عادي

«سوار نيناتا».. رواية عن الحب والحرب والانتظار

23:23 مساء
قراءة دقيقتين
5

الشارقة: «الخليج»

بوسع القرّاء الشغوفين بالشعر والسرد والحكايات الأسطورية أن يحبوا رواية «سوار نيناتا» للكاتب والروائي التركي أحمد أوميت، الذي تتمتع أعماله بشهرة واسعة داخل وخارج تركيا، وتُرجمت معظمها إلى أكثر من عشرين لغة، ما لفت انتباه دار «روايات» التابعة ل«مجموعة كلمات للنشر»، التي تركز على ترجمة أبرز الأعمال الأدبية لكُتّاب العالم المعاصرين؛ حيث اختارت لأوميت هذه الرواية التي نقلها إلى العربية ربّاع ربابعة، الحاصل على الدكتوراه في اللغة والأدب التركي، وصدرت في 160 صفحة، لتضيفها الدار إلى قائمة إصداراتها الجديدة لهذا العام.

ويمكن للقارئ القول إن المؤلف نجح في إعادة بناء الأسطورة التي تحكي قصة عاشقة تحوّل حبها إلى لعنة، وجعلنا نشعر بفداحة ورطة البطلة التي لم تقطف من عشقها سوى ثمرة التعاسة المرة، وتعمد الكاتب تقسيم فصول روايته إلى 12 «لوحاً»، ليوحي للقارئ أنه استقى الحكاية من ألواح حجرية منحوتة بالرموز الهيروغليفية، ولزيادة توكيد هذا الإيحاء يورد في نهاية روايته ملحقاً من صفحتين يتضمن بعض رموز الهيروغليفية ومعانيها ودلالاتها.

تدور الأحداث في زمن ما يعرف ب«الحتيين» الذين صنعوا حضارة كبيرة في بلاد الأناضول قبل الميلاد بأكثر من 1700 عام، ودخلوا في حرب مع الفراعنة في عهد رمسيس الثاني، لكن القصة الأساسية تدور حول الفتاة نيناتا التي أحبت القائد العسكري نوانزا، رغم أنه يكبرها في السن، وكانت له مكانة بارزة في جيش ملك «الحتيين»، وكان متزوجاً ولديه طفل.

وبحسب الأسطورة التي تتناولها الرواية يفترق العشيقان بعد أن أصابتهما لعنة لن تزول إلا إذا صنع العاشق سواراً لعشيقته يتكوّن من 12 حلقة، على أن يخفي كل حلقة في مدينة مختلفة، إلى أن يأتي غريب يتمكن من صنع سوار من الحلقات ويمنحه لنيناتا لتزول اللعنة التي أصابتها مع عشيقها بسبب الحب الذي جمعهما واقترن بالأنانية التي قضت على سعادة العائلتين.

يتخلل الرواية وصف لهمجية الحروب وما تفعله بالبشر؛ حيث تشير إلى حرب قادش كأوّل حرب كُبرى في التاريخ، لكن خطاب الرواية لا يكف عن تذكير القارئ أن البطلة في حالة انتظار دائم للغريب المُخلّص الذي سيجمع حلقات السوار ويزيل لعنة الفراق.

لجأ الكاتب إلى تقطيع السطور وسرد الحكاية على لسان نيناتا؛ حيث تسرد قصتها بلغة تقترب من المناجاة ومن استعارة أسلوب حكي الحكايات الشعبية أو الملاحم الأسطورية.

ورغم بساطة الحكاية إلا أن الرواية مليئة بجماليات مكثّفة، ومكتوبة بلغة شاعرية عالية، تضع القارئ في عمق الأجواء النفسية للعاشقة نيناتا التي تواجه طوال صفحات الرواية تقلبات الحب والحرب والصبر والانتظار، ذلك العقاب الذي أصبح مرادفاً لخلاصها من اللعنة والشعور بالذنب.

تقول نيناتا في نهاية الرواية: «آمنت بقدوم الأيام الجميلة وانتظرت/ وبينما كنت أنتظر كتبت هذه اللوحات كي يقرأها الغريب الذي سيحمل عنا وزر هذه اللعنة/أنا انتظرت وكبرت/ لم تبقَ طاقة في بدني، وابيضّ شعري كالغيوم الحزينة، وتجعّد جلدي، وانطفأ نور عيني، وانتظرت».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5y2ypy44

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"