انتباهنا مصدر الربح

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

اقتصاد الانتباه هو سلعة الألفية الجديدة بلا استثناء، وهي لا تقدر بثمن إذ إنها تعتمد على الانتباه، الأمر الذي كما يقول الباحث والكاتب الأمريكي ماثيو كراوفورد إننا نملك الكثير منه.

من أوائل من تبنى هذا المفهوم هو هربرت ألكسندر سايمون وهو عالم سياسي واقتصادي أمريكي توفى عام ٢٠١١، إذ أشار إلى أن التدفق المفرط للمعلومات ينتج عنه بالضرورة ضعف في الانتباه يستدعي ميل المخ إلى تحديد الأهم وبالتالي التركيز على معلومة بحد ذاتها.

يمثل كسلنا كبشر في استيعاب هذا الطوفان المعلوماتي أفضل أداة أو عصا «سحرية» في يد القوى الاقتصادية، بل والسياسية أيضاً، إذ لم يعد الاقتصاد القائم على الانتباه حكراً على شركة مياه غازية أو علامة ملابس بل تحول إلى واحد من أخطر الأساليب التي تستخدمها القوى العظمى في العالم لتحريك اتجاهات الرأي العام وقلبها.

هذه الطريقة التي أثبتت فعاليتها تشارك التكنولوجيا الحديثة فيها وبفعالية كبيرة عن طريق استخدام الخوارزميات، كما يفعل أكبر محركات البحث والشبكات الاجتماعية في العالم الافتراضي.

في لقاء أجراه المذيع الأمريكي ديفيد ليترمان مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في برنامجه «ضيفي التالي هو» عبر شبكة نتفلكس، تحدث الأخير بكل أريحية عن استخدام الإدارة الأمريكية لهذا الأسلوب من أجل حشد التأييد الشعبي مع حزب ضد آخر أو دولة ضد أخرى، وأن ذلك يتم بطريقة تشعر المستخدم بأنه صاحب خيار مستقل أثناء قيامه بعملية التصفح الإلكتروني، إلا أن ما يحدث هو أن تلك الشركات تكون على علم مسبق من خلال تحليل بيانات الملايين من المستخدمين، عن توجهات المتصفحين واهتماماتهم، وهي تستخدم كل ذلك من أجل لفت انتباههم إلى قضايا معينة أو ترسيخ أفكار محددة في أذهانهم.

تفعل الأمر ذاته شبكات التواصل الاجتماعي عبر التحكم في خيارات المستخدم دون معرفته المسبقة، من خلال استخدام ذات الأسلوب البرمجاتي.

لا يقتصر استخدام هذا الأسلوب على فترة زمنية محددة، بل إنه يمكن أن يبني ولفترات طويلة المدى اتجاهات عامة يتعهدها بالرعاية حتى تنمو وتزهر محققة الأثر المطلوب، كما تفعل منصة فيسبوك من خلال زر الإعجاب الذي طوره جستين روزنشتاين، ولكن هل يستطيع المستهلك أو المستخدم اليوم لذلك دفعاً؟ هل هناك من حقوق إلكترونية يمكن أن تحمينا من هذه السلطة التي تعتمد على قصور انتباهنا بالدرجة الأولى؟ إن المبالغ التي وافقت شركة «ميتا» مؤخراً على دفعها والبالغة ٧٢٥ مليون دولار لتسوية الدعوى القضائية بشأن انتهاك بيانات مرتبطة بشركة كامبريدج أنالتيكا عام ٢٠١٦، لهي دلالة كبيرة على حقيقة أن انتباه المستخدم لا يزال هو مصدر الربح الأول في هذه المنصات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/36wmukzm

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"