عادي
«سيغنتشر» يلتحق بـ«إس في بي» في ثالث انهيار مصرفي خلال أسبوع

تدخل غير مسبوق يبعد شبح «ليمان براذرز» عن البنوك الأمريكية

10:07 صباحا
قراءة 5 دقائق

تدخلت السلطات الأمريكية بشكل غير مسبوق لوقف تداعيات انهيار بنك سيليكون فالي (إس في بي)، ووضعت البنك المتخصص في تمويل قطاع التكنولوجيا تحت الوصاية وتدخلت بسرعة في ظل إفلاس مصرفين آخرين أصغر حجماً، في حدث أعاد إلى الأذهان أزمة 2008. واتخذت السلطات إجراءات لحماية ودائع المؤسسة التي أفلست ووضعت تحت الوصاية العامة. وكشفت، في وقت متأخر من يوم الأحد، عن سلسلة إجراءات لطمأنة الأفراد والشركات بشأن متانة النظام المصرفي الأمريكي، وستضمن خصوصاً سحب جميع ودائع بنك سيليكون فالي.
بالإضافة إلى «إس في بي»، ستضمن السلطات الأمريكية الوصول إلى جميع ودائع مؤسسة بنك «سيغنتشر» الذي أغلقته السلطات الناظمة في خطوة فاجأت الجميع، صباح الاثنين. وتحرص السلطات على تجنب حدوث ذعر في الأسواق وسحوبات جماعية لزبائن البنوك.

وكان السباق ضد الزمن في نهاية الأسبوع الماضي يذكّر بيومي 13 و14 أيلول/سبتمبر 2008، عندما فشلت السلطات الأمريكية في العثور على مشتر لبنك ليمان براذرز ورفضت التدخل، ما دفع المصرف إلى إشهار إفلاسه مع عواقب وخيمة على القطاع المالي والعالمي والاقتصاد ككل.

  • إجراءات قوية 

وتعكس الإجراءات القوية التي اتخذتها السلطات الأمريكية الاضطرابات التي تهدد النظام المصرفي الأمريكي المتخوف أصلاً من التشدد النقدي للاحتياطي الفيدرالي. وقد شجعت الزيادات في أسعار الفائدة الزبائن على استثمار أموالهم في المنتجات المالية التي تحصل على فائدة أفضل من الحسابات الجارية، وأحدثت هزّة في قطاع التكنولوجيا الجديدة المتعطشة للتمويل.

وتسببت موجة عمليات السحب المصرفية التي أعقبت ذلك في عسر في ثلاثة بنوك الأسبوع الماضي: «بنك سيليكون فالي»، «سيغنتشر»، وكذلك بنك «سيلفرغايت» الأصغر حجماً لكن المعروف بروابطه الوثيقة مع قطاع العملات المشفرة.

  • سلسلة من تدابير الطوارئ 

وتدخلت الإدارة الأمريكية، بسلسلة من تدابير الطوارئ لتعزيز الثقة في القطاع المصرفي، وقالت الجهات التنظيمية الأمريكية: «إن عملاء البنك المفلس سيتمكنون من الوصول إلى ودائعهم». كما أنشأت الجهات التنظيمية منشأة جديدة حتى يمكن للمصارف الحصول على تمويلات الطوارئ. واتخذ مجلس الاحتياطي الاتحادي قراراً للتيسير على البنوك الاقتراض منه في حالات الطوارئ.

وقال كارل سكاموتا، كبير خبراء استراتيجيات السوق في شركة «كورباي بتورنتو»: «نعتقد أن الخطوات التي اتخذها مجلس الاحتياطي الاتحادي ووزارة الخزانة والمؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع، ستكسر بلا شك حلقة مفرغة نفسية على مستوى قطاع المصارف الإقليمي».

  • ودائع غير مؤمن عليها 

ويسلط تدخل الحكومة الضوء على تأثر النظام المالي والأسواق العالمية، بحملة قاسية يقودها البنك المركزي الأمريكي وبنوك مركزية رئيسية أخرى لكبح التضخم. وأفادت المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع بأن «نحو 89 في المئة من ودائع بنك سيليكون فالي البالغة 175 مليار دولار كانت غير مؤمن عليها حتى نهاية 2022».

وجاء في بيان مشترك لجانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية وجيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي ومارتن جروينبرج رئيس المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع، مساء الأحد أنه «سيتم تعويض جميع المودعين بما في ذلك من تخطت ودائعهم الحد الأقصى للتأمين الحكومي». 

وقال مسؤول في وزارة الخزانة إن «النظام المصرفي أكثر قدرة على المقاومة ولديه أساس أفضل بكثير مما كان عليه قبل الأزمة المالية لعام 2008»، مضيفاً أن جميع الإجراءات التي تم الكشف عنها الأحد «ضرورية لمعالجة المخاطر الشاملة التي لاحظناها في الأسواق المالية». وقال مسؤول في الاحتياطي الفيدرالي إن الحل الذي أُعلن عنه الأحد يحمي المودعين، لكن المساهمين في بنك سيليكون فالي وسيغنتشر «سيخسرون كل شيء».

وقال المنظمون: «إن عملاء «سيغنتشر» المؤمن عليهم وغير المؤمن عليهم سيكونون قادرين على الوصول إلى جميع ودائعهم بموجب نفس استثناء المخاطر النظامية المتاح لعملاء سيليكون فالي». وطرحت السلطات الأمريكية «إس في بي» للمزاد بهدف إيجاد مشترٍ في أقرب وقت.

  • «ليست إنقاذاً مالياً»

إلى ذلك، قال مسؤول كبير بوزارة الخزانة الأمريكية إن السياسات الجديدة التي أقرتها جهات تنظيمية إزاء إغلاق بنكي «سيليكون فالي» و«سيغنتشر»، الأحد اتُخذت لإحلال الاستقرار في النظام المالي وحماية المودعين ولا تشكل خطة إنقاذ مالي لأي منهما. وأضاف المسؤول أن دافعي الضرائب الأمريكيين لن يتحملوا أي خسائر لأي من البنكين. وذكر المسؤول أن الخطوات «ستعيد ثقة السوق» جنباً إلى جنب مع قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي إتاحة الأموال أمام المؤسسات المالية المؤهلة وضمان أن بوسعها تلبية احتياجات جميع المودعين.

  • بنك «سيغنتشر»

وأغلق المنظمون الأمريكيون في ولاية نيويورك، الأحد، بنك «سيغنتشر»، في ثالث انهيار مصرفي صادم في أسبوع، وسط جهود أوسع لمنع الأزمة من الانتشار أكثر. ووضع المنظمون الفيدراليون المقرض في الحراسة القضائية، بعد أيام فقط من إغلاق بنك «سيلفرغيت كابيتال» الصديق للعملات المشفرة وبنك «وادي السيليكون» التابع لمجموعة «إس في بي المالية».

ويعتبر «سيغنتشر» - ومقره نيويورك - البنك الحادي والعشرين الأكبر في الولايات المتحدة، فقد قدّر الاحتياطي الفيدرالي أصوله بمبلغ 110 مليارات دولار في نهاية عام 2022. وهو ثالث أكبر بنك يفلس في تاريخ الولايات المتحدة بعد «إي في بي» وواشنطن ميوتشوال عام 2008.

  • مفاجأة 

وجاء قرار إغلاق «بنك سيغنتشر» بمثابة مفاجأة لمديريه، الذين اكتشفوا ذلك قبل وقت قصير من الإعلان العام، وفقاً لشخص مطّلع على الأمر. وواجه البنك سيلاً من تدفقات الودائع إلى الخارج، الجمعة، لكن الوضع استقر بحلول الأحد، على حد قول الشخص الذي طلب عدم الكشف عن هويته أثناء مناقشة مسألة خاصة.

وقال بارني فرانك، عضو الكونجرس وعضو مجلس إدارة بنك «سيغنتشر» المعروف بقانون «دود- فرانك»، الذي أجرى إصلاحات على التنظيم المالي الأمريكي في أعقاب الأزمة المالية العالمية: «كان بإمكاننا الاستمرار فلدينا دفتر قروض قوي، ونحن أكبر مقرض في مدينة نيويورك بموجب الائتمان الضريبي للإسكان لذوي الدخل المنخفض».

وقالت شركة إيداع التأمين الفيدرالية: «إنها نقلت جميع الودائع في بنك «سيغنتشر» وكافة أصوله إلى «سيغنتشر» بريدج إن أيه، وهو بنك متكامل الخدمات ستديره مؤسسة التأمين الفيدرالية (FDIC)، حيث تقوم بتسويق عملية بيع البنك لمقدمي العطاءات المحتملين».

  • تشابه مع «سيليكون فالي»

يشبه نشاط «سيغنتشر» إلى حد كبير بنك «سيليكون فالي»، حيث يتكون العملاء بالكامل تقريباً من الشركات، كان لدى «سيغنتشر» قاعدة ودائع في الغالب غير مؤمنة - ما يقرب من 90% من الودائع، مقابل 93% من الودائع المحلية في «سيليكون فالي بنك»، وقد يكون هذا ما جذب انتباه المنظمين الذين يتطلعون إلى البنوك ذات قواعد الودائع الكبيرة غير المؤمنة.

وقد يتسبب انهيار بنك «سيغنتشر» في مشاكل خطرة لأحد جوانب صناعة التكنولوجيا: قطاع التشفير. وقالت «كوين بيس»، أكبر بورصة عملات رقمية في الولايات المتحدة: «إن لديها رصيداً قدره 240 مليون دولار في البنك حتى ليلة الجمعة».

وقالت «باكسوس جلوبال»: «إن لديها 250 مليون دولار هناك، وتمتلك تأميناً خاصاً على الودائع يزيد كثيراً على رصيدنا النقدي».

و«سيغنتشر» هو ثاني بنك صديق للعملات يفشل في أقل من أسبوع. وأعلنت سيلفرغيت، الأربعاء، عن خطط لإنهاء العمليات وتصفية بنكها وسط تدقيق من المنظمين وتحقيق جنائي من قبل وحدة الاحتيال بوزارة العدل في التعامل مع عملاق التشفير «اف تي اكس». كما جاء إغلاق بنك «سيليكون فالي» بعد أقل من يومين. 
(وكالات)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p9d9e4k

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"