عادي
معضلة البنك بدأت من تقويض الميزانية العمومية والسيولة

استبعد تكرار سيناريو 2008.. العريان: الأزمة كشفت خطر ارتفاع أسعار الفائدة

18:19 مساء
قراءة 4 دقائق
1
متابعة: هشام مدخنة

قال محمد العريان، رئيس كلية كوينز بكامبريدج ومستشار أليانز وغراميرسي، تحول مصير ما كان بنكاً غير معروف إلى حد ما خارج عالم التكنولوجيا حتى الأسبوع الماضي إلى حديث صُناع السياسة والاقتصاد في كل مكان، ومصدر قلق كبير ليس في الولايات المتحدة وحدها.

وأضاف العريان، بالمعنى المبسط، توضح تداعيات انهيار «إس في بي» أنه حتى البنوك التي تبدو صغيرة يمكن أن تشكل مخاطر نظامية قد تؤدي إلى عدم استقرار شديد أو انهيار صناعة أو اقتصاد بأكمله. وبالمعنى الأوسع، تكشف الأزمة الجوانب المتأصلة في التغيير الجاري داخل أروقة السياسة النقدية، وما تمثله من تحدٍّ ثنائي يواجه الاحتياطي الفيدرالي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2% من جهة، وضمان استقرار النظام المالي من جهة ثانية.

وأوضح العريان في مقال نشرته «فاينانشال تايمز»، أن معضلة «إس في بي» بدأت من العاصفة التي قوّضت ميزانيته العمومية والسيولة، والتي تمّ الكشف عنها على وجه التحديد من خلال مزيج من قاعدة الودائع المركزة، وتآكل القيمة السوقية للأصول الآمنة التي عوّضت جزئياً هذا الالتزام. فكانت الحاجة إلى تغطية الخسائر على السندات الناتجة عن ارتفاع أسعار الفائدة هي الشرارة التي فجّرت الوضع الحالي في البنك وساهمت بعدم استقراره. بالإضافة إلى بعض الضجيج حول مصير قروض المودعين من قطاع التكنولوجيا الذين كانوا تحت الضغط، ومسارعة رجال أعمال آخرين لسحب أموالهم من البنك المتعثر.

وأشار العريان، أنه وعلى نحو غير عادي، قرر المنظمون تعليق عمليات «إس في بي» خلال ساعات العمل يوم الجمعة، مما أدى إلى أكبر صدمة بنكية فردية منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008، وثاني أكبر صدمة في تاريخ الولايات المتحدة. فتحولت عطلة نهاية الأسبوع إلى ساحة للنقاش المحموم حول كيفية إدارة الودائع، وما إذا كانت بعض الشركات التي تحتفظ بأموال نقدية في بنك وادي السيليكون المتهاوي ستتمكن حتى من سداد رواتب موظفيها الأسبوع المقبل، وتكهنات بشأن تأثير ذلك على القطاع الأوسع.

  • 3 مخاطر

أرى مما سبق أن التحدي المباشر الذي يواجه صناع السياسات الآن يتمثل بكيفية موازنة مجموعة من المخاطر الرئيسية لحل أزمة «إس في بي».

وعن المخاطر قال العريان، في البداية، هناك مخاطر أخلاقية من تمكين المودعين في البنك المتعثر من الوصول الكامل إلى ودائعهم. وإذا لم يحدث ذلك، يتعين على صناع السياسة النظر في مخاطر الودائع للبنوك الصغيرة والإقليمية الأخرى، بالإضافة إلى التأثير على النظام البيئي للشركات الناشئة في الولايات المتحدة وخارجها.

ثانياً، هناك مخاطر التركيز المرتبطة بالتدفق الإضافي للأعمال إلى البنوك والمؤسسات الكبرى إذا ما تم إغلاق «إس في بي» نهائياً أو الاستحواذ عليه. وهذا من شأنه أن يثير مخاوف بشأن المنافسة في الخدمات المصرفية لصناعة التكنولوجيا، وهو قطاع يستأثر على نصيب مهم من الاقتصاد.

أما المخاطر الثالثة، فهي المتعلقة بسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي، وما إذا كان سيركز على التحفيز النقدي في وقت لا يزال فيه التضخم يمثل مشكلة كبيرة.

  • أزمة 2008

عن تهديدات الوضع الحالي للبنك، أوضح العريان تناقضين: الأول إيجابي والثاني سلبي، فالأخبار السارة، أنه ورغم تعقيدات ملحمة البنك، فإن خطر تكرار الأزمة المصرفية لعام 2008 منخفض بافتراض حدوث استجابات سياسية مناسبة. ناهيك عن أن النظام المصرفي ككل أصبح الآن أفضل حالاً من حيث الرسملة والإشراف، ولديه قاعدة ودائع وقروض متنوعة أكبر بكثير من قاعدة «إس في بي».

لكن الأمر السيئ هو أن أزمة بنك وادي السيليكون كشفت عن التهديد الذي يشكله سعر الفائدة ومخاطر الائتمان لكيانات في القطاع المصرفي، وما هو أبعد من ذلك أيضاً. إنه تهديد أكثر وضوحاً بالنظر إلى أخطاء سياسة الاحتياطي الفيدرالي في الاستجابة للتضخم خلال العامين الماضيين، ومن بينها التوصيف الخاطئ للتضخم على أنه «مؤقت» في عام 2021، ثم الاستجابة الخجولة للسياسة التي نتج عنها أربعة ارتفاعات سريعة ومتتالية ب 0.75 نقطة مئوية لأسعار الفائدة، بعد فترة طويلة من السياسات النقدية «غير التقليدية» الفضفاضة للغاية من المركزي.

  • مطالب سريعة

ومع وضع ذلك في الاعتبار، فإن أفضل طريقة للمضي قدماً بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في نهاية هذا الأسبوع هي المساعدة الفورية في حل مشكلة «إس في بي»، من خلال موازنة المخاطر وفقاً لما يلي:

على الفيدرالي أن يتعاطى مع النظام المصرفي بتركيز أكبر، وأن يسعى لاحتواء المخاطر الأخلاقية مع دعم حكومي جزئي للودائع، وتشجيع البنوك الكبرى التي تستحوذ على حصص في أعمال «إس في بي» على تقديم المزيد من المساعدة للمودعين. كما يجب على الاحتياطي الفيدرالي أيضاً تجنب «الخيار المشترك» للسياسة، من خلال مقاومة أي تخفيف لموقف سعر الفائدة في الوقت الذي يحتاج إليه لمحاربة التضخم. وأوضح العريان، أن هذه ليست حلولاً مثالية بالطبع، لكنها الأفضل وسط فجوة «السياسات» التي خلقها الفيدرالي نفسه إلى حد كبير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4uu3veye

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"