البعد الثالث

00:11 صباحا
قراءة 3 دقائق

د.باسمة يونس

جميعنا يعلم أن قراءة الكتب مفيدة للناس، فعندما يقرأون يستوعبون الأفكار ويبدأون بتعلم التفكير بشكل جيد ويتوقفون عن الأحكام المسبقة، ويساعدهم تعرضهم للتأثيرات السلبية والإيجابية على الوعي أكثر.

وقد أظهرت الأبحاث مراراً أن الأشخاص الذين يقرأون الكتب أكثر قدرة على النجاح والارتقاء بأنفسهم في المجتمع وتتاح لهم فرص اكتساب مجموعة واسعة من المهارات التي تجعلهم أكثر نجاحاً.

وكما تمكنت أرقام جمعتها رحلة سبعة أعوام منذ إطلاق شهر القراءة في الإمارات من قياس واقع القراءة وتوفير بيانات لم تكن متوفرة، مهدت أمام صناع القرار الطريق لإطلاق وتنفيذ المبادرات النوعية التي تحتاجها الدولة فعلياً لنقل القراءة إلى المراحل التالية بعد تحقيق الهدف من إطلاق الشهر وبغية تطوير مخرجاته، نتساءل اليوم عن تأثير هذه المبادرة العظيمة في المهارات العملية والإنسانية التي تمكن القراء من تطويرها على مدى هذه الأعوام، ولماذا تعتبر القراءة مهمة جداً للمجتمع ؟.

ونحتاج للإجابة عن ذلك إلى دراسات وبحوث تقدم للراغبين في مزيد من المعلومات عن القيم المضافة للمبادرة وتأثير قراءة الكتب على الأفراد في المجتمع الإماراتي، وكيف أصبحوا أكثر تلاحماً وتعاوناً وأكثر اندماجاً وتسامحاً وتفاهماً مع بعضهم البعض، وأقل حكماً على الآخرين وتعاطفاً مع قضاياهم.

كما نحتاج إلى دراسات تعكس مدى تأثير شهر القراءة على تشجيع الإنتاج الفكري وزيادة أعداد الكتاب ووعي القراء في اختيار المضامين الفكرية، ومدى تأثير مبادرات الجهات على مهارات الأشخاص وكفاءاتهم العملية والمؤسسات التي حققت أكثر الفوائد بما قدمته من برامج على مدار الأعوام السبعة.

ومن المهم تحديد نوعية الكتب الأكثر تداولاً ونقاشاً في المجتمع وتأثيرها في زيادة عدد الصالونات الأدبية والبرامج والمشاريع التعليمية في المدارس والجامعات وأماكن العمل وتأثيرها في اختيار الطلاب تخصصاتهم العلمية، والدول التي استفادت من الممارسة الإماراتية وتبنت المبادرة في مجتمعاتها، وما الذي تمكنت القراءة من تغييره في المجتمع وكيف زاد الوعي الاجتماعي من خلال التأثير في مفاهيم الناس وتغيير مساراتهم للأفضل.

وفي الواقع، وكما هو معروف، أن قراءة الكتب تدعم صحة الأفراد وتقلل مخاطر إصابتهم بأمراض كثيرة، فهل أسهمت القراءة فعلا في توعية مزيد من الناس بالمخاطر الصحية وضرورة الحصول على الرعاية، ومدى تأثير قراءة الكتب على الدماغ والجسد عدا عن كونها هواية ممتعة بشكل استثنائي وتضيف إلى سعادة الأفراد وشعورهم بالرفاهية؟.

والأهم من ذلك معرفة كيف أسهمت القراءة في تطوير مهارات القراء بحيث جعلتهم يفهمون العالم أكثر ويسهمون في المجتمع ويصبحون أكثر تعاطفاً ورغبة في فهم الآخرين والتحرر من الحواجز والنظرة العدائية التي تحول دون التقدم والاندماج مع العالم وتطوير مهارات العمل والابتكار والتنافس، وهل أسهم المزيد من القراءة في سهولة فهم القارئ وقدراته المهنية وتعزيز تفكيره النقدي وحله للمشكلات ومهارات الاتصال وتطوير كفاءته اللغوية؟.

وكيف أسهمت القراءة في تنمية المهارات المعرفية لدى الأشخاص الذين يقرأون الكتب في سن مبكرة؟، وهل طوروا ذكاءً عاماً أعلى في المتوسط من الأشخاص الآخرين؟، وهل ساعدت قراءة الكتب أيضاً في تطوير نظرة عامة للعالم وتقليل المخاوف ومستويات التوتر والتأثير ايجابياً على قدرات الناس على التخيل والرفع من مستوى إحساسهم الشخصي بالرفاهية والسعادة؟.

وما تأثير قراءة الكتب على الصورة الذاتية للقارئ؟ فهل تمكن من وضع نفسه في مكانة شخصية جيدة ما أسهم في مساعدته على توسيع نطاق علمه ومهاراته وقدراته العملية والنفسية ليصبح أكثر جدارة وتقديراً لنفسه؟.

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/23uys72m

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"