عادي
عمالقة التكنولوجيا يتسابقون على إنقاذ الشركات الناشئة

انهيار «إس في بي».. خبايا تتكشف والعريان يرى فرصاً استثمارية

00:10 صباحا
قراءة 9 دقائق
1
أمام فرع «إس في بي» في ويليسلي، ماساتشوستس (أ.ب)
إعداد: خالد موسى

تتكشف يوماً بعد يوم المزيد من الأخبار المتعلقة بالبنك الأمريكي المنهار، والذي للسخرية كان قد نال قبل ساعات من انهياره، لقب أحد أفضل بنوك أمريكا من قبل مجلة «فوربس» في تصنيفها السنوي لأفضل البنوك وذلك للعام الخامس على التوالي، قبل أقل من 48 ساعة على مفاجأة «إس في بي»، لعملائه أنه «بحاجة إلى جمع 2.25 مليار دولار لدعم ميزانيته العمومية، وأنه باع جميع سنداته المتاحة للبيع بخسارة 1.8 مليار دولار».

ورغم التطمينات التي أطلقها المدير التنفيذي للبنك، سحب المودعون في «بنك وادي السيليكون»، أكثر من 42 مليار دولار بحلول نهاية، الخميس، ما يشكل ثاني أكبر فشل مصرفي في تاريخ الولايات المتحدة. وتسببت أزمة المصرف، في موجة ذعر في القطاع المصرفي العالمي. 

من بين الخبايا التي تتكشف بعد أيام على انهيار البنك، أن كل من جريجوري بيكر، الرئيس التنفيذي لبنك «سيليكون فالي»، ودانييل بيك، المدير المالي، وميشيل درابر، كبير مسؤولي التسويق، باعوا أسهماً بأكثر من 4 ملايين دولار قبل انهيار البنك بأسبوعين، وفقاً لما ذكرته «سي أن بي سي». 

وحصل موظفو بنك «سيليكون فالي»، على مكافآتهم السنوية، الجمعة، قبل ساعات من سيطرة المنظمين على البنك المتعثر، وفقاً لأشخاص على دراية بالمدفوعات.

وقال الأشخاص، الذين رفضوا الكشف عن هوياتهم وهم يتحدثون عن المكافآت: «إن البنك الذي يتخذ من سانتا كلارا مقراً له بولاية كاليفورنيا، دفع مكافآت تاريخية للموظفين، الجمعة».

وقالت المصادر: «إن المدفوعات كانت مقابل أعمال تم إنجازها في 2022 وكانت جارية قبل أيام من انهيار البنك».

وهذا العام، صادف يوم المكافأة اليوم الأخير قبل إغلاق «إس في بي». 

  • حجم المكافآت 

لا يمكن تحديد حجم الدفعات، لكن مكافآت «إس في بي» تتراوح من 12000 دولار للمعاونين إلى 140 ألف دولار للمديرين الإداريين، وفقاً لموقع «غلاسدور».

وكان «إس في بي» هو البنك الأعلى ربحاً للتداول العام في عام 2018، حيث حصل الموظفون على مكافآت وصلت إلى 250683 دولاراً مقابل أعمال تم إنجازها، وفقاً ل «بلومبيرغ».

وبعد وضع اليد على البنك، عرضت مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية لموظفي «إس في بي» 45 يوماً من العمل، على حد قول الناس. وكان لدى البنك 8528 موظفاً بنهاية 2022.

الصورة
محمد العريان

 

  • فرص كبيرة 

قال محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين في «أليانز»، إن أزمة بنك «إس في بي» تحمل معها فرصاً مهمة للمستثمرين. وأضاف العريان في مقابلة مع تلفزيون «بلومبيرغ»: «إنها بيئة جيدة لكونها انتقائية، عدا عن كونها مرتبطة بمسائل الميزانية العمومية والضمانات»

ولفت العريان بأن الأزمة الحاصلة ستفيد في نهاية المطاف البنوك الكبرى التي بدا وكأنها تضررت بشدة من عدوى «إس في بي»، لكنها في الواقع استفادت من الحاصل. 

وعلق قائلاً: «احزروا إلى أين ستذهب الودائع؟ ستذهب كلها إلى البنوك الكبرى. لذلك من المهم ليس فقط أن نقلق، بل من المهم أيضاً أن ندرك أن هناك أفقاً استثمارياً للأيام المقبلة».

  • قلق رواد الأعمال 

يتسابق مديرو شركات التكنولوجيا وأصحاب رؤوس أموال المغامرون والمؤسسون البارزون، بمن فيهم الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، سام ألتمان، لإبقاء الشركات العالقة في انهيار بنك «سيليكون فالي» على قيد الحياة. 

وكان الفشل الدراماتيكي للبنك، الذي يركز على الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، هو الأكبر منذ الأزمة المالية لعام 2008. وقد أحدث اضطراباً في الأسواق العالمية، وتسبب في اضطراب الأسهم المصرفية، وترك رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا في كاليفورنيا قلقين بشأن كيفية إتمام كشوف المرتبات.

وبهدف تجنب ما وصفه غاري تان، الرئيس التنفيذي لمسرّع بدء التشغيل «واي كومبيناتور»، بأنه «حدث بمستوى الانقراض المحتمل في قطاع التكنولوجيا»، تحرك التنفيذيون في الصناعة بسرعة، لفعل ما بوسعهم لإنقاذ الشركات الصغيرة.

  • ألتمان المنقذ

 ألتمان، الذي يدير واحدة من أهم الشركات في وادي السيليكون، أنقذ بعض رواد الأعمال من جيبه الخاص، وفقاً لرسالة على تويتر من شقيقه وأحد المستفيدين الذين تحدثوا مع «رويترز».

وقال دكتور غورسون، الرئيس التنفيذي لشركة «راد إيه أي»، في مقابلة السبت: «كانت الخيارات تنفد، لذا قمت بإرسال بريد إلكتروني إليه للتو». في غضون ساعة أو ساعتين، استجاب ألتمان، وعرض عليه ستة أرقام كافية لإعداد كشوف المرتبات، وعدم إرفاق شروط، مجرد طلب لإعادة الأموال بمجرد أن يصبح غورسون قادراً، على حد قوله.

ورداً على سؤال ل «رويترز»، قال ألتمان: «أتذكر المستثمرين الذين ساعدوني عندما كنت أدير شركة ناشئة وكنت بحاجة إليها حقاً، وأحاول دائماً دفعها مقدماً».

كما أمضى هنريك دوبوغراس، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة فينتك الناشئة «بريكس»، عطلة نهاية الأسبوع في العمل على الهاتف بعد أن «أعلنت شركته عن خط ائتمان طارئ يوم الجمعة لمساعدة الشركات الناشئة في الحصول على كشوف رواتبهم التالية».

وحتى مساء السبت، قال: «بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تلقى طلباً بقيمة 1.5 مليار دولار من نحو 1000 شركة».

وأضاف: «نحاول تسجيل المقرضين بنهاية يوم الغد. الجميع يركضون بسرعة».

  • مشاركة الشركات الصغيرة

تشارك الشركات الناشئة الصغيرة في العمل لمساعدة الآخرين. عليم مواني، مؤسس شركة «ستريك»، وهي شركة تضم نحو 30 موظفاً، غرد، الجمعة، بأنه «سيقرض أمواله الشخصية من دون أي شروط للشركات الناشئة الصغيرة الأخرى التي تشعر بالقلق بشأن رواتب الموظفين».

ولفت إلى أنه «أجرى بعد ذلك مناقشات مع عدد قليل من الشركات، وكان يهدف إلى إعطاء الأولوية للإقراض لأولئك الذين يعيشون براتب».

وقال مواني في مقابلة: «أنا مؤسس وأعلم كم سيكون الأمر مروعاً إذا لم أقدم كشوف رواتب».

ووقع أكثر من 3500 من المديرين التنفيذيين والمؤسسين يمثلون نحو 220.000 عامل على عريضة بدأتها شركة «واي كومبيناتور» لمناشدة وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين وآخرين دعم المودعين، والعديد منهم من الشركات الصغيرة المعرضة لخطر الفشل في دفع رواتب الموظفين في الثلاثين يوماً القادمة.

  • تشديد الرقابة 

ودعا الالتماس إلى «تشديد الرقابة التنظيمية ومتطلبات رأس المال للبنوك الإقليمية، وإجراء تحقيق في أي مخالفات أو سوء إدارة من قبل المديرين التنفيذيين في «اس في بي». وحذر الالتماس من «تعرض أكثر من 100 ألف وظيفة للخطر».

ونصح المستثمرون المغامرون الشركات الناشئة بالبحث عن بدائل لكسب السيولة على المدى القصير. وقدم البعض، بما في ذلك رأس المال منخفض الكربون، قروضاً لشركات المحافظ التي لديها أموال عالقة في «إس في بي».

وقال شريكها كلاي دوماس: «إن شركة «لوركاربون» ستوفر دعماً لكشوف الرواتب للأسبوعين المقبلين وستقوم بتحويل الأموال يوم الاثنين».

وقالت خوسلا فنتشرز، ل «رويترز»: «نظراً للتطور السريع للوضع فإننا نتحدث مع أكثر من 100 شركة تعمل في محافظ مالية لتقييم احتياجاتها الحرجة، حيث نكون مستثمراً رائداً أو مستثمراً رئيسياً».

  • شريان حياة

 لم يتحدث غورسون من منظمة «راد إيه أي» إلى ألتمان لسنوات عندما أرسل بريداً إلكترونياً إلى رئيس «أوبن إيه أي» صباح السبت، بأنه بحاجة ماسة إلى المساعدة.

وقال: «إن الشركة الناشئة اعتمدت على إس في بي، ما يعني أن الإغلاق المفاجئ لذلك كان يفتقر إلى المال لدفع رواتب نحو 65 موظفاً، الاثنين».

وقال غورسون، الذي تساعد شركته التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها، أطباء الأشعة على العمل بكفاءة أكبر، وتضم موظفين لديهم أدوار وموارد واسعة النطاق: «تعتمد سبل معيشة الناس علينا».

وتابع: «لديهم قروض عقارية لدفعها، ولديهم فواتير».

وقال الشريك المؤسس لشركة غورسون أنتظر ثماني ساعات على الخط الساخن لشركة التأمين الفيدرالي الاتحادية دون جدوى. وفشلت المحاولات المتعددة لتحويل الأموال من «اس في بي».

لكن غورسون رأى منشوراً على «تويتر» من ألتمان، الذي التقى به كمؤسس مشارك في عام 2014 في «واي كومبيناتور»، حيث كان ألتمان رئيساً. وقال: «إن الرجلين لا يعرفان بعضهما جيداً». وقال غورسون عن كرم ألتمان: «إنه مثل شريان الحياة».

وقدر غورسون «بشكل متحفظ» أن ألتمان قد قدم أكثر من مليون دولار، لدعم الشركات الناشئة الأخرى في أمور مماثلة. وقال: «الشيء المجنون هنا هو أنه ليس مستثمراً في شركتنا ولم يطلب أي شيء».

ولم يعلق ألتمان على المبلغ الذي قدمه للشركات، لكنه قال إنه لا يرى مساهماته على أنها محفوفة بالمخاطر. 

  • من ينقذ الموقف؟ 

طالبت الأسماء الكبيرة في وادي السيليكون والقطاع المالي، الحكومة الفيدرالية علناً بالضغط على بنك آخر لتولي أصول والتزامات بنك «وادي السيليكون» بعد فشل المؤسسة المالية، الجمعة.

وستغطي المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع (FDIC) ما يصل إلى 250 ألف دولار لكل مودع، وقد تكون قادرة على البدء بالدفع لهؤلاء المودعين في وقت مبكر من يوم الاثنين.

لكن الأغلبية العظمى من عملاء «إس في بي» كانوا من الشركات التي لديها أكثر من تلك المودعة في البنك. اعتباراً من ديسمبر/كانون الأول، كان أكثر من 95% من ودائع البنك غير مؤمنة، وفقاً للإيداعات التنظيمية. العديد من هؤلاء المودعين هم شركات ناشئة، ويشعر الكثيرون بالقلق من أنهم «لن يتمكنوا من تقديم كشوف المرتبات هذا الشهر، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى موجة واسعة من الإخفاقات والتسريحات في قطاع التكنولوجيا».

  • شعور بالقلق ومناشدة

 ويشعر المستثمرون بالقلق من أن هذه الإخفاقات قد تقلل الثقة في القطاع المصرفي، وخاصة البنوك متوسطة الحجم التي تقل ودائعها عن 250 مليار دولار. ولا تعد هذه البنوك «أكبر من أن تفشل»، ولا يتعين عليها الخضوع لاختبارات ضغط منتظمة أو إجراءات صمام الأمان الأخرى التي تم إقرارها في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008.

ودعا ديفيد ساكس، صاحب رأس المال الاستثماري والرئيس التنفيذي السابق للتكنولوجيا، الحكومة الفيدرالية إلى دفع بنك آخر لشراء أصول «إس في بي»، وكتب على «تويتر»: «أين باول؟ أين هي يلين؟ أوقفوا هذه الأزمة الآن. أعلن أن جميع المودعين سيكونون بأمان. ضع «إس في بي» مع أفضل 4 بنوك. افعل ذلك قبل بدء يوم الاثنين، وإلا فستكون هناك عدوى وستنتشر الأزمة».

ووافق مارك سوستر على تغريدة ساكس، وقال في تغريدة: «أظن أن هذا هو ما يعملون عليه. أتوقع بيانات يوم الأحد. سوف نرى. أتمنى أن يكون ذلك أو يوم الاثنين قاسياً».

وقدم المستثمر بيل أكمان حجة مماثلة في تغريدة مطولة، حيث كتب: «ليس أمام الحكومة نحو 48 ساعة لإصلاح خطأ سيصبح قريباً لا رجوع فيه. بالسماح ل «إس في بي» بالفشل من دون حماية جميع المودعين، استيقظ العالم على ما هي الوديعة غير المؤمنة، مطالبة غير مضمونة على بنك فاشل. غياب «سيتي» أو «جي بي مورغان» أو «بنك أوف أمريكا» عن الاستحواذ على «إس في بي» قبل الافتتاح يوم الاثنين، وهو احتمال أعتقد أنه غير مرجح، أو أن الحكومة لا تضمن جميع ودائع «اس في بي»، فإن صوت الامتصاص العملاق الذي ستسمعه سيكون بمنزلة سحب لجميع الودائع غير المؤمن عليهم من جميع البنوك باستثناء البنوك المهمة على مستوى النظام (SIBs)».

الفشل المصرفي وتكرار خطأ التخلي عن «ليمان براذرز»

يستدعي المراقبون السخرية في مسألة إدارة أزمة بنك «وادي السيليكون» أو «سيليكون فالي بنك» SVB لأن بعض أصحاب رؤوس الأموال الذين يشتهرون بتوجهات السوق الحرة التحررية يطالبون الآن ببرنامج إنقاذ. 

على سبيل المثال، تضمنت ردود الفعل على تغريدة ديفيد ساكس عبارات مثل «عفواً يا سيدي. فجأة الحكومة هي الجواب؟!؟» و«نحن  الرأسماليين  نريد الاشتراكية!».

ويعارض بعض السياسيين أي خطة إنقاذ؛ حيث غرّد مات غايتس، النائب الجمهوري من فلوريدا: «إذا كان هناك أي جهد لاستخدام أموال دافعي الضرائب لإنقاذ بنك سيليكون فالي، يمكن للشعب الأمريكي الاعتماد على حقيقة أنني سأكون هناك في النضال ضدها».

لكن الممول ومدير اتصالات ترامب السابق أنتوني سكاراموتشي قال: «إن إنقاذ «اس في بي» ليس قراراً سياسياً. لا ترتكبوا خطأ ليمان. لا يتعلق الأمر بالأغنياء أو الفقراء ممن يستفيدون؛ بل يتعلق بوقف العدوى وحماية النظام. اجعل المودعين كاملين أو توقع الكثير من العواقب المأساوية غير المقصودة».

وفي ذلك إشارة إلى قرار التخلي عن بنك «ليمان براذرز». 

ومنذ تأسيسه قبل 40 عاماً تقريباً، أصبح بنك «اس في بي» محوراً للتمويل في قطاع التكنولوجيا، لا سيما للشركات الناشئة ورأس المال المغامر الذين يستثمرون فيها. واشتهر البنك بتوسيع الخدمات المصرفية إلى الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة، والتي كانت ستكافح للحصول على الخدمات المصرفية في مكان آخر قبل توليد تدفق نقدي مستقر. لكن الشركة نفسها واجهت مشاكل في التدفق النقدي هذا العام؛ حيث جف تمويل الشركات الناشئة وحُجزت أصولها في سندات طويلة الأجل.

وفاجأت الشركة المستثمرين، الأربعاء، بأخبار أنها «بحاجة إلى جمع 2.25 مليار دولار لدعم ميزانيتها العمومية، وأنها باعت جميع سنداتها المتاحة للبيع بخسارة 1.8 مليار دولار». ولم تكن التطمينات من المديرين التنفيذيين للبنك كافية لوقف الانهيار، وسحب المودعون أكثر من 42 مليار دولار بحلول نهاية، الخميس، مما يشكل ثاني أكبر فشل مصرفي في تاريخ الولايات المتحدة.

وألقى الكثير في قطاع التكنولوجيا باللوم على الشركات الاستثمارية في تحفيزهم على الهروب، كما أخبر الكثيرون شركاتهم الاستثمارية بوضع أموالهم في أماكن أكثر أماناً بعد إعلان «اس في بي»، الأربعاء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2fk4n5za

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"