بنس وترامب والتاريخ

00:40 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

قطع نائب الرئيس الأمريكي السابق مايك بنس الشك باليقين حول دور ترامب في الهجوم على مبنى الكابيتول صبيحة السادس من يناير(كانون الثاني) 2021 لمنع الكونغرس من المصادقة على نتائج الانتخابات التي أفضت إلى فوز الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، تاركاً أمر محاسبة ترامب للتاريخ.

لم يفعل بنس، وهو يتحدث في مناسبة سنوية أقيمت في واشنطن العاصمة قبل أيام، سوى تأكيد المؤكد بعد سلسلة التحقيقات التي أجراها القضاء الأمريكي، والتي كشفت عن دور ترامب ومسؤوليته المباشرة عن الأحداث التي وقعت خلال الهجوم على معقل الديمقراطية الأمريكية. لكن أهمية تصريحات بنس تكمن في الصراحة والوضوح اللذين تحدث بهما، عندما قال «التاريخ سيحاسب ترامب على دوره في الهجوم على مبنى الكابيتول»، قبل أن يضيف «ترامب عرض عائلتي للخطر». وهو بذلك يقدم دليلاً إضافياً على تورط ترامب في ذلك الهجوم على طريقة «وشهد شاهد من أهله»، إذ باعتباره نائباً للرئيس ورئيساً لمجلس الشيوخ آنذاك، كان يتحتم عليه الوجود داخل مبنى الكابيتول.

ومعروف أن بنس رفض طلب ترامب بعرقلة المصادقة على نتائج الانتخابات وترسيم فوز بايدن، رغم كل محاولات ترامب وتغريداته التي دعا فيها أنصاره في اليمين الشعبوي المتطرف إلى «القتال»، وتصريحاته التي تصًر على حدوث تزوير في الأصوات، وأخيراً انتقاداته لبنس لتصديقه على النتائج. ويقول بنس عن ذلك: «كان الرئيس ترامب مخطئاً.. لم يكن لي الحق في تغيير النتائج، لقد تسببت كلماته غير المسؤولة في تعرض عائلتي وكل شخص في الكابيتول للخطر في ذلك اليوم، وأنا أعلم أن التاريخ سيحاسب دونالد ترامب».

وبمعزل عن تصريحات بنس التي تأتي في سياق ترشحه للانتخابات الرئاسية العام المقبل، وفق المراقبين، إلا أن موقفه كان واضحاً منذ البداية بشأن دور ترامب في ذلك الهجوم، وبالتالي فإن ما يفعله اليوم هو محاولة للتذكير بذلك الموقف وفك عرى الشراكة نهائياً مع ترامب والظهور أمام الجمهوريين والرأي العام بمظهر الاعتدال والمسؤولية، وربما المصداقية أمام هذا الكم الهائل من المراوغة والإنكار والتضليل الذي ينتهجه ترامب، سعياً للظفر بولاية جديدة.

لكن السؤال هو: لماذا تحدث بنس عن التاريخ ولم يتحدث عن محاكمة ترامب، خصوصاً وأن الإدعاء الأمريكي وجه اليه اتهمات مباشرة بالمسؤولية عن أحداث الكونغرس، وهل تحول الإجراءات والقوانين الأمريكية دون محاكته؟ أغلب الظن أن الأمر لا يتعلق لا بالقوانين ولا بالإجراءات، وإنما بالمخاطر الناجمة عن مثل هذا التوجه، إذ أن ترامب لا يزال يتمتع بقاعدة شعبية لا يستهان بها في أقصى اليمين المتطرف لدى الحزب الجمهوري، علاوة على الإنقسام القائم العميق والحاد داخل المجتمع الأمريكي، والذي ينذر باندلاع حرب أهلية، من المؤكد أن الجميع في غنى عنها، فيما لو تم اعتماد مثل هذا التوجه، وبالتالي طالما أن ترامب لم يحاكم أو يدان رسميا بتلك الأحداث، ما سمح له بالترشح لولاية جديدة، فإن التاريخ وحده هو من سيقول كلمته في نهاية المطاف.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/43mkdcyp

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"