَـتِـهـا تَـرْمِــي بِــــهِ كَبِــدِي

وعَـقْـرَبُ الـصُّـدْغِ قَــدْ بـانَـتْ زُبـانَـتُـهُ

وناعِسُ الطَّرْفِ يَقْظانٌ عَلـى رَصَـدي

أُنْسِيَّـةٌ لَـوْ رَأتْهَـا الشَّمْسُ مَـا طَلَعَـتْ

مِـنْ بَـعْـدِ رُؤيَتِـهَـا يَـوْمـاً عَـلَى أَحَـدِ

قَـالَـتْ وَقَـــدْ فَـتَـكَـتْ فِـيـنَـا لَوَاحِـظُـهَـا

مـا إِنْ أَرَى لِقَتِـيـل الـحُـبِّ مِــنْ قَــوَدِ

قَــدْ خَلَّفَـتْـنِـي طَرِيـحـاً وَهـي قَائِـلَة

تَأَمَّـلُـوا كَـيْـفَ فِـعْـلَ الظَـبْـيِ بـالأَسَـدِ

قَالَـتْ لِطَـيْـفِ خَـيـال زَارَنِــي ومَـضَـى

بِاللهِ صِــفْــهُ ولاَ تَـنْــقُــصْ ولاَ تَـــــزِدِ

فَـقـالَ أَبْصَـرْتُـهُ لَــوْ مــاتَ مِــنْ ظَـمَـأ

وقُلْتِ قِـفْ عَـنْ وُرُودِ المَـاءِ لَـمْ يَـرِدِ

وأَمْطَـرَتْ لُؤلُـؤاً مـنْ نَرْجِـسٍ وسَقَـتْ

وَرْداً وعَـضَّـتْ عـلـى العُـنَّـابِ بِالـبَـرَدِ

وأَنْــشَــدَتْ بِـلِـسَــانِ الــحــالِ قَـائِـلَــةً

مِــنْ غَـيْـرِ كَــرْهٍ وَلا مَـطْـلٍ ولا مَـــدَدِ

والـلّــهِ مـــا حَـزِنَــتْ أُخْـــتٌ لِـفَـقْـدِ أَخٍ

حُـزْنِــي عَـلَـيْــهِ وَلاَ أُمٍّ عَــلَــى وَلَــدِ

فَأْسْرَعَـتْ وأَتَـتْ تَجرِي عـلى عَجَـلٍ

فَعِـنْـدَ رُؤْيَـتِـهَـا لَمْ أَسْـتَـطِـعْ جَـلَــدِي

هُمْ يَحْسِدُونِي على مَوْتِي فَوا أَسَفِي

حَتَّى عَلى المَوتِ لاَ أَخْلُو مِنَ الحَسَدِ

من أسرار العربية

أوَّلُ مَرَاتِبِ الحاجَةِ إِلى الطَّعام: الجُوعُ. ثُمَّ السَّغَبُ. ثُمَّ الغَرَثُ. ثمَّ الطَّوَى. ثُمَّ المَخْمَصَةُ. ثُمَّ الضَّرَمُ. ثُمَّ السُّعار.

إِذا كانَ الإنْسَانُ عَلَى الرِّيقِ: رَيِّق. فإذا كانَ جائِعاً في الجَدْبِ: مَحِل.

فإذا كانَ مُتَجَوِّعاً للدَّواءِ مُخْلِياً لِمَعِدَتِهِ، ليكونَ أسْهَلَ لِخُرُوجِ الفُضُولِ مِن أمْعَائِهِ: وَحِشٌ وَمُتَوَحِّشٌ. فإذا كَانَ جائِعاً مَعَ وُجُودِ الحَرِّ: مَغْتُوم.

مَراتِبِ الحَاجَةِ إِلى شُرْبِ المَاءِ: العَطَشُ. ثُمَّ الظَّمَأً. ثُمَّ الصَّدى. ثُمَّ الغُلَّةُ. ثًمَّ اللُّهْبَةً. ثُمَّ الهُيامُ. ثُمَّ الأُوامُ. ثُمَّ الجُوادُ، وَهُو الْقَاتِلُ.

هفوة وتصويب

يُخْطئُ كُثُرٌ، في استخدام كلمة «عقار»، ونوضّحها بالآتي:

العَقْرُ والعَقارُ (بفتحِ العَيْنِ): المنْزلُ والضَّيْعةُ؛ يقال: ما لَهُ دارٌ ولا عَقارٌ، وخصّ بعضُهم بالعَقارِ النَّخْلَ. وعَقارُ كُلِّ شيءٍ: خِيارُه. ويُقال: في البيتِ عَقارٌ حَسَنٌ: أَي مَتاعٌ وأَداةٌ. والعُقارُ (بضمّ العين): ضَرْبٌ مِنَ الثّيابِ أَحْمرُ. والعَقْرُ: السَّحابُ الأَبْيضُ. والعَقّار (بفتحِ العَيْنِ وتَشْديدِ القاف) والعِقّيرُ: ما يُتَداوى بهِ منَ النّباتِ والشّجَرِ. والعُقّارُ: عُشْبةٌ تَرْتفعُ قَدْرَ نِصْفِ القامةِ، وثَمرُهُ كالبنادقِ وهو مُمِضٌّ. والعَقْرُ، كالجَرْح؛ يُقال: عَقَرتُ الفَرَسَ، أي كَسَعْتُ قوائمَهُ بالسَّيفِ.

قال امْرؤ القيْس:

ويَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذارى مَطِيِّتي

فَيا عَجَباً مِنْ كُورِها الُمتَحَمَّلِ

والعَقيرة: الرِّجْلُ المَعْقورةُ، ولمَّا كان رفْعُ الصَّوتِ عِنْدها سُمِّي الصّوتُ بها. فيقال: رفَع عقيرتَهُ: أي صاحَ.

من حكم العرب

وكابَدوا الَمجْدَ حَتّى مَلَّ أكثرُهم

وعانقَ المَجْدَ مَنْ أوْفى ومَنْ صَبَرا

لا تحسَبِ المَجْدَ تَمْراً أنْتَ آكلُهُ

لَنْ تبلغَ المَجد حتى تلعَق الصَّبِرا

البيتان لحَوط بن رِئاب، يقولُ إنّ بلوغ المراتبِ الساميةِ في مناحي الحياة كافة، لن يكون إلّا ببذل المزيد من الجهد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ywtszh9v

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"