عادي
يستدعي أنماطاً لتطوير منظومة التقييم

الذكاء الاصطناعي.. قدرة غير تقليدية على تحسين التعليم

01:56 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم
تستحوذ مسارات دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم، على عقول القائمين على هذا القطاع، نظراً لقدراته غير التقليدية على تحسين تجربة التعلم للمتعلمين، ومع تركيز وزارة التربية والتعليم على دمجه، وتوظيف تقنياته في التعليم خلال المرحلة المقبلة وفق خطط ممنهجة، يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً وهو كيف ستكون منظومة التقييم وأدواتها، وكيف سيقيّم الطلبة ويتم التعرف على مستوياتهم الحقيقية؟

«الخليج» تناقش مع الخبراء وفئات مجتمع التعليم، مدى فاعلية منظومة التقييم الحالية لقياس مستويات الطلبة في المواد والاختبارات بأنواعها، في ظل توظيف الذكاء الاصطناعي وأدواته وتقنياته في التعليم.

أكد عدد من الخبراء أن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم يستدعي بلا شك أنماطاً جديدة لتقييم الطلبة، تواكب الأدوات والتقنيات المستخدمة في عملية التعليم والتعلم، موضحين أن تطوير منظومة التقييم يعد التحدي الأكبر للأنظمة التعليمية خلال السنوات القليلة المقبلة، لكن مع ضرورة إيجاد طرائق تحافظ على دافعية الطلبة وشغفهم وتحفيزهم للتعلم.

فيما يرى تربويون وأكاديميون أن التقييم يشكل أداة قوية للارتقاء بجودة التعليم سواء المدرسي أو الجامعي، إذ تعد معاييره بوصلة تحدد المستوى الحقيقي لنوعية التعليم ومخرجاته في مؤسسات التعليم، مؤكدين أهمية إعادة هيكلة منظومة التقييم في ظل الذكاء الاصطناعي، وتأهيل مجتمع التعليم بفئاته لإدراك ماهية المرحلة الجديدة التي يخطو نحوها.

في الوقت نفسه، أفاد معلمون بأن التعليم على أعتاب مرحلة جديدة في مسيرة بناء الأجيال، وأن دمج الذكاء الاصطناعي يتطلب تأهيل المعلم من جديد، لتمكينه من منهجيات متنوعة عند التدريس باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل المساعدين الافتراضيين أو روبوتات المحادثة، التي تساعده على توجيه تفاعلات المتعلمين، وتقديم ملاحظات على احتياجاتهم الفردية والتعليمية والمهارية، التي تشكل إحدى جوانب التقييم، وطريقة للمعالجة والتحسين.

قراءة «الخليج»

في قراءة «الخليج» لأبرز قرارات وزارة التربية والتعليم الأخيرة، أكدت الوزارة أنها الأولى التي ستطبق تقنية الذكاء الاصطناعي في التعليم، وتركز على إعداد الطلبة باستخدام أدواته وتقنياته، وتزويدهم بالمهارات والمعارف التي يتطلعون إليها للنجاح في المستقبل، موضحة أنها تعمل مع شركاء في هذا المجال لضمان توظيف هذه التقنيات بشكل صحيح يسهم في تحقيق جودة العملية التعليمية ومخرجاتها.

وأكدت أنها تقوم بمراجعة شاملة للمنظومة التعليمية من المناهج إلى طرق التعليم والتقييم، لرسم خريطة تعليمية جديدة يتم فيها غرس الأدوات والتقنيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وتوظيفها بما يتناسب مع الرؤية التطويرية للوزارة، فضلاً عن التركيز مع الشركاء على تطوير مدرّس ذكاء اصطناعي متكامل باستخدام لغة البرمجة، لتوظيفه أداة تعليمية جديدة توازن بين المدرّس والدعم الشخصي ومصادر التعلم.

وترى الوزارة أن التقنية الجديدة تعزز فهم الطلبة للمواد الدراسية، مع تأمين التغذية الراجعة السريعة والآنيّة لتعلم الطالب، وتوفير التوجيهات التي تتناسب واحتياجات كل طالب على حدة وتحديد خطوات تطويره، وتحفيزه على التفاعل والاندماج في العملية التعليمية.

وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يعد جزءاً من المنهاج الدراسي في الدولة، إلا أن ذلك لا يكفي، إذ إن الإصدار المطوّر من تلك التقنية بات يوفر المحتوى بطرائق عمل جديدة وبرمجيات مطورة، مما يدفع الوزارة والتربويين للتحرّك إلى الأمام والتكيّف مع المستجدات ومواءمة أساليب التقييم.

عملية متكاملة

في وقفة مع عدد من الخبراء، أكدوا أن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم ينبغي أن يكون وفق عملية متكاملة تبدأ بتعليم الطلبة وتزويدهم بالمهارات والمعارف والعلوم بشكل ممنهجة، مروراً بتأهيل المعلمين، وصولاً إلى آليات وضوابط جديدة في منظومة التقييم بحيث تواكب الطفرة التطويرية الجدية في التعليم.

وترى الخبيرة التربوية آمنة المازمي أنه إذ تم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح في الإعدادات التعليمية، ستكون نتائجه مبهرة، بسبب إمكاناته الكبيرة على تحسين طريقة التعلم، ولكن ينبغي أن يتم ذلك بعناية من أجل ضمان بقاء دافعية وشغف الطلبة نحو التعليم.

1

وأوضحت أن الذكاء الاصطناعي قادر على توفير خبرات تعليمية متخصصة وتعليمات مخصصة لاحتياجات الطلاب الفردية، مما يجعله أداة لا تقدر بثمن للمعلمين لقياس مستويات المتعلمين بدقة متناهية، ولكن لم يفلح التعليم بالذكاء الاصطناعي من دون اتخاذ تدابير تضمن حماس الطلبة في الدراسة.

وأشارت إلى أهمية استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي المصممة خصيصاً لتناسب نقاط القوة لدى كل متعلم، إذ تكسبه مهارات التمكن من الموضوع بشكل أسرع مع المساعدة، مما ينعكس على بناء الثقة بسبب نظام التعزيز الإيجابي الذي يشجع الجهد بدلاً من معاقبة الأخطاء مثل الأساليب التقليدية، فضلاً عن قدرته على الوقوف على نقاط الضعف التي تحتاج إلى تحسين، مع تعدد طرائق المعالجة والتقويم.

ميكنة التقييم

أكدت الدكتورة نعمت الجيار مدير برنامج الدراسات العليا للذكاء الاصطناعي في كلية الرياضيات وعلوم الحاسوب في جامعة «هيريوت وات» دبي، وجود العديد من التحديات المرهونة بتطور أدوات الذكاء الاصطناعي، أبرزها كيفية تقييم الطلبة وضبط آليات الامتحانات.

11

وقالت إنه تم تطوير التقنيات لميكنة أجزاء من عمليات تقييم الطلبة التقليدية كلياً أو جزئياً، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي رصد تفاعل الطلاب مع المادة العلمية وتقدمهم التعليمي، وبالتالي سد الفجوة في عملية التعليم والتعلم، موضحة أنه يمكن تكييف المناهج وتصميمها وفقاً للاحتياجات الفردية لكل طالب وأهدافه وقدراته من خلال بعض آليات الذكاء الاصطناعي لسد فجوات التعليم والتعلم.

وأوضحت أن التفاوت بين عقلية الطلبة واختلاف اهتماماتهم وميولهم، أفرز نوعاً من الشعور بعدم حصول كل طالب على الاهتمام والنهج التعليمي الذي يتطلع إليه في بعض الأوقات، ولكن مع استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن تكييف التعلم مع الاحتياجات الفردية لكل متعلم وأهدافه وقدراته، مما ينعكس إيجابياً على التقييم الفردي للطلبة بشكل عادل لا يعرف التحيز أو المجاملة، مشيرة إلى أهمية توفير تجربة تعليمية استثنائية للطلبة مع مراعاة الضوابط والقوانين والحد من أضرار الاستخدام الخاطئ لتلك الأدوات الحديثة.

وفي إجابتها عن سؤال عن الخطوات لضمان الاستخدام الأمثل لأدوات الذكاء الاصطناعي خصوصاً في تقييم الطلبة، رصدت نعمت الجيار 5 مسارات، إذ ينبغي فهم قدرات هذه الأدوات والمنصات واستيعاب تأثيرها على عملية التعليم والتعلم، وفهم الأساتذة اللوائح والقوانين التي تحد من عمليات السرقة العلمية والأدوات التي يمكن استخدامها لضبط أي خرق للقواعد والمخالفين، فضلاً عن أهمية تحديد أهداف كل برنامج وتخصص والعمل على تحديد آليات التقييم المعتمدة على طبيعة البرنامج «نظرياً أو عملياً أو شفهياً»، واستخدام أساليب تقييم أكثر موثوقية، وتشجيع الطلاب على شرح تفكيرهم والبحث والتفكير في تعلمهم بحيث يكون جزءاً من عملية التقييم.

تأهيل كافٍ

في آرائهم أكد عدد من التربويين والمعلمين أميمة حسن وسهام عبد الله وإبراهيم القباني وعلياء محمود وشيماء علوان، أن تطبيق الذكاء الاصطناعي يشكل خطوة مهمة على طريق تطوير منظومة التعليم في الدولة، ولكن تتطلب هذه الخطوة تأهيل كافٍ للمعلمين والكوادر الأخرى، لاسيما أن الذكاء الاصطناعي لا يركز على العملية التعليمية فحسب، بل لها تداخلات أخرى في الجوانب الفنية والإدارية.

وفي وقفتهم مع منظومة التقييم، قالوا إنه ينبغي أن يسبق التقييم تعليم وتأهيل، إذ إن مصادر التعلم ستكون متعددة ومتفاوتة ودقيقة، وينبغي أن يقابلها أدوات تقييمية تتساوى مع نفس تطوير التعليم بالذكاء الاصطناعي ومع درجة قدرات أدواته وتقنياته.

وأفادوا بأن مجتمع التعليم بمختلف فئاته يترقب الأدوار الجديدة التي ستلحق بكوادره عند دمج الذكاء الاصطناعي.

تجارب عالمية

منذ ظهور برنامج «تشات جي بي تي» المدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي، والأنظمة التعليمية في دول العالم، تعمل على قدم وساق لتجريبه وبحث سبل الاستفادة من قدراته، إذ أفرزت نتائج التجارب في أمريكا، قدرة البرنامج على النجاح وتحقيق درجات التميز في امتحانات جامعات مرموقة في تخصصات عملية صعبة مثل الطب والهندسة، وكان الأفضل في اختبار إدارة الأعمال بكلية وارتون.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdeaxs3b

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"