عادي
تتوقع منه الكثير.. ويعطيك القليل

«يور بلايس أور ماين».. كاد أن يكون ممتعاً

22:28 مساء
قراءة 5 دقائق
الحوار الوحيد وجهاً لوجه هو الأخير
بيتر يمارس دور الأب

مارلين سلوم

يلعب مزاج المرء وحالته النفسية دوراً في اختياراته للأفلام التي يرغب في مشاهدتها، خصوصاً إذا كانت المشاهدة منزلية، فيبحث أحياناً مستهدفاً الأفلام التي تمنحه إحساساً بالراحة والاسترخاء، وهي غالباً ما تكون إما أفلاماً رومانسية كوميدية (يختصرونها ب «روم كوم») أو عائلية حتى ولو كانت أفلام كرتون؛ إنما الاسترخاء لا يعني بالضرورة أن يكون المنتج المعروض أمامك ضعيفاً أو ساذجاً يشعرك بأنك أضعت وقتك على لا شيء بدل أن يمنحك إحساساً بالمتعة والتشبع والرغبة في مشاهدة المزيد؛ وفيلم «يور بلايس أور ماين» الذي تعرضه «نتفليكس» من هذه النوعية، رومانسي كوميدي تتوقع منه الكثير لأنه يحمل أسماء مؤلفة ناجحة وممثلين بارعين ومحبوبين، لكنه يعطيك القليل من كل شيء.

كأنك أمام مجموعة قطع مركبة أسقطت منها الكاتبة التفاصيل المهمة والجميلة فتراجع العمل بكامله إلى مستوى المتوسط والمقبول؛ فهل فشلت ألين بروش ماكينا في كتابة فيلم رومانسي كوميدي جديد يناسب تطورها المهني وتطور الزمن الذي وصلنا إليه في 2023، وهي التي سبق أن قدمت عملين ناجحين جداً من نفس النوعية «ذا ديفيل وير برادا» و«27 دريسز»؟ أم أنها وقعت في فخ الإخراج فلم تحسن الإلمام بالجانبين الكتابي والإخراجي في آن؟

«يور بلايس أور ماين» وترجمته «مكانك أو مكاني» كاد أن يكون ممتعاً ومميزاً ومن الأعمال الرومانسية التي تحب مشاهدتها أكثر من مرة، لو أن كاتبته ومخرجته ألين بروش ماكينا التفتت إلى نقاط أضعفت الحبكة وجعلت الفيلم لطيفاً ليس أكثر، ولو أنها اعتنت بتفاصيل كثيرة ودقيقة تسبب غيابها في جعل الفيلم مثل قطعة «بازل» تركب مشاهدها وأحداثها من هنا وهناك حتى تكتمل اللوحة في الدقائق الأخيرة فقط. هي أجادت اختيار الممثلين، ريس ويذرسبون وأشتون كوتشر، بينما أفرغت القصة من مضمون عميق وأحداث منطقية تجعل الجمهور يصدق ما يشاهده على الشاشة؛ ماكينا بدأت فيلمها بمشهد غرامي ولقاء عاصف بين البطلين ديبي (ويذرسبون) وبيتر (كوتشر) وتفهمنا سريعاً بأنه كان اللقاء الأول والأخير بينهما، ليفترقا من بعده، -هي في لوس أنجلوس وهو في نيويورك- محتفظين بصداقة قوية بحيث لا يكاد يمر يوم دون أن يتواصلا هاتفياً، يتبادلان الآراء ويتشاوران في كل شيء أو تقريباً كل شيء، ويستمر الوضع على حاله عشرين عاماً، أصبحت خلالها ديبي أماً تعتني وحدها بابنها جاك (ويسلي كيميل)، بينما والده هرب من تحمل المسؤولية ليمارس هوايته في تسلق الجبال.. فجأة تقرر ديبي التي تعمل في مجال المحاسبة أن تذهب إلى نيويورك للالتحاق بدورة تمنحها شهادة إضافية في المحاسبة، علماً أنها كانت تحلم بأن تصبح كاتبة ومحررة صحفية، فتتفق مع بيتر على أن يلتقيا هناك، وكذلك تتفق مع صديقتها سكارليت المهووسة بالتمثيل على أن تعتني بجاك خلال فترة غيابها، فهو في سن المراهقة (13 عاماً) ويعاني حساسيات كثيرة وتحيطه أمه برعاية شديدة وقلق دائم لدرجة أنها تحاصره بشكل مبالغ فيه؛ وفجأة أيضاً تحصل سكارليت على فرصة العمر ويتم قبولها للتمثيل في فانكوفر وعليها السفر فوراً.

عقدة درامية

مفاجآت يمكنك أن تتقبلها لتمشي مع الأحداث على أمل أن تصادف على دربك ما يفاجئك حقيقة ويبهرك ويأخذك إلى عقدة درامية مشوقة؛ طبعاً تأتي المفاجأة الثالثة باتخاذ بيتر قرار المجيء إلى لوس أنجلوس ليحل مكان ديبي ويتولى بنفسه رعاية ابنها تاركاً لها مفتاح شقته الفخمة لتقيم فيها. هنا لا نفهم إصرار المؤلفة على ألا يلتقي ديبي وبيتر أبداً وجهاً لوجه سوى في أول مشهد خاطف وفي آخر دقائق من العمل؟! ما يعني أن ويذرسبون وكوتشر لم يلتقيا فعلياً للتمثيل في موقع التصوير ولم يقفا وجهاً لوجه إلا قليلاً، بينما استخدمت المخرجة تقنية الاتصال الهاتفي بالصوت والصورة (فيديو كول) لتجمع بينهما ويدور الحوار وتقسم هي الشاشة إلى نصفين فنشاهدهما معاً في كادر واحد.

بيتر مستشار أعمال ناجح جداً وثري يعيش في بيت يعمل إلكترونياً بالتقنيات الحديثة، كل شيء نظيف ومنظم حتى الكتب في مكتبته مرصوصة وفق ألوانها، بينما منزل ديبي يعج بالحياة والفوضى، اختارته في منطقة عالية وسط الأشجار والطبيعة حرصاً على صحة ابنها.. مجموعة تناقضات واضحة بينهما، هو لا يستقر في علاقاته فيهرب من الارتباط والالتزام مع كل من يعرفهن، وهي أم تعتني بكل تفاصيل ابنها، تركت لبيتر قصاصات في كل مكان في بيتها توجهه وتعطي ملاحظات حول ما يجب فعله وبالتوقيت المحدد وما يجب الابتعاد عنه من أجل سلامة ابنها.

مغامرة مختلفة

جميلة علاقة الصداقة التي نشأت بين بيتر وجاك، لكننا توقعنا أن يتخللها الكثير من التشويق، كذلك عاشت ديبي مغامرة مختلفة خرجت بها عن إطارها الروتيني الكلاسيكي بفضل مينكا (زوي تشاو) صديقة قديمة لبيتر جاءت لتزوره فتفاجأت بوجود ديبي التي لطالما تحدث عنها بيتر وبإعجاب شديد.. ما لا يمكن تصديقه، أن تستمر علاقة صداقة متينة بين رجل وامرأة لمدة 20 سنة دون أن يلتقيا خلالها أبداً؟ وكيف تكون هذه العلاقة متينة وتخفي بين طياتها حباً مكتوماً ولا يجد أحدهما الفرصة أو الجرأة على البوح؟ وكيف يكتشف فجأة كل منهما أنه يحب الآخر بعد كل هذه المدة؟ والأغرب من كل هذا أن تكتشف ديبي أن بيتر يحتفظ بصورها في مكان سري في منزله، وأنه كتب رواية ويخفيها عن الجميع حتى عنها وهي أقرب الناس إليه؟ وكيف يمكن للصدفة أن تتسع وتتسع باستمرار في هذا الفيلم لدرجة أن تضع في درب ديبي ناشر الكتب المشهور ثيو مارتن (جيسي ويليامز) في الوقت المناسب؟.

قصة تحتاج لإضافات

الكاتبة ماكينا اكتفت بوضع مجموعة أفكار (ليست جديدة بل سبق أن شاهدنا مثلها الكثير في أفلام رومانسية) ولم تحبك الوصلات المنطقية والحيوية بينها، القصة جيدة، لكنها تحتاج إلى لمسات وإضافات مهمة تمنح الجمهور بهارات التشويق، وما قدمته في الخمس دقائق الأخيرة توقعناه مسبقاً، لكننا لم نتوقع أن تأتي النهاية بهذه «السذاجة الإخراجية» وبهذه السرعة دون أن تمنحنا المخرجة فرصة أن نرى البطلين معاً في مكان واحد وجلسة المصارحة بينهما تكون واقعية ومنطقية لا عشوائية كما شاهدناها! الممثلون جيدون سواء ويذرسبون أو كوتشر أو زوي أو حتى الطفل ويسلي، يملكون القدرة على إنجاح عمل أهم وتقديم أداء أفضل لو ساعدتهم القصة ومضمونها والحوار على ذلك؛ ولو عملت الكاتبة بنفس أسلوب أعمالها السابقة الناجحة لتمكنت هنا أيضاً من إضافة بصمة جديدة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2tc5p2bx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"