اللاعبون.. مكاسبنا وخسائرنا

00:26 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

لا جديد يمكن أن يقال عن الأهمية التاريخية لمنطقة الشرق الأوسط في رسم سياسات العالم لما توفر لها من ثروات طبيعية وبشرية وشرايين عبور تمثل أساس التواصل الاقتصادي والحضاري.

ولا يمكن تصور هذه المنطقة بغير مكونها العربي الذي يستأثر بمعظم هذه المقدرات، ما يجعل من الدول العربية مرتكزاً في العلاقات الدولية ونقطة تقاطع بين الأقطاب الرئيسية في العالم في سعيها للبحث عن مصالحها، المتباعدة في الوسائل والأدوات.

ومن المعلوم أن المنطقة العربية كانت في فترات سابقة أسيرة استقطاب تتباين حدته من دولة عربية لأخرى ليتأرجح بين التسليم بأن معظم أوراق اللعبة في يد معسكر بعينه، أو الارتباط سياسياً وإيديولوجياً بمنافسه، أو التمسك ببعض القدرة على التحرك المتوازن في العلاقة بينهما.

هذا تاريخ ليس ببعيد وتفصيلاته ووقائعه تفيض بها الصفحات التي لا تخلو من خذلان قائد هذا المعسكر أو ذاك لحلفائه في المنطقة، أو تصور أحدهما، صلفاً، أن العلاقة تمضي في اتجاه واحد يضمن له تحقيق غاياته ويؤمّن له ما يكسب به ناخبه ويرضي به دوائر صنع القرار أو جماعات الضغط في مجتمعه.

وليس الأمر في حاجة إلى جهد لإثبات أن مياهاً كثيرة جرت تحت جسور هذه المنطقة في العقد الأخير، وجرت عليها أقدار التغيير ومن أبرزها صعود قيادات تستثقل الارتباط التاريخي بهذا المعسكر أو ذاك، وهو ارتباط تعامل معه زعماء غربيون ببعض التهاون إلى درجة التخلي، والفظاظة إلى حد يخالف أبسط أسس التعاون.

هذه القيادات لا تجنح إلى معاداة أحد، ولكنها ترى أن مصلحة الأوطان العربية هي البوصلة التي تتبعها العلاقات وصور التعاون مع العالم، وتبذل كل جهد لينعم بالاستقرار وكل ما يضمن لشعوبه الرفاهية والأمان، وفي القلب منها الشعوب العربية.

حتى التباين العربي- العربي أصبح مقبولاً في ملفات وقضايا في المنطقة وخارجها ما لم يعارض استقرارها ومصالحها أو يهدد دولة، أو دولاً، فيها.

ترافق مع هذا تحرر عربي فردي وجماعي من أي ارتباط مقيّد أو مانع من تحقيق المصلحة القُطرية والإقليمية، وبات الدوران معها حيث دارت نهجاً للاعبين الرئيسيين من قادة المنطقة العربية، فتعددت صور التعاون مع القوى الرئيسية في العالم بتوازن غير مصطنع، وسعي جاد لا أنانية فيه لبذل كل جهد يشيع السلام في أرجائه ويطفئ النيران في مناطق الاشتباك ويحاصر الخلافات المرشحة للتصاعد.

كل ذلك أسّس لقواعد جديدة بعضها فُرض بقوة المصلحة الوطنية على عواصم غربية كانت ترى أن ارتباط المنطقة بها لا انفصام له، وشجع لاعبين آخرين على دخول المنطقة بشروطها الجديدة.

وهذه الشروط لن تكتمل نجاعتها إلا إذا بقي نهج إعلاء مصلحة الأقطار والإقليم قرين كل تحرك فردي أو جماعي، بحيث لا يتصور لاعب جديد أو قديم أنه سينفرد بالساحة خدمة لمصالحه وحده، أو تكون مقدراتنا جسراً لمواجهته مع غريم، بينما نكتفي نحن بعدّ مكاسبنا المتوهمة، وخسائرنا.

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/39cxyb3e

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"