العجب العُجاب

«عجاب» بكسر حرف العين هي جمع لمفردة عجيب، أما إذا وضعنا على العين ضمّة، فيصبح معنى عُجاب ما جاوز حدّ العجب، وهذا ما عنته الآية القرآنية الكريمة حين قالت: «إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ». والعجب العُجاب بهذا المعنى هو الترجمة العربية لعنوان معرض مقام حالياً في متحف برلين للاتصالات، افتتح في منتصف فبراير/ شباط الماضي، ويستمر حتى 25 يونيو/ حزيران المقبل، يتناول موضوعاً لا يخطر على البال، وهو تاريخ السباب واللعنات عبر التاريخ، واختار له منظموه العنوان التالي: «من لعنة الفراعنة إلى خطاب الكراهية».
مؤرخ وباحث في الدراسات الجرمانية وأصول الكلمات، اسمه إيسيغ، هو وراء تنظيم هذا المعرض، وهو من اختار عنوانه، وبرأي هذا الباحث فإن «اللعن والسب قديمان قدم اللغة نفسها، وهما جزء من السلوك البشري. وهنا يُنسب نوع من القوة السحرية إلى الكلمات البذيئة أو الفظة».
طبعاً سيستوقفنا أن منظم المعرض اختار «لعنة الفراعنة» مفتتحاً للتاريخ الذي أراد عرضه لموضوعه، ويذكر أن عالم الآثار ووزير الآثار المصري السابق زاهي حوّاس نفى ما يردد عن لعنة الفراعنة، التي بدأت في الانتشار بعد موت بعض من فتحوا مقابر المومياوات قبل تهويتها، «فبعد 7000 عام يكون هناك جراثيم غير مرئية نتيجة تعفن المومياء تتسبب في موت من يتعرض لها بطريقة مباشرة، لذلك يتم فتح المقابر وتهويتها لفترة قبل دخولها لضمان التخلص من الهواء الفاسد ودخول الهواء النقي». وهو ما أكد عليه أيضاً صاحبنا الألماني منظم معرض «العجب العجاب»، مع تأكيده على أن «في المصرية القديمة كانت هناك بالطبع لعنات وشتائم أيضاً»، لكن لا صحة لما يقال عن اللعنات، وحسب تغطية للمعرض المذكور نشرها موقع «دي. دبليو» الألماني، فإن حكاية هذه اللعنات ابتدأت بعد العثور على قبر الملك الشاب توت عنخ آمون في وادي الملوك في مصر عام 1922، حين اكتشف عالم المصريات البريطاني هوارد كارتر وفريقه سلماً حجرياً يؤدي إلى قبر مغلق في وادي الملوك ليجدوا تابوت توت عنخ آمون ومجموعة من الكنوز الذهبية والجنائزية لا تزال سليمة بشكل كبير.
تزايد الانبهار بهذا الاكتشاف بعد الإعلان عن وفاة العديد من أعضاء فريق كارتر، وسبق ذلك وفاة اللورد جورج كارنارفون، الذي قام بتمويل بعثة كارتر، فكثر الحديث عن «لعنة الفراعنة»، حيث كان يُعتقد أن توت عنخ آمون عاقب اللورد وفريقه على تعكير صفو سلام الميت في مقبرته.
[email protected]