أنت متصل.. أنت موجود

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

في لقاء تلفزيوني معه اعترض الممثل الأمريكي الشهير دينزل واشنطن على سوء تقدير وسائل الإعلام لقيمة الأخبار التي يتم نشرها عنه، وفقاً لمعادلة السبق الإعلامي التي يسعى الجميع لتحقيقها، مشيراً إلى أنه وفي عالم الوفرة المعلوماتية تنافس سرعة النشر الحقيقة دائماً.
يمكن لأيٍّ منا أن يتحول إلى محور للأخبار المزيفة، فيكفي أن يحرف حديث الأشخاص أو يقتطع من سياقه، ويتم تحويل كل ذلك إلى مادة للتداول والمزايدة والإضافات والانتشار بسرعة لا تضاهى، عبر تكنولوجيا الاتصال والتواصل بمنصاتها المختلفة.
ولكن هل هذه التكنولوجيا محايدة؟ وخصوصاً أنها ألغت جانباً كبيراً من إنسانيتنا كبشر ننساق وراء رغبتنا العارمة في اكتشاف المخفي من أسرار هذا الكون، وننجذب للبريق الذي تحدثه الشاشات، محققة ذلك الربح الذي يحدث خارج حدود النشاط الإنساني المعهود، باختصار نحن لم نعد أفراداً بل أرقاماً في قاعدة بيانات كبرى تسيرها شركات عابرة للحدود والخصوصيات الثقافية والاجتماعية وحتى الاقتصادية.
وبالعودة إلى مسألة المحتوى فنحن لم نعد نتحدث عن الجمع والنشر، بل إننا نتعدى ذلك إلى الصناعة القائمة على التلاعب في المرئي والمسموع والمكتوب، حتى يكاد يكون الحد الفاصل بين الحقيقة والخيال معدوماً، فيمكن للمستخدم العادي ومن خلال التقنيات الكثيرة المتاحة بشكل مجاني، تحويل ما كنا نراه في سلسلة حرب النجوم ١٩٧٧، إلى واقع متداول عبر الشاشات المحمولة.
إن المستقبل يعتمد على ما نقرر القيام به في هذه اللحظة، وإذا كنا اليوم نؤمن بأن المعرفة هي القوة، فيجب ألّا نتناسى صناع هذه المعرفة وهم ليسوا فلاسفة ولا مفكرين ولا علماء طبيعة، بل شركات تحصد ملايين الدولارات، عبر صناعة التزييف القادرة على إعادة بناء عقولنا وبرمجتها بما يتناسب مع متطلبات السوق، أو بالأحرى مع النظام الاقتصادي المهيمن على حركة الأرض.
إذن هل يكمن الحل في المقاطعة؟ فإذا لم نكن متصلين فنحن غير موجودين، وإذا اتصلنا فنحن معرّضون للتضليل والزيف، وربما يكمن الحل حقاً في تغذية وعينا بالكثير من المعارف حول حقيقة هذا الاتصال، والإيمان بأن الحقيقة ليست في متناول الحواس كما هو مشاع، بل هي صعبة وعصية في عصر صناعة البيانات وحرية تدفقها وسهولة تداولها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/56djwp7p

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"