قال لا لـ«ديزني»

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

ما علاقتنا بفلوريدا؟ المسافة بيننا بعيدة، ومجتمعاتنا مختلفة، وأحوالنا غير أحوالهم، فلماذا يسعدك هذا الخبر الآتي من هناك، كأنه يمسّك، ويعبّر عنك شخصياً، بل تشعر بأنه يلتقي معك في بقعة ترغب بشدة، أن تتسع دائرتها لتشمل أغلبية الدول فتطغى وتحجب الأصوات الشاذة التي تسعى إلى تشويه براءة الأطفال، وتنشئتهم على الأفكار والمبادئ والأخلاق والسلوكات الشاذة والمشوهة؟

في عيون البعض يبدو خبر توقيع حاكم ولاية فلوريدا الأمريكية، رون دي سانتيس، قانوناً يلغي حق شركة «ديزني» في التفرد بقراراتها وسياستها، والذي كان يسمح لها، منذ الستينات، بالتغريد وحيدة كيفما تشاء، غير خاضعة لقوانين الولاية، عابراً وبسيطاً، لأن شؤون فلوريدا لا تعنينا؛ لكن مضمون الخبر، أو «الحدث» غير سطحي، ولا عادي، ويعنينا كلنا أبناء هذه الأرض، الحريصين على إعادة التوازن إلى المجتمعات وتنشئة الأطفال والأجيال الجديدة على الطبيعة التي خلقنا الله عليها، هو الذي أراد للخلق أن يكونوا ذكوراً وإناثاً، لا ثالث لهما.

سعادتنا بحاكم فلوريدا أنه قال لا لـ«ديزني»، رافضاً ما تروّجه هذه الشركة في أعمالها الجديدة لفكرة الشذوذ، وهي تدعم بقوة ما يسمونه «مجتمع الميم»، ويبدو أن العلاقة بين هذه الولاية التي أنشئت على أرضها في الستينات مدينة الألعاب والملاهي «ديزني وورلد» الساحرة، والشركة، تدهورت منذ أن أعلن المدير العام السابق لـ«ديزني» بوب تشابك، رفضه لقانون طرحه الحاكم يقضي بمنع تدريس كل ما يتعلق «بالتوجه الجنسي في المدارس الابتدائية»، في سعي منه إلى حماية الأطفال مما يريد البعض زرعه في عقولهم من تشويه.

لم يخش دي سانتيس، تأثير قراره في العلاقة بين ولايته و«ديزني» التي تلعب دوراً مهماً في جذب الزوار والسياح إلى فلوريدا، بل وقف في وجه التيار العالي الذي يسعى إلى التغلغل بقوة في كل الأماكن التي يستطيع بث سموم أفكاره فيها، مثل السينما والتلفزيون والأغاني، لنشر ما يسمونه «حرية اختيار الميول الجنسية»، ويزرعونها في عقول الأطفال من خلال نماذج وشخصيات محببة يتقبلها الطفل، ويتأثر بها، ويقلدها، والأخطر أن كثيراً من المدارس تتجه نحو ترك هذه الحرية للأطفال والتحدث عنها علانية.

حاكم فلوريدا تجرأ، فهل نتحرك حيث يجب أن نرفع الصوت ونقول لا في مجتمعاتنا، ومدارسنا، وإعلامنا؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y25xfvvw

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"