اجتاح ارتفاع مستويات ومعدلات التضخم معظم الدول على مستوى العالم، بسبب ارتفاع أسعار النفط، والتداعيات الاقتصادية للأزمة الروسية - الأوكرانية الراهنة، ورغم ذلك؛ فإن التضخم في دولة الإمارات للربع الأول من عام 2022 ما زال ضمن أقل المعدلات عالمياً، وفي منأى عن تلك الارتفاعات التي تجتاح معظم الاقتصادات حول العالم. وحلت دولة الإمارات في المرتبة الثالثة عالمياً في استقرار معدلات التضخم، وفقاً لتقرير الكتاب السنوي للتنافسية لعام 2022، الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا.
بحسب دراسة اقتصادية حملت عنوان «ارتفاع الأسعار العالمية للسلع والخدمات، وانعكاساتها على معدلات التضخم في دولة الإمارات» - لـ«وزارة الاقتصاد»؛ أشارت خلالها إلى أن معدل التضخم في دولة الإمارات قد اتخذ اتجاهاً عاماً بالتصاعد خلال الربع السنوي من الأعوام 2020-2022، فبعدما كان منكمشاً خلال الربعين الأول والثاني من 2021 على التوالي -1.65، -0.48%، بدأ يظهر واضحاً تضخم في أسعار إنفاق المستهلكين، لترتفع معدلات التضخم من 0.57% خلال الربع الثالث 2021، مرتفعة أيضاً خلال الربع الرابع 2021، إلى ما نسبته 2.31%.
وخلال الربع الأول من عام 2022، بلغ معدل تضخم أسعار المستهلكين في الإمارات نحو 3.35%، والتي أظهرت ارتفاع الرقم القياسي العام إلى 102.70 نقطة خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني، وحتى مارس/ آذار 2022، مقابل نحو 99.37 نقطة في الفترة ذاتها من عام 2021 بحسب بيانات «وزارة الاقتصاد»، نقلاً عن «المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء».
وجاء ارتفاع معدل التضخم العام خلال الربع الأول 2022 نتيجة ارتفاع في إنفاق المستهلكين ل11 مجموعة إنفاق رئيسية، وهي: النقل، الأكثر ارتفاعاً بنسبة تضخم 22% (تشكل12.7% من وزن ومؤشر إنفاق المستهلك). ومجموعة المطاعم والفنادق بنسبة تضخم 6.87 % بوزن 4.6%، ومجموعة الطعام والمشروبات بنسبة تضخم 5.4% بوزن 12%.
ثم جاءت مجموعة التبغ بنسبة تضخم 4.07% بوزن 0.2%، والملابس والأحذية بنسبة تضخم 2.72% بوزن 5.2%، والاتصالات بنسبة تضخم 2.26 % بوزن 5.9%، والأثاث والمفروشات والأدوات المنزلية وإصلاحها بنسبة تضخم 2.10% بوزن5.1%. والصحة بنسبة تضخم 1.99% بوزن 2.2%. والسلع والخدمات المتنوعة 1% بوزن 4.9%. وخدمات التعليم 0.87% بوزن 7.6%، والترفيه والثقافة 0.55% بوزن 3.1%.
في المقابل انخفضت أسعار مجموعتي إنفاق رئيسيتين، هما: السكن والمياه والكهرباء والغاز المنزلي، والتي تشكل الوزن الأكبر من مؤشر إنفاق المستهلك في الدولة 35.1 % من وزن المؤشر انكمشت بنسبة 2%. والخدمات المنزلية التي تمثل 1.3% من وزن المؤشر انخفضت بنسبة 1.72%.
مقارنات سنوية
وبعمل مقارنات بسيطة في معدلات التضخم ربع السنوية لمجموعات السلع والخدمات يلاحظ التالي:
- خدمات النقل من انكماش بنسبة -1.98% في الربع الأول 2021، إلى تضخم بمعدل 17.05% في الربع الرابع 2021، ثم إلى 22% في الربع الأول 2022.
- المطاعم والفنادق من تضخم بنسبة 0.28% في الربع الأول 2021، إلى تضخم بمعدل 1.85% في الربع الرابع 2021، ثم إلى 6.87% في الربع الأول 2022.
- الأغذية والمشروبات غير الكحولية من تضخم بنسبة 0.57% في الربع الأول 2021، إلى تضخم بمعدل 3.09% في الربع الرابع 2021، إلى 5.40 % في الربع الأول 2022.
- المشروبات الكحولية والتبغ من انكماش بنسبة 0.39% في الربع الأول 2021، إلى تضخم بمعدل 0.80% في الربع الرابع 2021، إلى 4.07 % في الربع الأول 2022.
- الملابس والأحذية من انكماش بنسبة 0.19% في الربع الأول 2021، إلى تضخم بمعدل 0.39% في الربع الرابع 2021، إلى 2.72% في الربع الأول 2022.
ومن المجموعات السلعية التي لم تحقق تضخماً هي: مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز، فقد بلغ معدل الانكماش 3.30% في الربع الأول 2021، إلى انكماش بمعدل 2.94% في الربع الرابع 2021، إلى 2% في الربع الأول 2022.
تذبذب سنوي
أخذت معدلات التضخم السنوية في دولة الإمارات اتجاهاً متذبذباً بين انكماش وتضخم، ووصل معدل التضخم في عام 2014 إلى 2.3 ليرتفع إلى 4.1% في عام 2015 ثم انخفض إلى 1.6%، 2%، 3.1% على التوالي للأعوام من 2016 إلى 2018، وشهد عاما 2019 و2020 انكماشاً في إنفاق المستهلكين ووصل إلى 1.9%، 2.1% على التوالي. بينما شهد عام 2021 تضخماً بنسبة 0.18%.
وارتفع معدل التضخم العام خلال 2021 نتيجة ارتفاع في إنفاق المستهلكين ل 7 مجموعات إنفاق رئيسية، وهي:
- النقل وهي الأكثر ارتفاعاً بنسبة تضخم 8.87%،
- الترويج والثقافة 2.11 %،
- خدمات التعليم 1.04%،
- مجموعة المطاعم والفنادق بنسبة تضخم 0.66%،
- التجهيزات والمعدات المنزلية بنسبة 0.45%،
- خدمات الصحة بنسبة تضخم 0.43%،
- الاتصالات بنسبة 0.10%.
في المقابل؛ انخفضت أسعار ثلاث مجموعات إنفاق رئيسية هي: السكن والمياه والكهرباء والغاز المنزلي والتي تشكل الوزن الأكبر من مؤشر إنفاق المستهلك في الدولة، حيث انكمشت بنسبة 3.48%، والملابس والأحذية انخفضت بنسبة 3.28%، والأغذية والمشروبات غير الكحولية انخفضت بنسبة 0.01%.
توقعات
وتشير أحدث توقعات «صندوق النقد الدولي»، إلى تراجع معدل التضخم في الإمارات خلال 2023 إلى 2.8% ليبقى ضمن أقل معدلات التضخم على مستوى العالم. وسوف تكون المحركات الرئيسية للتضخم هي الارتفاع في أسعار الطاقة والتضخم المستورد اللذين يتوقع وصولهما إلى مستويات قياسية عالمياً، إضافة إلى زيادة الأجور، والانخفاض المتواصل في الإيجارات.
الأغذية الأساسية
وقدر حجم الاستهلاك المحلي من القمح في دولة الإمارات بنحو 1.3 مليون طن خلال عام 2021، بينما قدر الاستهلاك المحلي للحوم بنحو مليون طن، والذرة بنحو 600 ألف طن، بينما قدر للأرز بنحو 510 ألف طن والألبان بنحو 261 ألف طن، والزيوت بما يقدر ب 238 ألف طن والسكر 173 ألف طن.
- توصيات
واختتمت الدراسة بسلسلة من التوصيات التي ينبغي اتخاذها وتنفيذها، كان أبرزها:
- تطبيق أدوات السياسة النقدية غير التقليدية لدعم التعافي وتحفيز النشاط الاقتصادي، والتركيز على تبنّي عدد من الإصلاحات التي تستهدف تحقيق الاستقرار السعري والمالي، ودعم التحول الرقمي بما يشمل جهود إصدار عملات رقمية وترخيص البنوك الرقمية والخدمات المصرفية المفتوحة، لزيادة الشمول المالي.
- تبنّي سياسات جانب العرض التي تشمل مجموعة من السياسات المصممة لخفض التكاليف وتحسين الكفاءة والإنتاجية والقدرة التنافسية، بحيث يمكن زيادة مستويات الإنتاج واحتواء ارتفاع معدلات التضخم عبر عدد من السياسات من أهمها:
- تخفيض معدلات الضرائب.
- إصلاحات أسواق العمل.
- تحسين التعليم والمهارات والتدريب.
- حوافز لتمكين الشركات الناشئة.
- تحسينات على البنية التحتية. - العمل على تحسين العلاقات التجارية مع مختلف دول العالم للحفاظ على سلاسل التوريد لتكون قادرة على تلبية أي زيادة في الطلب.
- ضبط ومراقبة وتحديد أسعار السلع والخدمات في أسواق دولة الإمارات.
- زيادة الإنفاق الاستثماري الحكومي الموجه لزيادة الإنتاج بالدولة مع خفض الإنفاق الحكومي الجاري.
- جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية للدولة.
