عادي
يسبب حيرة ولا يراعي شغف الطلاب واحتياجات سوق العمل

الإرشاد الأكاديمي في الجامعات.. سلاح ذو حدين

01:46 صباحا
قراءة 4 دقائق
خلال تسجيل الطلاب في إحدى الجامعات

تحقيق: عبد الرحمن سعيد
يعيش بعض خريجي الصف الثاني عشر، ما بين تخرجهم وحصولهم على شهادة الثانوية العامة، وحتى التحاقهم بالجامعات، فترة تخبّط لا مثيل لها، حيث إن اختيار التخصص الدراسي للبكالوريوس قد يتوقف عليه مصير باقي حياة الشاب مهنياً، ودائماً ما تتكاثر الأقاويل في تلك الفترة ما بين رغبة أولياء الأمور وشغف الطلاب، والإرشاد الأكاديمي الذي تقدّمه الجامعات عبر مواقعها الرسمية، وتنظيم الأيام المفتوحة لالتقاء الطلبة.

بعض الجامعات التي تلقى إقبالاً كبيراً، فتحت منذ أسابيع باب التسجيل لبعض تخصصاتها للعام الدراسي المقبل، وهو أمر يحدث كل عام، ما يتطلب من الطلاب وقبل دخول الثانوية العامة، تحديد التخصص الذي يرغبون في الانخراط فيه وعدم ترك الأمر حتى نهاية العام.

ودائماً ما تحتل نسبة الإرشاد الأكاديمي التأثير الأكبر في الخريجين، حيث يتأثر الطلاب بها نظراً لاعتقادهم أن مقدمي الإرشاد في مختلف الجامعات على دراية أكثر بالتخصصات المطلوبة في سوق العمل، لكن الأمر الذي يخفى على الجميع هو أن الإرشاد سلاح ذو حدين، حيث يمكن أن يغير وجهة نظر طالب في رغبته في اختيار دراسة تخصص ما إلى تخصص آخر؛ الأمر الذي قد يتسبب في تخبّط وحيرة العديد من الطلبة.

والسؤال الذي قد يتوارد إلى الأذهان هو: ما دور الإرشاد الأكاديمي في الجامعات في توجيه الطالب المستجد نحو التخصصات الأكثر احتياجاً في سوق العمل؟ حيث إن هناك تخصصات عفى عليها الزمن في مجالات مختلفة، ومازال الإرشاد يوجّه الطلبة إلى دراستها.

وكانت الحالات متباينة بوجود طلاب لم يحصلوا على الإرشاد الأكاديمي المناسب، فظلوا يبحثون عن عمل أكثر من سنة بعد تخرجهم، في حين لاحظ آخرون أن هدف بعض الجامعات هو حصد أكبر عدد من الطلاب غير مبالية بشغفهم أو احتياجات سوق العمل؛ الأمر الذي دفعهم للرفض، والتطلع لدراسة التخصصات التي يرغبون فيها.

وفي المقابل تؤكد جامعات حكومية وخاصة في أبوظبي، أنها تجري بانتظام، مسوحات ميدانية دورية لمراجعة البرامج الدراسية، وإقبال الطلاب عليها، إضافة إلى متابعة خرجيها ومراقبة التحاقهم بمجالات العمل المختلفة، علاوة على تنبيه الطلاب إلى احتياجات سوق العمل.

وتؤكد جامعة زايد أنها تحدّث باستمرار برامجها لمواكبة متطلبات سوق العمل، وقد خضعت جميع البرامج في التخصصات الموجودة في الجامعة لدراسات تقييم حاجة السوق، وعليه طرحت 4 برامج جديدة «متداخلة التخصصات» في الفصل المقبل.

ميول الطلبة

وتقول ليلى كروما مدير أول قسم القبول والتسجيل في جامعة أبوظبي، إن الجامعة تراعي في مختلف المجالات، تنبيه الطالب على البرامج المطروحة داخل الدولة، واحتياجات سوق العمل، إضافة إلى الندوات الموجّهة لأولياء الأمور خلال الأيام المفتوحة، أو الندوات الافتراضية لمساعدة الطالب وولي الأمر، موضحة أن الأدوات التعليمية التي تتم مشاركتها مع الطلاب، تساعدهم على قياس مدى ملاءمة التخصص لميول الطالب الأكاديمية والعلمية.

وتوضح أنه بعد تسجيل الطالب واختياره التخصص، تستمر عملية الإرشاد الأكاديمي من قبل مرشدي الكليات والبرامج، لضمان اتباع الطالب أفضل خطة دراسية توصله إلى التخرج بجدارة واقتدار. وتشير إلى أن جامعة أبوظبي لديها مجموعة مختارة من الشركاء الاستراتيجيين الذين يرأسون عدداً من الشركات المهمة في الدولة، وبمساعدتهم وآرائهم بخصوص كفاءات الخريجين، يساعدون الجامعة باستمرار في تطوير المنهاج، بما يناسب ويتلاءم مع احتياجات سوق العمل. وعلى صعيد آخر يتم تحديث المناهج الدراسية بالتعاون مع مختلف القطاعات، لضمان مواكبة مخرجات التعليم مع احتياجاتهم، ومتطلبات سوق العمل، ليكون الخريج قادراً على تقديم إضافة إلى سوق العمل فور تخرجه.

وفي ما يتعلق بالإشكاليات التي تواجه الطلبة في اختيار التخصصات، توضح الجامعة أنه في بعض الأوقات يكون الطالب أو الخريج ليست لديه الخبرة أو الرؤية المستقبلية لسوق العمل، ومازال يؤمن بالوظائف القديمة، وواجبنا عن طريق التوجيه والاختبارات التي يخضع لها، مساعدته في اختيار أنسب وأقرب تخصص إلى ميوله الأكاديمية وبما يتلاءم مع درجاته العلمية.

وحول معايير النزاهة التي تتبعها الجامعة في توجيه الطالب للتخصص الذي يحتاج إليه سوق العمل، تشير إلى أن الدور الأكاديمي والتربوي والإحساس بأهمية الخدمة المجتمعية، وبناء جيل مؤهل لتلبية الأجندة الوطنية، يحتم علينا توجيه الطالب إلى أفضل الاختيارات وما يتلاءم مع توجهاته وقدراته واهتماماته، ومع احتياجات سوق العمل.

استيعاب السوق

ويقول الدكتور غالب رفاعي، رئيس جامعة العين، إن الجامعة تحرص عند طرح أي برنامج جديد على إجراء دراسة مستفيضة لاحتياجات سوق العمل على المدى الطويل، ووظائف المستقبل، بحيث تضمن مواصلة استيعاب السوق لأفواج الخريجين من هذه البرامج.

استقطاب الطلاب

ويقول الطالب كريم طارق الذي تخرّج في الثانوية العامة العام الدراسي الماضي، إنه يبحث حالياً عن الالتحاق بإحدى الجامعات الطبية، سواء طب الأسنان أو البشري في الخارج، وذلك نظراً لأنه بحث عن فرص دراسة الطب في الإمارات، وأنه حصل على إرشاد أكاديمي من أكثر من جامعة خاصة على مستوى الدولة، لكنه شعر بأن بعض تلك الجامعات هدفها استقطاب أكبر عدد من الطلاب غير مبالية بشغفهم أو احتياجات سوق العمل؛ الأمر الذي دفعه للرفض، والتطلع إلى دراسة التخصص الذي يرغب فيه.

ويوافقه الرأي الطالب محمد وليد، الذي تخرج في الثانوية العامة دفعة العام الماضي بمعدل 98.7%، ويطمح لدراسة الطب البشري.

ويبيّن أنه حصل على إرشاد أكاديمي من أكثر من جامعة خاصة في أبوظبي ودبي، لكنه لاحظ أن بعض الجامعات تحاول استقطاب الطلبة، وتيسير آليات الالتحاق دون التطرق إلى شغف الطلاب الملتحقين بالدراسة، مع العلم أن الطالب الذي يتوجه لدراسة تخصص باختياره، يبدع فيه ويصبح متميزاً.

الإرشاد الأكاديمي

ويقول الشاب المواطن عبدالله محمد البلوشي الحاصل على بكالوريوس علوم طيران من إحدى الجامعات في الدولة، إنه ما زال في رحلة البحث عن عمل، على الرغم من أنه تخرج منذ أكثر من عام، مبيناً أنه لم يحصل على إرشاد أكاديمي يفيد بعدم الحاجة إلى دراسة تخصصه قبل الالتحاق به، وأنه لو كان على علم بهذا لكان التحق بأي تخصص آخر يضمن له وظيفة بعد التخرج.

بينما يطالب المواطن حميد محمد الجاسمي الحاصل على بكالوريوس هندسة كيميائية من إحدى الجامعات في أبوظبي، بضرورة التنسيق بين الجهات المعنية والجامعات في ما يتعلق باحتياجات سوق العمل، لما سيكون له مردود إيجابي على الطلاب وأصحاب العمل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/r9e3r3e7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"