«المتلازمات النادرة» وإدراك الحقائق

01:47 صباحا
قراءة دقيقتين

أن تعرف حقيقة ما يعانيه طفل من أبناء الهمم والمتلازمات النادرة أمر، وأن تفهم كل التفاصيل التي يمر ويشعر بها وأسبابها العلمية والطريقة الأمثل للتعامل معه واستيعابه وكيفية التواصل معه وتعليمه وإرشاده.. هو أمر آخر.

حين تتعامل مع أحد هؤلاء الصغار فأنت بحاجة لفهم حقيقة ما يمر به، لأنك لا تتعامل مع طفل مصاب بمرض عابر، فكل إعاقة نراها بالعين وندركها بعقلنا، تخفي خلفها أعراضاً مختلفة لا يمكن التكهن بها بشكل اعتباطي، بل تحتاج إلى تحليل وتشخيص طبي وعلمي ونفسي، وإذا لم ندرك تلك الحقائق وأبعادها لن نتمكن من التعامل بشكل سليم مع أبناء المتلازمات ولن يتوصل أولياء أمورهم ولا مدرّسوهم ولا المجتمع إلى توفير الأجواء الملائمة للتواصل والتعايش معهم؛ وبالتالي سيصعب عليهم الاندماج بشكلٍ صحيح والتعاون مع محيطهم.

مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، المشهود بريادتها لاحتضان أبناء الهمم وتعليمهم وتدريبهم ورعايتهم بكل الوسائل التربوية والإنسانية الراقية والمتطورة، نظمت المؤتمر العلمي الدولي الأول من نوعه في العالم العربي «المتلازمات النادرة المرتبطة بالإعاقة» الذي انطلق أمس ويستكمل جلساته اليوم، برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبالشراكة مع جامعة الشارقة ووزارة الصحة.

ما أهمية وجود حدث من هذا النوع؟ أول ما يلفتك في هذا المؤتمر أنه لا يأتي ليزيد وعي الناس وأولياء الأمور فقط بكل ما يتعلق بالمتلازمات النادرة، بل يهدف أيضاً إلى تنمية وعي الكوادر الطبية، وكما قالت منى عبد الكريم اليافعي، مدير مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، رئيس المؤتمر، إن المؤتمر «سيُمثّل نقطة تحوّل في المنطقة، تُسهم في توعية الكوادر المهنية والطبية بهذه المُتلازمات، وكيفية التعامل معها»، وهنا بيت القصيد كما يقولون.

الأشخاص ذوو المتلازمات النادرة والمرتبطة بالإعاقة وأهلُوهم يعتمدون على وجود مؤسسات وكوادر طبية ومعالجين ومرشدين على قدر عالٍ من الوعي والمعرفة بطبيعة ما يعانونه وكيفية التعامل معهم، والجانب الطبي متلاحم في حالات أبناء الهمم أياً كانت إعاقتهم، بالجانب التربوي الذي ينعكس على قدرة أولياء الأمور استيعاب ما يشعر به الطفل المعوّق وقدرته على التفاعل مع أهله ومحيطه وما ينقصه ويجب استكماله بطرق تتناسب وطبيعة إعاقته، كي يتمكن من الاقتراب أكثر فأكثر من المجتمع.

من يعرف مدينة الشارقة الخدمات الإنسانية عن قرب، يدرك جيداً أنها لطالما كانت وتبقى البيت الآمن والحضن الدافئ لأبنائها من ذوي الهمم، وأنها لا تكتفي بهذا الدور فقط بل تبحث باستمرار عن نشر الوعي والإرشاد وجمع أصحاب الاختصاص من كافة الدول، للتناقش واستعراض أحدث الوسائل والدراسات ليستفيد منها الجميع بمن فيهم أولياء الأمور وأبناؤهم، ما ينعكس مباشرة وبشكل إيجابي على المجتمع؛ وحين تقول مدينة الخدمات الإنسانية، لا بد أن تتوقف عند رئيستها الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، قلب المدينة وروحها، وكل لمسة جميلة ونقية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mtat4ubt

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"