دروس من العلامات التجارية

إن تقييم العلامات التجارية يُسهم بشكل كبير في فهم قيمها ومساهمتها في اقتصاد دول المنشأ، ومستوى أدائها ثقافياً ودبلوماسياً، كما أنه يُسهم بشكل كبير في توجيه صناعة قرارات التسويق والاستثمار، بالإضافة إلى توفير معيار أداء للمستقبل. فما هي أقوى العلامات التجارية عالمياً ومحلياً، وما هي معايير تفوقها؟
صدر مؤخراً مؤشر (أقوى ٥٠٠ علامة تجارية في العالم) كاشفاً هيمنة شركات التقنية على المراتب الأولى، يلي ذلك شركات التجزئة، ومن ثم قطاع المصارف والبنوك والذي يستحوذ على الحصة الكبرى من مجموع العلامات موضوع الدراسة، وقد جاءت أمازون في المقدمة بقيمة سوقية وصلت إلى أكثر من ٢٩٩ مليار دولار، مسجلة تراجعاً ب ١٥٪ عن الأعوام الماضية؛ إذ فشلت الشركة في تحقيق الأهداف المتوقعة بسبب خفض التكاليف وتسريح العمال، إلا أن تفوقها المستمر في مجالات مختلفة مثل: الحوسبة السحابية، أتمتة الصوت والبث الرقمي ساهمت في تحقيق نمو كبير للعلامة.
جاءت «أبل» ثانية في الترتيب؛ حيث تصل قيمة علامتها التجارية إلى أكثر من ٢٩٧ مليار دولار، ويرتبط الانخفاض في قيمتها هذا العام بانخفاض الإيرادات الناتج عن تعطل سلسلة التوريد للسلع، وتقييد سوق العمل، إلا أن مواصلة الشركة في الابتكار والاستثمار في خطط النمو طويلة الأجل، وتوسيع عروضها لتشمل خدمات أكثر، بالإضافة إلى التزامها بخصوصية العملاء وأمنهم، والحد من التأثير البيئي لمنتجاتها، هي عوامل ساهمت في تعزيز ولاء العملاء للمنتجات والخدمات في ٢٠٢٢.
أما شركة «جوجل» فقد احتفظت بالمركز الثالث لتصل قيمة علامتها التجارية إلى أكثر من ٢٨١ مليار دولار؛ حيث قامت بتوسيع قدراتها التكنولوجية، وتحسين ميزات منتجاتها، من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، كما أن مشاركتها في مشاريع معالجة التغير المناخي واتخاذ خيارات مستدامة مثل تبريد مركز البيانات المراعي للمناخ باستخدام طاقة خالية من الكربون، هي أحد العناصر التي عززت من مكانة العلامة التجارية.
إن العمل على تطوير علامة تجارية قوية ومستدامة لا يتعلق بفن التصميم والتسويق وحسب، بل بجوهر المشروع وأهداف تأسيسه منذ البداية، مما يُسهم في تحقيق نقلة نوعية للمشاريع ترتبط بسمعة الكيانات الاقتصادية وحتى دول المنشأ، بل وتلعب دوراً كبيراً في تعزيز قوتها الناعمة؛ إذ تمثل أداة من أدوات الدبلوماسية الثقافية، وقد ضربت الإمارات -الأولى عالمياً في أداء العلامات التجارية الوطنية حسب المؤشر- مثلاً في تفوق مجموعة من علاماتها الرائدة مثل أدنوك، والتي على سبيل المثال حققت نجاحاً كبيراً في ترسيخ صورتها الذهنية كأول شركة نفط وغاز كبرى في العالم تستخدم الطاقة النووية والشمسية الخالية من الكربون، وتستثمر ما يقارب ١٥ مليار دولار لتسريع العمل في مشاريع الطاقة النظيفة.
[email protected]