عادي

القصاص والعفو

22:15 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
قلنا في مقال سابق، إن القصاص حق شرعي، وإن استيفاءه يكون بالسيف من جلّاد متخصص بإشراف الحاكم أو من ينوب عنه.

وجرت العادة في عصرنا أن تتولى تنفيذ كثير من الأحكام وزارات ومؤسسات خصصت من قبل الحاكم لتنفيذ ما يأمر به الشرع أو الحاكم أو القانون.

ومما أريد أن أنوه به هنا أن الاقتصاص بالسيف كان الهدف منه أنه الأسرع في القتل، لكي لا يتعذب المحكوم عليه بالإعدام.

نعم قال الحنفية والحنابلة، في أصح الأقوال عندهم، إن القصاص في النفس لا يكون إلا بالسيف، لأن القتل بغيره قد يكون مُثلة في حق المحكوم عليه، والإسلام نهى عن المُثلة لأن فيها زيادة تعذيب، والفقهاء قالوا: لا يجوز أن يُفعل بالمقتص منه كما فعل، والحديث يقول: «لا قود إلا بالسيف». رواه ابن ماجه، والسيف عند الحنفية هو السلاح، انظر «الدر المختار» ج5 - ص382.

ويقول المالكية والشافعية إن القاتل يقتل بالشكل الذي قتل هو المقتول، انظر «الشرح الكبير» للدردير ج4 ص 265، وانظر «القوانين الفقهية» لابن جزي ص 345، وانظر «مغني المحتاج» ج4 - ص44، و«المهذب» للشيرازي ج2 - ص186.

ويصح عندهم العدول عن هذه الوسيلة إذا رضي الولي بالسيف وعندئذ يكون رأيهم اتفق مع الآخرين.

ودليل القائلين بالاقتصاص بالمِثل قول الله: «وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به» الآية 126 من سورة النحل.

وفي الحديث «من حرّق حرّقناه، ومن غرّق غرّقناه». رواه البيهقي.

يقول د.وهبة الزحيلي، رحمه الله: بما أن القصد من استعمال السيف كونه أسرع أداة في القتل، وأيسر وسيلة لتفادي الألم، فلا مانع شرعاً من استعمال أداة أخرى أسرع من السيف، وأقل إيلاماً مثل المقصلة والكرسي الكهربائي، والشنق لعدم إسالة الدم فيه والاعتماد على إيقاف القلب، انظر «الفقه الإسلامي وأدلته»، ج6 - ص285.

وصاحب الحق في القصاص عند الحنفية والحنابلة والشافعية كل وارث يرث المال سواء كان من أهل الفروض المقدّرة أم كان من العصبة رجالاً ونساءً على حدّ سواء، انظر «البدائع» ج7 - ص242 وما بعدها، و«مغني المحتاج» ج4 - ص39 وما بعدها، و«المغني» ج7 - ص739 - 743.

وعند المالكية صاحب الحق في القصاص جمع العصبة الذكور، ويقدم الأقرب فالأقرب إلا الجد والإخوة فهم في درجة واحدة في القصاص والعفو، وعلة الذكورة عند المالكية أن القصاص لرفع العار، فلا دخل للإناث. انظر «الفقه الإسلامي» للزحيلي ج6 - ص278.

ويجوز العفو عن القصاص بناء على ما ثبت في الكتاب والسنة؛ بل مستحب، ويتحقق ذلك بقول وليّ الدم: عفوت أو أسقطت مثلاً، وشروطه أن يكون العافي مكلفاً، وأن يصدر ممن له حق في القصاص.

وعند الحنفية والمالكية يبقى بعد ذلك حق السلطان في عقوبته تعزيراً، انظر «بداية المجتهد» ج2 - ص296.

والصلح على القصاص جائز باتفاق الفقهاء لقوله تعالى: «والصلح خير» الآية 128 من سورة النساء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n8b7hk9

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"