عادي

«رحل النهار».. فسحة للأمل في واقع كابوسي

23:09 مساء
قراءة دقيقتين
1X3A7755
مشهد من العرض

الشارقة: عثمان حسن

تكريماً لفرقة مسرح الشارقة الوطني، بعد فوز عرضها «رحل النهار» من نص إسماعيل عبدالله وإخراج محمد العامري، وبطولة نخبة من الممثلين الإماراتيين والعرب بجائزة «الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عرض» في مهرجان المسرح العربي الدورة 13 والتي أقيمت في المغرب، في يناير الماضي، افتتحت «رحل النهار» مساء أمس الأول الاثنين على خشبة قصر الثقافة بالشارقة فعاليات الدورة 32 من مهرجان أيام الشارقة المسرحية، والتي تستمر حتى 20 مارس الجاري، وتتنافس على جوائزها 8 عروض كما يشارك في فعالياتها 14 عرضاً من مختلف الجمعيات والفرق المسرحية بالدولة.

رغم أن الشخصية الرئيسية في «رحل النهار» قد وضعتنا أمام مقتل عريس وعروسه في يوم زفافهما، بكل ما يحمله ذلك من مأساة، إلا أن انفتاح الستارة على مجموعة كبيرة من الرؤوس المقطوعة التي تتدلى من سقف المسرح، قد زاد من حجم الكارثة، لتنقل المشاهد إلى مستوى آخر من الفجيعة، وكأننا أمام مشاهد من حرب دموية هي من دون شك صادمة في كابوسيتها وجنائزيتها المؤلمة.

كانت شخصية الزوج والزوج بمنزلة استهلال لفكرة النص في حمولته الفكرية والشعرية، والذي يناقش من خلاله العرض أحوال اليوم في بيئات مفتوحة على فضاءات عربية ودولية.

اتكأ نص إسماعيل عبدالله على ركيزة الشعر بوصفه يشكل فضاء ثقافياً وفكرياً إنسانياً يحتفي بالجمال وبالحرية والعدالة، ليفكك من خلاله أوضاع العالم المعاصر وبالذات العالم العربي، وما يسوده من صراعات سياسية واجتماعية واقتصادية، وهي بالضرورة أوضاع لا تسر أحداً، وتكاد تصيب الإنسان في مقتل، وتسد في وجهه كل أسباب التقدم والرقي البشري.

والنص بهذه الكيفية، هو نص رصين، يحمل جرعة ثقافية وفكرية كبيرة، وقد اشتمل على كثير من القصائد العربية لرموز شعرية كبيرة وبالأخص قصيدة «رحل النهار» لبدر شاكر السياب، إضافة لقصائد كثيرة لتوفيق زياد.

استفاد إسماعيل عبدالله من الانزياحات الدلالية العميقة التي تطرحها قصيدة «رحل النهار» وشخصيتيها الرئيسيتين (الزوج الذي رمز له السياب بسندباد وزوجته) ومن هذه الدلالات تصوير حالة الزوجة التي وصلت لمرحلة شديدة من اليأس وتصبح متأكدة من أن زوجها قد غرق ولن يعود، ثم تحول الزوجة إلى جسد مضيء يأمل عودة الزوج رغم ما توحي به الطبيعة من موت وخوف، وأيضاً زوال شباب الزوجة بفعل تقادم الزمن ومراوحتها بين الأمل واليأس، ولكنها رغم ذلك مستمرة في انتظار زوجها طامحة في حياة جديدة، وهكذا يستفيد عبدالله من تلك القوة الدلالية والإيحائية في القصيدة، من خلال أبطال عرضه خاصة (الزوج والزوجة) وهي استفادة تعلي من جرعة التحمل، والتفاؤل بعودة النهار، ما يشكل ثيمة صد ضد أسباب المآسي واليأس والموت.

حمل النص رؤى وأفكاراً مهمة في ما تطرحه من إيجابيات، وقوى متفائلة في معانيها الإنسانية والوطنية وما تقدمه من خيارات أفضل تدعو إلى رفع الهمم والتمسك بالأمل والعمل من أجل بناء رفعة الأوطان وساكني هذه الأوطان، بوصفهم بشراً يستحقون ما هو أنفع وأفضل وأجمل..

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc5nybd4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"