مسرح «البروفة»

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

هل هناك مسرح مكتمل من حيث التوصيف والتأطير الثقافي والمصطلحي يمكن أن نطلق عليه: «مسرح البروفة»؟ 
هناك مسرح الشارع أو مسرح الهواء الطلق، ومسرح العنف، مسرح العبث، مسرح الكوميديا، مسرح العرائس، مسرح الظل، وإلى آخره من أنواع المسرح العربي والعالمي، ولكن هل هناك مسرح في حد ذاته اسمه: «مسرح البروفة»؟
 الجواب عند أهل المسرح، فلست ممن يغامر في رأي أو معلومة أو مصطلح من دون التثبت مما يكتب ومما يقرأ، لكن المرء يرجع فكرته التي يشعر بأنها جديدة إلى حقل الاجتهاد. والوسط المسرحي الإماراتي والعربي وسط مثقف في العادة، وفي حدود معرفتي يقرأ المسرحيون أكثر من غيرهم. المسرحي يقرأ في الشعر والرواية والقصة القصيرة والتاريخ والفكر والفلسفة والموسيقى، وهو يقرأ لأن هذه الحقول الأدبية والفنية والجمالية ضرورية أساساً لعمله المسرحي، هذا أولاً، وثانياً، لأنك لا تستطيع أن تتخيل أنك تجلس أمام مسرحي فارغ من داخله، لا ثقافة، لا رأي. لا فكر. ابتعدت عن لب هذه المقالة وهو «مسرح البروفة»، ولعل أكثر من تحدث عن البروفة، وضرورتها، للمسرحي أو لفريق التمثيل كله هو المخرج المثقف د. جواد الأسدي، وأذكر أنني أجريت معه حواراً مطولاً قبل سنوات بعيدة حين كان يقيم في العاصمة الأردنية عمان، غير أن قراءاتي في المسرح آنذاك كانت محدودة، فلم أساله عن بلورة مفهوم فني مستقل تحت مصطلح «مسرح البروفة»، لكن كان حديث د. الأسدي عن البروفة مشحوناً بالشعرية والثقافة المسرحية المعروفة في تكوينه الفني والشخصي. يركز د. الأسدي على جسد الممثل، وتدريبه حد إرهاقه في «البروفة» التي تعود في أصلها اللغوي إلى الكلمة الإيطالية «بروفا»، غير أنني أجتهد مرة ثانية، وأقارب بين إيقاع كلمة «برافو» التي تطلق عند مدح إنسان قام بعمل جيد، فيقال له: «برافو».
هل البروفة المسرحية هي «العمل الجيد» قبل المسرحية، أم أن البروفة تشبه الطريق، وهناك من الشعراء من يعتبر أن الطريق إلى البيت أجمل من البيت «الطريق إلى إيثاكة أجمل من إيثاكة»، فهل البروفة التي هي الطريق إلى المسرحية أو الطريق إلى العرض، هي أجمل من العرض؟ بالطبع، لا يمكن ل «بروفة» أن تكون أجمل من العرض المسرحي، إنما الربط هنا هو محض ربط شعري لا أكثر، ومع ذلك، ألا يمكن للمسرحيين أن يمعنوا النظر طويلاً أو قصيراً في فكرة «مسرح البروفة»؟ المسرح هو الحياة، والبروفة أيضاً جزء من الحياة. لكل إنسان منا بروفته الخاصة، مثلما له قناعه الخاص أو أقنعته الخاصة. لكل منا بروفته قبل أن يبدأ مسرحيته اليومية، أو عرضه أو استعراضه اليومي.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/359xfk74

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"