عادي

الخشبة تجدد نفسها

23:13 مساء
قراءة 7 دقائق
2

الشارقة: علاء الدين محمود

تجارب مسرحية باذخة ورؤى فكرية مختلفة، ظل يقدمها مهرجان أيام الشارقة المسرحية، منذ انطلاقه في عام 1984، وظلت كل دورة جديدة من دوراته الممتدة، تحمل عنوان التطور والابتكار والتصاعد، ليرسخ المهرجان في قلوب الجمهور، ليس على مستوى الدولة فقط، بل وكذلك في منطقة الخليج، والعالم العربي ككل، وذلك الأمر أكّده عدد من المسرحيين الذين تحدثوا إلى «الخليج»، عن المهرجان وأثره الكبير في تحريك وتطوير الفعل المسرحي في الإمارات، حيث أكدوا أن الدورة الجديدة ال32، تشهد على حجم الارتقاء الكبير في الحراك الإبداعي على مستوى المسرح في الدولة.

«مدرسة مسرحية»، بتلك الكلمات ابتدر الفنان علي جمال حديثه عن المهرجان، وذكر أن «أيام الشارقة»، باتت أجمل وأفضل المنصات الإبداعية التي تنفتح على كل المدارس المسرحية المتنوعة والمختلفة، معرباً عن أمله في أن تأتي الدورة ال32، متفقة ومنسجمة مع السمعة الكبيرة التي حققها المهرجان كتظاهرة ثقافية ينتظرها الجميع في الإمارات، وخارجها، حيث أصبحت بمثابة مدرسة تقدم مقترحات جديدة، وأفق يذهب في اتجاه مختلف عن التبعية للمسرح الأوروبي.

وذكر جمال، أن المشاركة في المهرجان مسؤولية كبيرة، إذ يعتبر من المنصات المسرحية العربية ذات السمعة والمكانة الكبيرة، الأمر الذي يفرض على الفنان أن يقدم بذلاً مبتكراً ومختلفاً، وذلك الأمر يخلق نوعاً من التنافس الحميد بين مختلف الفرق المسرحية في الدولة، والتي تعمل على تقديم ممارسات فنية تعبر عن تاريخها في العمل المسرحي.

وأوضح جمال، أن جميع العروض التي يحتضنها هذا المهرجان المميز، دائماً متأتٍ بأفضل صورة، من حيث النصوص والمقاربات والرؤى الإخراجية والمجهودات الفنية التي تبذل، خاصة أن لدى المهرجان لجان مشاهدة واختيار وتحكيم بالتالي، فإن الأعمال التي تعرض تكون منتقاة بصورة جيدة.

**عرس فني

المخرج سعيد الهرش، وصف المهرجان بالعرس الفني والثقافي الكبير الذي تظهر فيه الإبداعات الحقيقية لدى الفنانين والمسرحيين الإماراتيين، وذكر أن «أيام الشارقة المسرحية»، صارت منصة لأقوى العروض على مستوى الخليج والمنطقة العربية، وكذلك الرؤى الفكرية والنقاشات وتبادل التجارب من خلال الندوات والبرامج الثقافية المختلفة والمتنوعة التي يشارك فيها طيف واسع من النقاد والفنانين أصحاب التجارب في العالم العربي.

وأشار الهرش، إلى أن المهرجان ظل في كل دورة يكرم أجيالاً مختلفة من المسرحيين الإماراتيين والعرب، نظير ما قدموه من روائع وإبداعات خالدة أسهمت في تطور الفعل المسرحي، المحلي والعربي، وهو ضرب من الوفاء يحفز المبدعين إلى مواصلة مسيرتهم الفنية.

ولفت الهرش، إلى أن الدورة الحالية تكرم كذلك الإبداع الإماراتي في المشاركات الخارجية، ويتمثل ذلك في العرض الافتتاحي الذي يشهد تقديم مسرحية «رحل النهار»، لفرقة مسرح الشارقة الوطني، العرض الذي حقق إنجازاً كبيراً بفوز بجائزة «الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي» في مهرجان المسرح العربي في المغرب، وهي من إبداعات المخرج محمد العامري الذي سيفتتح المهرجان بهذا العرض وسيختتمه أيضاً بمسرحية «زغنبوت».

وذكر الهرش أن المهرجان يسير وفق رؤية مميزة جعلته يحجز مكانة كبيرة في قلوب عشاق المسرح، حيث صار يستقطب أعداداً كبيرة من الجمهور، وذلك أمر ظلت تفتقده المهرجانات، خاصة أن طبيعة عروضها غالباً ما تكون نخبوية، وذلك الأمر يدلل على أن «أيام الشارقة المسرحية»، نجحت في رفع الذائقة والوعي المسرحي، وذلك من أهم الإسهامات التي قدمها المهرجان للحراك المسرحي في الدولة.

**ممارسات بصرية

من جانبه، أكد الفنان عبد الرحمن الملا أن المهرجان هو الأساس بالنسبة للمسرح الإماراتي، وله أثر كبير في الفعل الإبداعي في بقية العالم العربي، بما ينتجه من تجارب مسرحية مميزة، ورؤى فكرية باذخة، وكذلك على مستوى المواهب في مختلف مفردات العمل المسرحي، من ممثلين ومخرجين وفنيين، بفضل الرعاية والدعم الكبير من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الراعي الأول للثقافة والفعل الإبداعي في الدولة.

وأشار الملا إلى الإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها المهرجان، الأمر الذي جعل منه منصة هي الأكبر على مستوى الخليج، حيث إن إدارة المسرح في دائرة الثقافة وفّرت كل الدعم للمسرحيين المشاركين في المهرجان، من خدمات وأدوات ودعم فني ومسارح وتسهيلات، وكل ما من شأنه أن ينجح المهرجان، ما ينعكس إبداعا من خلال العروض المتميزة التي سيشاهدها الجمهور في مسارح قصر الثقافة، ومسرح الشارقة للفنون المسرحية، حيث سيكون الجمهور على موعد مع ممارسات بصرية راقية تستوعب التطور الكبير في الفعل المسرحي.

وذكر الملا، أن جميع الفنانين المشاركين في هذا الحدث الثقافي المختلف، سيجدون أنفسهم أمام مسؤولية كبيرة، نسبة للسمعة الرفيعة التي بات يتمتع بها هذا المحفل المسرحي المتفرد الذي يعد الآن من أكبر المهرجانات العربية من ناحية التنظيم والعروض والفعاليات والأسماء الكبيرة للضيوف من مختلف أنحاء العالم العربي.

وأشار الملا، إلى أن الفنان الذي يشارك في هذا المهرجان لابد أن يضع في اعتباره ضرورة أن يقدم أفضل ما لديه من جهد وبذل إبداعي، حيث إن هذا المهرجان لا يقبل إلا المبدعين الحقيقيين، فلابد من عروض تليق بقيمته وسمعته الكبيرة، فقد أصبح قبلة الفنانين من أنحاء العالم العربي الذين يحضرون لمشاهدة العروض والمشاركة في الأعمال والأنشطة الفكرية، بالتالي فإن التواجد فيه شرف كبير لأي مسرحي.

*نشاط

فيما، لفت الفنان سالم العيان إلى أن المشاركة المهرجان هو طموح كل مبدع إماراتي، لذلك تنشط الفرق المحلية مع اقتراب الموعد المنتظر لبداية اختيار الأعمال من أجل تقديم أفضل ما لديها من أعمال مسرحية، فميزة المهرجان في أنه ظل يفجّر الطاقات الإبداعية لدى الفنانين والفرق المسرحية داخل الدولة.

وشدد العيان على أن المهرجان صار رقماً صعباً بفضل الرعاية السامية والكريمة من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة، الذي ظل يدعم المسرح بصورة دائمة ومستمرة، الأمر الذي حقق للإمارات مكانة متميزة في المجال المسرحي على مستوى العالم العربي، فبينما هنالك دول تتراجع في هذا الضرب الإبداعي، فإن الدولة تتقدم بصورة كبيرة لتصبح الإمارات من البلدان التي تعرف بالمسرح.

وأشار العيان، إلي نقطة وصفها بالجوهرية في أعمال وأنشطة المهرجان، والمتمثلة في تلك الندوات والسهرات الثقافية، والتي تشهد بذلاً فكرياً رفيع المستوى من قبل مفكرين لهم باع طويلة في التنظير المسرحي، وهو أمر له أهميته الخاصة في البحث عن أفق مختلف ورؤى مبتكرة للممارسات المسرحية في العالم العربي.

ودعا العيان جميع الفنانين الإماراتيين إلى المواظبة في الظهور والمشاركة في هذا الحدث المهم، حيث إن المهرجان يقدم فرصة كبيرة للارتقاء بالعملية المسرحية في المجمل من خلال عملية اختيار العروض المتميزة، وهو أمر يضع على عاتق الفنانين والفرق المسرحية مسؤولية كبيرة في تقديم الأفضل فقط.

*امتداد

الفنان مهند كريم، أكد أنّ أيام الشارقة المسرحيّة هي فعل مسرحي ممتد، حيث إن فوائده الكبيرة تظل مستمرة وتشمل فترة ما بعد أيام انعقاد المهرجان، لكونه مؤثراً في العديد من التجارب التي تعقب المشاركة فيه، فالمهرجان يصقل الخبرات الإبداعية للفنان، كما أنه ظل يرفد المسرح بالعديد من الأفكار والأعمال طوال العام.

وأشار كريم، إلى أن الفنانين وجمهور المسرح يظل في حالة ترقب مستمر لموعد «أيام الشارقة المسرحية»، بكل شوق وحب، نسبة للمكانة الكبيرة التي يحتلها في قلوب المسرحيين في الدولة، والرعاية الكبيرة التي يجدها من حكومة الشارقة، وكذلك للصدى الكبير الذي يلقاه المهرجان في المنطقة العربية كلها، ما يضع على عاتق المشاركين فيه مسؤولية وتحدياً من أجل تقديم الأفضل.

ولفت كريم إلى أن المهرجان، ظل يقدم عروضاً مسرحية تنفتح على جميع القضايا الاجتماعية والثقافية، بعروض تسافر إلى الماضي مصطحبة الموروث الشعبي، لتقدم للمتلقي أعمالاً تتناسب مع بيئته وثقافته، وكذلك ظل المهرجان يقدم رؤى لقضايا تشغل بال الإنسان في الوقت الراهن، وذلك من أسرار نجاح هذا المحفل الفني والثقافي الكبير.

*خبرات

بينما أكدت المخرجة الشابة إلهام محمد، التي تداوم في السنوات الأخيرة على المشاركة في المهرجان، على أن المسرح في الإمارات ظل يشهد تطوراً كبيراً بمثل هذه المنصات النوعية، مثل «أيام الشارقة المسرحية»، والذي ظل يحظى بمتابعة كبيرة من قبل الجمهور التواق إلى العروض المبتكرة والمختلفة.

وذكرت إلهام أن المهرجان يضم العديد من الأنشطة الأخرى خلاف العروض، خاصة البرامج الثقافية والندوات النقدية التي تشكل إضافة كبيرة للمخرجين وكتاب النصوص، خاصة أن هذه الأمسيات النقدية تضم كوكبة من كبار النقاد والمسرحيين من مختلف أنحاء العالم العربي، بالتالي يمثل المهرجان فرصة نادرة بتبادل الخبرات والتجارب بين المبدعين والوقوف على الحراك المسرحي في كل بلد.

وأكدت إلهام أن التواجد في هذا المهرجان الكبير هو شرف لكل فنان، سواء كان مشاركاً في عرض، أو متفرجاً، حيث باتت «أيام الشارقة المسرحية»، تحتل مكانة كبيرة ومتميزة بين المنصات المسرحية العربية والعالمية بفضل الاهتمام الخاص الذي يجده من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة، وبفضل التنظيم المميز من قبل إدارة المسرح في دائرة الثقافة في الشارقة

*ذكريات

بينما ذكر المخرج والكاتب أحمد عبد الله راشد، أن كل دورة جديدة للمهرجان توقظ فيه الذكريات، حيث تجعله يعود إلى الوراء عندما كان يحضر إلى الشارقة، وقصر الثقافة بصورة خاصة، ليشاهد العروض المسرحية للمهرجان، منذ أن كان في سن ال14 من عمره، بشوق شديد وترقب وانتظار لهذا الحدث المختلف الذي يحفل بالإبداع المختلف والتجارب المبتكرة، حيث ظل المهرجان يقدم أعمالاً مسرحية ثقافية ملهمة ومملوءة بالإبداع والابتكار والتطور.

وأعرب راشد عن سعادته بالمشاركة في هذه الدورة الحالية، التي تشهد تحقق حلمه بالوقوف في الخشبة إلى جانب النجوم والمسرحيين الكبار الذين طالما استمتع بهم وبعروضهم في هذا المهرجان المختلف.

وأكد راشد أن الساحة المسرحية في الإمارات، تدين بالكثير للمهرجان، تلك الخشبة النابضة بالحياة والنشطة على الدوام، والتي ظلت تطرح الرؤى الجمالية المبتكرة، وترفد الساحة بالممثلين والمخرجين وكتاب النصوص المتميزين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mpw35u3r

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"