الذكاء الاصطناعي بنظرة مختلفة

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل الذكاء الاصطناعي واضح المعالم بلا لبس في الأذهان؟ ما عليك إلا أن تضع في الحسبان نسبة الإعلام العلمي والتوعية العلمية مقارنة بالباقي. سنأخذ منعرجاً غير مطروق كثيراً لبلوغ المقصد.
هيّا بنا إلى قطار آلة الزمن، إلى بداية البداية، إلى عصر غرائبي ساحر لم يفكّ العلم بعدُ ألغاز أسراره، لكن لأسباب عجيبة ظهر الإنسان العاقل مفترقاً عن الثدييّات العليا. لك أن تتذكر مقولة اليوناني أناكزاجورس: «الإنسان يفكّر لأن له يدين».
تستطيع حتى أن تغامر بالقول إن التاريخ كله تاريخ يدين، من العصور الحجرية إلى أعظم اختراعين في مسيرة القرون، الكتابة والعجلة. منذ الأزمنة الغابرة واليدان تبدعان في تناغم مع أوامر الخوارزميات أو فيزياء الكمّ في الدماغ. علماء العلوم العصبية لم يحيطوا بعدُ علماً بكنه أسرار الكتلة التي تسكن الجمجمة.
ألا يدعوك إلى التفكر مشهد ظهور الإنسان العاقل، وكيف اكتشف أن يديه قادرتان على صنع أدوات تريحه من بعض عناء المجهود العضلي؟ كيف كان يستطيع تحريك جلاميد الصخور من دون عجلة؟ لكن الدماغ كان يتطور بسرعات نجومية، فالتدوين هو نقل ما ليس مادة، نقل المعارف والعواطف والأفكار وتسجيل الأحداث. ألا ترى حرق المراحل حتى ولو أنه طال مئات ألوف السنين من ظهور الإنسان العاقل إلى ذلك الكائن الحضاري الذي أبدع ملحمة «جلجامش» أو أناشيد ما يسمّيه هنري جيمس بريستد «فجر الضمير»، في مصر القديمة، تلك الروائع التي تدغدغ إحساسك بأن الخيّام قرأها فاستلهم منها رباعياته.
يجب التحكّم في قطار آلة الزمن. غريزة التوسع والتسلّط فتحت الشهية إلى المزيد من الطاقات، فكان الاستعباد والإقطاع في الحضارات والإمبراطوريات بأشكال شتى، إلى أن جاءت الثورة الصناعية الأوروبية، فأدرك أصحابها أن الآلات التي تعمل بطاقات الفحم والنفط أكثر إنتاجية بكثير من العضلات البشرية، فكانت فكرة تحرير العبيد من غير سبارتاكوس. اليوم ومستقبلاً يمثّل الذكاء الاصطناعي خادماً أميناً للإنسان يحمل عنه الكثير من الأعباء. هو ليس علماً أو تخصصاً. ستشمل أعماله جميع الميادين مثل ما هو الدماغ البشري في كل المجالات. سيكون في المستشفيات والمختبرات، في ساحات المعارك، في الجامعات والمكتبات والإعلام، في التجارة والسياحة والمرور؛ وحيث يحتاج الأمر إلى أعمال عضلية أو حسابات وخوارزميات تفوق قدرات الدماغ.
لزوم ما يلزم: النتيجة العجبية: الذكاء الاصطناعي ولد سنة 2010، فهو بمثابة الإنسان العاقل قبل العصر الحجري بكثير. كيف سيكون بعد ألف، بعد مئة ألف عام؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdht844c

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"