الذكاء الاصطناعي.. أين سيأخذنا؟

01:09 صباحا
قراءة 3 دقائق

د.ندى أحمد جابر *

نحن لا نختار الطريق.. نسير في سباق التطور التكنولوجي.. نتوهم أننا نسير إلى الأمام لنُفاجأ بأن اسمه صار عالم ال (ما وراء) أو (الميتا فيرس). مُصطلحات لا تُفهم، يقولون تَعلم اليوم وستفهمها غداً.. هو سِباق لا يرحم من يتأخر عن اللحاق به، ولا يغفر لمن لا يتعلم.. لذلك تركنا جميعاً مقاعدنا في صفوف الإعلام والأدب والاقتصاد وغيرها، لنقف في صفوف الدورات والكليات التكنولوجية التي تشهد هذه الأيام إقبالاً شديداً.. لماذا؟ لأن طفرة الإنترنت التي جاءت مع بداية التسعينات من القرن الماضي تركت ما كنا ندعوه (الأمية الرقمية)؛ حيث أثّرت على كل مجالات الحياة. علمتنا التجربة الماضية ألا نتهاون بالتعلم ومواكبة كل جديد في المجال التكنولوجي مهما كان اختصاصنا، لأننا شئنا أم أبينا سنسير على نفس الطريق وإلا سيتركنا الطريق ليكمل السير دون أن يلتفت إلينا..

الجديد اليوم هو علم الذكاء الاصطناعي، فمنذ أن قال (ايلون ماسك) الملياردير الشهير في مقابله أجراها معه محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء الإماراتي خلال القمة الحكومية في دبي: «إن الذكاء الاصطناعي سيكون خطراً على الإنسانية».. والعالم في هلع.. وكان سابقاً قد صرح بأن هذا الذكاء أكثر خطورة من الأسلحة النووية.. أن تأتي هذه التصاريح من رجل هو نفسه يُطور ويستثمر الملايين في هذا المجال أمر يستحق أن نقف طويلاً عنده.

لكن هذا لا يعني أن نُهمل التعلّم عن جديد التكنولوجيا فهي ليست مخيفة وسلبية بمجملها، فمعظم التطبيقات التي نستعملها اليوم وتسهّل الحياة أمامنا هي من تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. المُساعِدة الإلكترونية التي ترد علينا وتسهل وصولنا إلى المعلومات والتي اعُتمِدت من الجهات الحكومية هي شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي. والمُرشِد على الطريق (Navigator) الذي تعودنا عليه أيضاً تطبيق من تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. وهناك الكثير من التطور في المجالات الطبية خاصة التي تعتمد على دقة وحرفية الذكاء الاصطناعي، ورغم ذلك لا تستغني عن العنصر البشري لضمان صحة الناس.. الأمر نفسه ينطبق على كل المجالات بما فيها المجال الإعلامي حيث التقنيات الحديثة تؤثر في إثراء المحتوى من خلال الوصول إلى المعلومات وتحليلها بطريقة سريعة وحرفية وإن كانت تستوجب البحث والتدقيق قبل اعتمادها، مثلاً (تشات جي بي تي) الذي يَرتكب الكثير من الأخطاء إن لم يكن المتعامل معه متمكناً من بَحثه ومن معلوماته عن التطبيق كونه محدوداً بفترة تزويده (بالداتا) التي لم تتطور منذ العام 2020.. هذا بالإضافة إلى أنه يُرسل ويَستقبل وقد يتأثر بما يَستقبله من معلومات وقد تكون خاطئة، وإن بنسب قليلة لكنها كافية لرفض الثقة المُطلقة والتأكد منها قبل نشرها. لكنه يبقى مفيداً من حيث السرعة وكمية المعلومات. وأيضاً يستفيد المجال الإعلامي من التقنيات الذكية ومن التسهيلات في الأمور الإنتاجية والإبداع والتطبيقات الخلاقة.. ولكن أين الخطر؟؟

علينا قبل كل شيء أن نعترف أنه لا توجد تقنية جديدة لا تملك جوانب إيجابية وجوانب سلبية، وإن كان أكبر الجوانب السلبية التي تحدّث الجميع عنها هي اختفاء العديد من الوظائف، لكن بالمقابل هذا حافز جديد لتعلم التكنولوجيا الحديثة لأنها ستخلق مجالات عمل جديدة. ولا ننسى المخاوف التي سادت في القرن التاسع عشر مع الثورة الصناعية، حيث دعت مجموعات العمال إلى وقف تصنيع الآلات ومنها آلة الخياطة التي عطلت الكثير عن العمل، لكننا وجدنا أن العكس صحيح؛ إذ زادت المصانع من حاجتها لمن يعمل على تلك الآلات. لا خوف على الوظائف.. الخوف من حقيقة أن هذا الذكاء الاصطناعي المُطور قد يتَفوق على البشر.. سيأتي يوماً يتباهى بذكائه علينا، ويُقرر أن يتخذ قراراته بنفسه.. هل وصلت الرسالة؟

إن مطوري الذكاء الاصطناعي في (أوديتهم السرية) يَتنافسون في جعله الأقوى.. (الأقوى سيخرج عن السيطرة).. هذا ما ورد في كتاب (القوة الخارقة) الصادر عام 2018 للكاتب الصيني (كاي فو لي) حيث يُشدد على أن التنافس بين أمريكا والصين في هذا المجال يجب ألاّ يَغفل الجانب الأخلاقي من الاختراعات والبُعد عن التطبيقات الخبيثة التي تضر بالإنسانية.. التحذير نفسه جاء على لسان (نيك بوسترون) في كتابه (الذكاء الخارق) الصادر عام 2014. ولعل أهم ما تناوله الباحثون والذي يستحق الخوف فعلاً هو الأسلحة الذكية، سهلة التحضير وقوية التأثير والأهم صعوبة بقاؤها بعيداً عن أيدي الإرهابين.. هذا خطر لا يُستهان به.

* كاتبة وباحثة في الدراسات الإعلامية

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4m8dj8rw

عن الكاتب

كاتبة وباحثة في الدراسات الإعلامية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"