عادي

الظاهر والباطن جل جلاله

22:13 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

كثيراً ما نردد بدعائنا، اللهم أنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، لكن هل فكرنا يوماً ما معنى الظاهر والباطن في حق الله سبحانه وتعالى؟

من الأمور البدهية أن يقول أحدنا: الظاهر هو الجلي الذي لا يخفى على أحد، والباطن خلاف ذلك، هذا بالمعنى العام، أما في حق الله، سبحانه وتعالى، فالظاهر عرّفه العلماء بتعاريف عدة أبرزها ما ذكره الرازي: أولاً الظاهر بمعنى الغالب لخلقه، فيقال ظهر فلان على فلان أي غلبه، فالله غالب على أمره ولو كره المشركون، فلا يستطيع كائن من كان أن يتحدى الله فهو سبحانه غالب بملكه للكون، وتحكمه فيه، فما أراده كان، وما لم يرده لم يكن؛ لذا لا يستطيع أحد أن يدعي شيئاً هو ملك لله، ففرعون حينما ادعى أنه الخالق للكون المتحكم به، أهلكه الله وكان الغرق نكالاً لكلمته الأولى بأن ما يراه صواباً فهو الصواب، وكلمته الأخيرة بأنه رب الناس الأعلى، وكذا حال النمرود كان مصيره الهلاك لادعائه الخلق والقدرة في هذا الكون، وهو الغالب بأحكامه، فأي حكم شرعه لعباده مما أحل أو حرم، فيه الخير للعباد حتى لو كان في اعتقاد العبد أن هذا الأمر فيه ضرر له، والمعنى الثاني لاسم الله الظاهر أنه العالم بما ظهر من العبد؛ لذا فالمؤمن يمتثل لأوامر الله لا يخاف بخساً ولا رهقاً، فإن أنكر الخلق حسن صنيعه، فإن الله لا يضيع للإنسان مثقال ذرة؛ بل يجازيه في الدنيا والآخرة على ما قدم من خير ويمتد ذلك إلى أولاده وفي قصة موسى مع العبد الصالح خير مثال (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) الكهف:82، أما معنى اسم الله الباطن فله معانٍ عدة، أولها هو الجلي بأحكامه وقدرته وعظمته الذي لا تدركه الأبصار، فسبحان الله العظيم أدرك العباد عظمته وقدرته من خلال آياته في الكون، وعرفوه من إنعامه وتفضله عليهم، فسبحانه الظاهر على عباده بكرمه ولطفه، والمعنى الثاني للباطن هو العالم بخفايا الأمور فهو يعلم دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، يعلم ما يخفيه الإنسان وما يسره، فلا تسقط ورقة في هذا الكون العظيم إلا وقد أحاط بها علماً، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين.

الله، جل وعلا، الظاهر الباطن الذي يعلم حال العبد ومآله؛ لذا المؤمن يثق بأن الله لن يضيعه وأنه قد أحاط كل شيء بعلمه، فلا ينتظر جزاء عن عمله من أحد، ولا يبتغي بعمله إلا وجه الله سبحانه وتعالى.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2479c8ey

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"