كلما حدث حوار أو تبادل للأفكار، من الطبيعي أن تعقبه اختلافات في وجهة النظر، وتباين في الآراء، خاصة وهي تحتمل كل هذا التباين.
لكن من غير الطبيعي، أن يتحول مثل هذا الاختلاف إلى خصومة ثم قطيعة، ومع الأسف فإن مثل هذه الحالة تقع وتحدث بطرق وأشكال متعددة، ولكن في محصلتها النهائية، الذي حدث مجرد موضوع عام للنقاش، تم في إحدى الجلسات التي تجمع بعض الأصحاب والأصدقاء، حتى تحول إلى شد وجذب، ونمت المشكلة لتصبح خصومة، تسبب الفرقة والابتعاد والمقاطعة.
هذه الحالة، تسمى «شخصنة الموضوع»؛ بمعنى تحويل المشكلة العامة، أو الموضوع العام، الذي يقبل النقاش والحوار، وتعدد وجهات النظر، إلى موضوع خاص وشخصي، والحالة التي تساق لتبرير «شخصنة الموضوع»، والتحمس له، لأنه شعر بعدم الاحترام، أو عدم الثقة، في علمه ومعرفته، وغيرها الكثير من المبررات والأسباب.
«شخصنة المواضيع»، قد تمتد لمختلف مفاصل حياتنا الاجتماعية، قد توجد داخل الأسرة، بين الزوج والزوجة أو بين أفراد الأسرة، أو تحدث في بيئات العمل، بين المدير وموظفيه، وقد تحدث في أي مجال من حياتنا الاجتماعية.
هذا الجانب، في تباين الآراء، وتعدد وجهات النظر، والتي قد تسبب عند البعض خصومة، حاولت الدكتورة اودري رايل، الحاصلة على درجة الدكتوراه، في القيادة التربوية، شرحه في مدونتها على الإنترنت؛ حيث قالت: «إذا وضعت عشرة أفراد في نفس الموقف بالضبط في نفس الوقت بالضبط، وطلبت منهم وصف موقف أو حدث شاهدوه، ستحصل على عشر قصص مختلفة. لا أحد يكذب، ولكن كل شخص يهتم بأشياء مختلفة ويخلق معنى بناء على اهتماماته ومرشحاته». هذا تحليل منطقي ووجيه، في أي موضوع يقبل التعدد والاختلاف، وهو أن نرجع هذا الاختلاف والتعدد، لأن كل واحد منا يرى الموضوع من زاوية خاصة به هو، ويهتم به وفق هذه الرؤية. أيضاً تقول في سياق شرح التباين والاختلاف في طرح الناس لآرائهم: «تذكر أنه في المرة القادمة التي تسمع فيها شخصاً يعبر عن انتقاد، لا تفترض على الفور أنه يهاجمك، أو حتى يلومك على الإطلاق. إنه يفكر بالطريقة التي يفكر بها دائماً، ويتحدث بالطريقة التي يتحدث بها دائماً، ويتفاعل بطرقه المعتادة. ما يقولونه يعكس هويتهم وليس هويتك أنت».
والمحصلة التي نحصل عليها، الابتعاد عن «شخصنة» أي موضوع عام، بمعنى عدم تحويله إلى موضوع خاص وشخصي، فهو موضوع عام، ويقبل الآراء المتعددة.
