مرايا موسى

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

في عمق صورة بصرية أخّاذة بألوانها التي أجبرتني أن أحترم تفاصيلها فأحببتها، تجرد من عالم الأسود والأبيض لعالم اللون، مطلقاً ظلالاً بهية لطقوس اللون وعوالم الفلسفة اللامتناهية، من تجرد لمفاجأة فنية متشحة بعمق المعنى والرسالة، في استطراد للرمز يحكي لك القضية والرسالة، في غير النمطية في صورة الخيل ليكون أيقونة متجردة وكثيراً متمردة مطلقة صوت الفارس المبحوح، ومعلنة أن في رأس أحدهم ألف قصة وقصة. من وحي المسودات التي في كل سرد لها تجعلك تبتسم علماً وفرحاً، لعوالم الأحجام الآسرة المتمازجة معك في كلمة صاحبها أن في رأسي لا تزال أشياء لم أقلها، وفي رسمي بوح لا يقال بسهولة، في رسومات أطلق لها العنان لتحاكي الواقع وما يجري حولنا لتعكس الحياة، السياسة، التاريخ، الأمومة، الحب والتمرد، في صور انعكست لتطلق لك بوحاً قلقاً، انصبّ وارتكز في «مرايا موسى».
مرايا الفنان موسى بن حليان: معرض فني يأخذ لبّك لتجرد تام وصامت، لتقف مشدوهاً أمام دقة الفكرة وتفاصيل القصة، أعمال كثيرة وحكايات لا تستطيع أن تحيد ببصرك عنها، ستعود مراراً وتكراراً لتقف أمام الصورة، وتجبر منطوقها أن يخبرك قصة جديدة لكل التفاصيل المختبئة في التفاصيل، مرايا موسى تستضيفه «خولة آرت جاليري» الواقع في حي دبي للتصميم، ويمتد لغاية 8 مارس/آذار.
 التقيت الفنان موسى من خلال الرسومات التي إن صح تعبيري فسأسميها «المتمردة» عن أصول النمطية، والتي تصعقك لوهلة لدقة ما تحويه من معانٍ، التقيته من خلال أعماله أول مرة في عام 2015، ولم يكن سوى حوار سريع عن تلك المسودات، ليكون اللقاء التالي لأعماله في لحظة دخولي للجاليري، في تلك اللحظة التي استقبلني عمل لم أتوقع أولاً حجمه وثانياً قصته «الرخام الأخضر» مجسداً صراعاً والتواءً حتى في الصراع، كأننا فقدنا شرف المعركة والنزاهة التي تقدم الفارس على الحرب ذاتها، في تلك الكلمات غير المقروءة في خطوط القلم الملتف، وكأن مقالة تريد أن تكتب، لكتها خجلت واختبأت في تفاصيل الصراع. 
في لوحة «السراب» التي تخبرك عن قصة الكثيرين حولنا، ممن يباهي بنفسه، وهو في تلاشٍ مع كل خطوة يخطوها للأمام، وهو لا يعرف أنه ينتهي قليلاً قليلاً، فقط لأنه «مغرور ونرجسي».
 الرسائل تطول والعبارات لا تتسع للمقام الذي التفت فيه الفنان بمسوداته؛ لأخبره أنه من حق جمهوره عليها أن يخرج أكثر، يتحدث أكثر، أن يسمعهم ما سمعناه نحن في حضوره، أن ينتشي الكثيرون بعمق الفكرة والمضمون المختبئ في طيات أوراقه وقبلها فكره، أن تمد جسوراً كبيرة في صور أكثر تعلمنا أن الحياة تريد منا أن نقف وننظر لها نظرة فاحص مدرك لكل الخيوط، وما يجري حولنا، فهدوء الرسم وصرخة مدوية من فكر الفنان، لتخبر العالم «نحتاج للحقيقة وأن نؤمن بها».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bde3yxpw

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"