عادي

كيف نستقبل رمضان؟

22:14 مساء
قراءة 3 دقائق
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر
ثمرات شهر رمضان وبركاته كثيرة ومتعددة، لو أحسن الإنسان فيه الإقبال على الله على الوجه الذي يريده عز وجل. وكل هذه الثمرات تصب في النهاية لصالح هذا الإنسان، كلا، بل هي تتعداه لتفيض على أسرته وجيرانه، ودائرة عمله، وهكذا تنداح الدائرة حيثما تحرك وسار.

إن أخلاقيات رمضان تجعل المرء يسمو فوق الأهواء، وتجعله يرفرف في آفاق عليا، فيغدو الإسلام حياً في واقع الناس، وبهذا يكون قد استطاع أن يقدح شرارة التفاعل مع تعاليم الإسلام كلها، فإذا بالإنسان يندفع في تلقائية إلى دوائر الخير ينافس فيها المتنافسين.

وإذا تصورنا أن مجتمعاً ما استمر على هذه الصورة الوضئية النقية، بقية أشهر السنة، فإننا يمكن أن نقول: لقد استطاع الإسلام أن يصنع في دنيا الناس ملائكة يمشون على الأرض، أرجلهم تطأ الثرى، وأرواحهم مشدودة إلى الملأ الأعلى.

تتجلى لك في نهار رمضان في هذا الإنسان حكمة الشيوخ، ووقار العلماء، وخشوع العابدين، ورفرفة العارفين، ولكن العجب أن تجد البعض يتحلى بهذه الصفات العظيمة في النهار دون الليل!

وعلى قدر استفادة الإنسان من شهر رمضان ونجاحه في الانصهار به، فإن ثمرات ذلك وبركاته وأنواره تستمر معه لأطول فترة ممكنة، إن لم أقل العمر كله فيبقى مراقباً لنفسه، متابعاً لهمساتها، مدققاً في حركاتها وسكناتها، حذراً من وساوسها وإيحاءاتها، متيقظاً لمنعرجات الطريق، ذلك لأن الطريق طويل، والمنعطفات فيه كثيرة، والالتواءات فيه مخيفة، والسير في غفلة وشرود قد يجعل المركبة تدخل في طريق فرعي وعر، فإذا بصاحبها يجد نفسه وسط المتاهة يقلّب نظره في السماء، ومن ثَمّ فلا بد من اليقظة المستمرة والحذر الدائم..

ومن عجائب هذه اليقظة أنها تولّد من النور نوراً، وتستخرج من الثمرات ثمرات أخرى كانت غائبة عن العين، فإذا العمر مبارك بفضل الله تعالى. وتلك نعمة لا تزال تسمو بالإنسان، فتحلو به ومعه الحياة.

وفي نهار رمضان تتجسد للعيان أخلاقيات سماوية رائعة، وتتجلى قضايا إيمانية عميقة، فرقابة الله عز وجل، مثلاً، تكون في ذروتها لدى الإنسان، وهذا هو مقام الإحسان، كما وصفه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين سئل عن هذا المقام فقال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».

إن الحكمة من تشريع الصوم هي أن يكتسب الصائم منه تقوى الله تعالى، التي تدفعه إلى طاعة الله وتحجزه عن معاصيه.

وعلى المسلم الصائم أن يختبر نفسه، وهو يؤدي هذه الفريضة العظيمة، هل اكتسب من صومه تقوى ربه، فحافظ على طاعته بفعل ما أمره به، وترك ما نهاه عنه؟ ويتفرّع عن هذه الثمرة العظيمة: ثمرات كثيرة في حياة الإنسان وواقع الحياة، فاللسان في أروع حالات ضبطه، فلا يتفلّت، بل ترى أن صاحبه قد ألجمه بلجام ووثاق شديدين، فإذا الكلمات منتقاة موزونة نظيفة متوضئة طيبة مباركة. وبهذا يتحقق الإنسان بحقيقة الإسلام ففي الحديث: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».

هذا مجرد نموذج وصورة مباركة من صور هذا الشهر الكريم، والثمرات، كما قلنا، كثيرة متعددة، وكل ثمرة تتوالد منها ثمرات أخرى، لصالح المجتمع والحياة كلها، والمهم أن على الإنسان أن يستفيد من هذا الشهر جيداً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2hwnef7n

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"