عادي
قراءات

العالم على أعتاب حروب المياه

22:46 مساء
قراءة 3 دقائق
2

القاهرة: «الخليج»

لم تعد حروب المياه مجرد مادة للميلودراما الهوليوودية، فمع انتشار الإجهاد المائي عبر الكثير من مناطق العالم، يمكن أن يكون موضوع الصدام هو المياه، لقد كانت معارك الأمس تخاض حول الأرض، بما في ذلك بناء الإمبراطوريات الاستعمارية، بينما معارك اليوم تدور حول الطاقة، لكن يبدو أن معارك الغد سوف تدور حول أكثر الموارد الطبيعية قيمة، المياه، التي يتصور بعض الاستراتيجيين في مجال الاستثمار أنها من المحتمل أن تصبح أهم السلع المادية قيمة، في عالم يعاني ندرة المياه، التي تحظى بأقل تقدير على الرغم من أنها السلعة الأكثر أساسية في العالم، يمكن أخيراً بوصفها فئة من فئات الأصول، أن تفوق الموارد الأخرى، التي لا تزال محل طلب كبير، مثل النفط والنحاس والحديد والسلع الزراعية.

براهما تشيلاني في كتابه «المياه والسلام والحرب.. مجابهة أزمة المياه العالمية» ترجمة حمدي أبو كيلة، يكشف أن التحولات العالمية في أسواق السلع الأساسية والطاقة والمعادن، مع انتقال الطلب من الغرب إلى الشرق، تعكس تحولات جيوسياسية أكبر، فتحولات السوق شجعت المنافسة على الموارد في أراض بعيدة، مثل إفريقيا، بين العمالقة الاقتصاديين القدامى والجدد، لقد تكشف صراع كبير حول الموارد متمركز على بناء شراكات جيوسياسية جديدة، والحصول على نصيب أكبر من الموارد الاستراتيجية والتأثير في اتجاه خطوط أنابيب الطاقة وصادرات الموارد الأخرى.

لو كان للمياه أن تبرز بوصفها فئة من فئات الأصول السلعية المادية، فيمكن أن تفتح الطريق أمام الغرب لمقابلة بعض من الطلب على المياه في الشرق، فكندا ودول شمال أوروبا وروسيا الغنية بالمياه في موقف يسمح لها بأن تغتني من بيع ثروتها من «الذهب الأزرق» لتحتل في عالم المياه العذبة مكانة كبيرة.

المياه مصدر لاستدامة الحياة والرزق، لكنها أصبحت بالفعل مورداً مستغلاً بإفراط، بما أسفر عنه ذلك من نقص وتدهور ومنافسة أشعلت النزاعات بين الدول وداخلها، وهذا بدوره يصعب من الاستدامة البيئية، ويزيد من حدة الصراعات الإقليمية، حول النزعات الانفصالية، ويهدد بالإبطاء من النمو الاقتصادي العالمي في مجمله. إن حروب المياه بمعنى سياسي أو دبلوماسي أو اقتصادي، قائمة بالفعل بين جيران متشاطئين في مناطق متعددة، مغذية دائرة مريرة من الاتهامات المتبادلة ومفاقمة من التحديات المائية، ومنمية لانعدام الثقة الذي يعوق تعاوناً وتكاملاً إقليمياً أوسع.

يوضح الكتاب أنه من دون إطلاق طلقة واحدة، يستمر فرض تكاليف متزايدة، وهذا يبين أن حروب المياه ليست مجرد خطر مستقبلي، لكنها واقع، لا يلقى ما يستحقه من اعتراف، يواجه المجتمع الدولي بالفعل، والواقع أنه في حرب مائية صامتة، فالموارد العابرة للحدود من أنهار وطبقات حاملة للمياه وبحيرات قد أصبحت أهدافاً للمنافسة.

يرى الكتاب أن المفهوم الذي يتصور أن تقاسم المياه معادلة صفرية هو ما يدفع بخطط المنافسة بغرض الاستيلاء والنزعة القومية بشأن المياه، والخطر المتمثل في أن المعارك الحالية أو الوشيكة بين الأطراف المتشاطئين يمكن أن تنزلق إلى صراعات مسلحة يحوم بقوة في الأفق العالمي، مع الأخذ في الاعتبار المدى الذي وصلت إليه أزمة المياه التي تجابه البشرية، الأزمة التي تهدد بتفاقم الموقف العالمي للغذاء الخطير بالفعل، وتبطئ من التوسع السريع في إمدادات الطاقة.

يوضح الكتاب أن المجتمع الدولي على عتبة عصر جديد إذا لم يواجه فيه النقص الخطير في المياه، فسوف يواجه أخطاراً على السلام والاستقرار الاجتماعي والتحديث الاقتصادي السريع، وهناك تقرير يعكس تقديراً لوكالة الاستخبارات الأمريكية يحذر من أن استخدام المياه سلاح في الحرب أو أداة للإرهاب سوف يصبح أكثر توقعاً خلال العقد القادم في بعض المناطق، مع استخدام بعض الدول المياه المشتركة لفرض نفوذها على جيرانها أو لضمان النفوذ الإقليمي، فالمياه ستصبح التهديد الأمني الرئيسي القادم للعالم، إن تأمين الحصول على نصيب أكبر من موارد المياه المشتركة في إقليم ما، أصبح بالفعل موضع صدام محتمل في العلاقات بين الدول.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/24vjzxma

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"