عادي

هندسة المناخ

21:28 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

ديفيد كالاواي*

فتح جورج سوروس شرخاً جديداً في معترك المناخ العالمي الشهر الماضي، حينما أخبر زعماء العالم، خلال «مؤتمر ميونيخ للأمن»، بأنه حريّ بهم أن يدرسوا احتمال رش المياه إلى غيوم القطب الشمالي، بغية حرف أشعة الشمس عنها، والحفاظ على الجليد الذائب.

ومنذ فترة، يكرس ذلك الملياردير صاحب الأعمال الخيرية الذي التصقت به على مر العقود نظريات المؤامرة في أوساط المحافظين، انتباهه قليلاً لظاهرة الاحترار العالمي. بيد أن تحول اهتمامه أخيراً إلى المعركة الحاصلة والمثيرة للجدال حول موضوع هندسة المناخ، أعاد إلى ذاكرة بعض الأشخاص، صوراً عن مؤامرة ليكس لوثر، الشخصية الشريرة في المجلات المصورة، الرامية إلى تدمير العالم.

وجاء رد الفعل سريعاً وقوياً في الأوساط العلمية؛ إذ أقدم خبراء مناخ واختصاصيو فيزياء وعلماء الطبقات الجوية على رسم الحدود التي يجب أن تقف عندها الزيادة في البحوث عن تلاعب الإنسان بالبيئة، أو حتى فرض حظر كامل على إجراء مزيد من تلك الدراسات.

ويذكر ذلك الأمر بنقاش آخر استمر عقوداً في شأن الذكاء الاصطناعي؛ إذ توقع متشائمون أن تستعبد كتيبة روبوتات الجنس البشري برمته. ومع ذلك، لم يوضع أي حد للذكاء الاصطناعي. واستطراداً، فقد صار الذكاء الاصطناعي أكبر مصدر للحماسة في مجال العلوم اليوم. بالتالي، سألتُ برنامج «شات جي بي تي» عن التكنولوجيا التي قد تكون الأكثر خطورة.

ورد «تشات جي بي تي» على ذلك بقوله: «بالمقارنة مع الذكاء الاصطناعي، ليست هندسة المناخ بالخطورة ذاتها. فالذكاء الاصطناعي تكنولوجيا سريعة التطور، وتقدر على تحوير كل جانب من جوانب حياتنا تقريباً. وكذلك فإنه قادر على اتخاذ قرارات ورسم مبادرات قد تحمل تداعيات بعيدة المدى. ولهذا السبب، يخشى كثيرون أن يشكل الذكاء الاصطناعي خطراً أكبر بكثير من هندسة المناخ».

ومن المؤكد أن التلاعب ببيئتنا بواسطة الكيمياء، حتى في أفظع جوانبه، يعتمد كلياً على الذكاء الاصطناعي. وأثبتت صناعات حديثة المنشأ، كصناعة إزالة الكربون وحفظه وتخصيب المحيط والتحكم بإشعاعات الشمس أنها كثيرة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي. ولهذا السبب، يعتبر دعم سوروس لخطة رش مياه مالحة باتجاه الغيوم، في محاكاة لتكسر الأمواج، عملاً لطيفاً وغير خبيث نسبياً.

وفي المقابل، يغيب ذلك الطابع الحميد والمنعدم الخطورة تماماً عن النقاش المتنامي حول موضوع هندسة المناخ. ومن خلال التجارب العلمية، تستطيع أي دولة أو شركة، نظرياً، تحوير بيئتنا العالمية لغايتها الخاصة.

(إندبندنت)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/52anka2f

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"