عادي

أيام الشارقة التراثية تروي حكاية قرون من الأزياء الأوروبية

18:08 مساء
قراءة 8 دقائق
توقيع كتابين
جناح صوت القاهرة-3
جناح صوت القاهرة-2
جناح صوت القاهرة-4
جناح صوت القاهرة
جناح صوت القاهرة-5
قسم الأزياء الأوروبية-2
قسم الأزياء الأوروبية
قسم الأزياء الأوروبية-1
محاضرة بعنوان (التراث الثقافي م ن وجهة السياحة في إمارة الشارقة
محاضرة عن الحكاية الشعبية.. خزان الإبداع

احتضنت أيام الشارقة التراثية معرضاً مهما للأزياء الأوروبية بعنوان (حكاية قرون من الأزياء)، اختار معهد الشارقة للتراث أن يروي حكايتها للزائرين على أرض قلب الشارقة، محاكاة ثقافية، ومفارقات شعبية، وصوراً تاريخية وقفت وراء كل زي من الأزياء المشاركة، فأضافت للفعاليات تجربة ثرية، ودروساً ثقافية، وقاربت المسافات بين تجارب الشعوب.

وجاءت ناتالي هران، معلمة وباحثة تاريخية متخصصة بالعصور القديمة، من فرنسا بتسعة أزياء، ثمانية نسوية، وزي رجالي، وأقدم تلك الأزياد يعود إلى 483 عاماً خلت، واقربها مضى عليه 111 عاماً، وما بين هذين التاريخين أزياء أخرى يصوّر أغلبها أجواء سهرات سيدات الأسر الأرستقراطية قبل، وبعد عصر النهضة الأوروبية.

وتقول ناتالي: «قمت بجمع واقتناء الملابس العتيقة التي وجدتها في سوق السلع المستعملة والمزادات بمختلف دول أوروبا، وقد اكتسبت هذه الأزياء اهتماماً متزايداً بشكل لافت لاسيما خلال العصر الحديث الذي اصبح للموظة مدارس وتشكيلات وأنواع أكثر من أن تحصى، والشيء المثير للاهتمام أن الأزياء القديمة لا تزال تلهم المصممين المعاصرين لإنتاج أزياء مستوحاة منها، وتجد لها الكثير من الرواج في الأسواق، المحلية والعالمية، على حد سواء».

وأضافت: «مشاركتنا في أيام الشارقة التراثية فرصة كبيرة اطّلعنا من خلالها على شغف وترحيب الجمهور عامة، والإماراتي خاصة، بموضوع الأزياء القديمة، ولا شك في أن هذا الشغف قد يؤدي في المستقبل إلى افتتاح معارض لحكايات قرون من الأزياء، ولكن هذه المرة الأزياء العربية والإماراتية، وأنا متأكدة أنها ستحصل على نجاحات كبيرة».

ولم تغفل «حكاية قرون من الأزياء» أن تضيف بعضاً من ملحقات الأزياء الأوروبية المذكورة، لا سيما القبعات ذات الأشكال المنوعة المستوحاة من البيئات الأوروبية، وأنواعها التي دخل في بعضها الورد، وفي بعضها الآخر الريش، وفي الكثير منها نماذج حريرية مزخرفة تضيف للأزياء المزيد من البريق والبهاء، كما ضم المعرض مجموعة من القفازات اليدوية، التي كانت تشكل هي الأخرى المزيد من الإضافات الجمالية على الفساتين، بألوانها البراقة المختلفة.

يذكر أن المعرض ضم فساتين سهرة منوعة يعود أقدمها إلى عام 1540، وأحدثها إلى عام 1912، وما بينهما أزياء تعود إلى الأعوام 1580، و1750، و1853، و1855، و1873، و1889، وبدلة رجالية وحيدة هي من متطلبات أزياء القصور الأوروبية تعود إلى عام 1760.

الحكاية الشعبية خزان إبداعي لذاكرة المجتمع العربي

ضمن سلسلة المحاضرات الثقافية التي ينظمها المقهى الثقافي في أيام الشارقة التراثية، عقدت محاضرة حملت عنوان (الحكاية الشعبية.. خزان الإبداع)، شارك فيها كل أ. د. محمد الجويلي مدير قسم الدراسات الأنثروبولوجية في جامعة منّوبة بتونس، والباحثة الإماراتية فاطمة المغني، والشاعرة والمحامية البحرينية د.هنادي الجودر، ود.التونسية وفاء المزغني الباحثة في ثقافة الطفل والمرأة والتراث غير المادي.

ركزت ورقة د.الجويلي على إنشائية الهزل في الحكاية الشعبية، كحالة إبداعية تتطلب مهارات فنية خاصة، حيث اعتبر المحاضر كلاً من الجاحظ والهمذاني من كبار الحكّائين العرب الذين أدخلوا الفكاهة والهزل في أدبيّاتهم وكتاباتهم بعيداً عن لغة الثقافة الرسمية التي تعتمد الجدية وأفعال الأمر والنهي الصارمة، وتضع القيود والحدود الواسعة بين المباح والممنوع.

وأشار إلى أن الفعل حكى يتسع لأبعد من معنى السرد، فهو يشمل التقليد والمحاكاة، ومن ثم فقد ارتبطت الحكاية منذ القدم بالتقليد لأغراض الترفيه والإمتاع، لكون المقلّد يحتاج لذكر الحكايات خلال استعراضاته المضحكة، كما أن حصول الإضحاك في الحكاية الشعبية يستوجب المبالغة والتضخيم ورسم الاعوجاج في الشخصية من ناحية جسدية، وأخلاقية.

الجدّات مصدر للإبداع الشفهي

أوضحت فاطمة المغني دور الجدّات، كمصدر للإبداع في الحكاية الشعبية في الإمارات، وباقي الدول العربية، مستعرضة نماذج من هذه الحكايات التي كان الأطفال يتأثرون بها، ويندمجون مع أصواتها وحركاتها وتفاصيلها الخيالية المخيفة أحياناً، كما أشارت إلى مقدمات ونهايات مثل هذه الحكايات التي كان أغلبها يركز على الحمل، ودورة الحياة والزواج، وعن زوجة الأب، وغيرها من عناصر النسيج الاجتماعي في البيئة الدافئة التي كانت تحتضنها الأسرة الممتدة.

وذكرت أن الحكايات الشعبية كان لها أبطال ورموز دائمة الشهرة، مثل المطوع الذي كان يحل ويعالج، كما كان المعاق يحمل رمزية بطولية، والخير منتصر على الشر باستمرار، فضلاً عن استخدام لغة الحيوانات في هذه الحكايات، والعمل على غربلة الحكايات الأصلية وتأويل وتلطيف العبارات الخارجة عن اللياقة والمألوف، وبما يتناسب مع مفهوم التربية للأطفال.

الشعر يثري الحكاية الشعبية

دارت مداخلة د.هنادي الجودر، حول المضامين الشعرية في الحكايات الشعبية في البحرين، أو ما يسمى بالحزاوي، والتي تندرج ضمن الموروث الشعبي الشفهي، أو الحكائي، موضحة بأن توظيف البحور الشعرية لم يكن بارزاً في هذه الحكايات.

وأشارت إلى ارتباط هذه الحكايات بالحقوق الثقافية للإنسان ومعتقداته وقيمه وعاداته، فضلاً عن شمولها للعديد من الخصائص المادية والرقصات ومظاهر الطعام والسكن في المجتمع، لافتة إلى أهمية تضمين القصائد الشعرية البسيطة في متن الحكاية الشعبية، ما يعزز الإنصات لدى المتلقي ويرسخ لغة الحوار الوجداني المتبادلة بين أبطال الرواية، ويزيد من جذب انتباه المستمع ودهشته كلما تغير إيقاع الصوت، وتهيئته عند الانتقال لمشهد آخر.

واختتمت الجودر حديثها بإيراد بعض الحكايات الشعبية التي توارثتها من والدتها الراحلة مريم، وشكلت رافداً للموروث الشعبي في البحرين، وتم تسجيل هذه الحكايات بصوت والدتها، وسطرتها بيدها قبل وفاتها، مؤكدة هنادي أفضلية كتابة الحكاية الشعبية باللهجة المحلية لكل بلد، بدلاً من الفصحى، لأنها أقرب إلى البيئة المحلية وطبيعتها ولغتها الدارجة.

نماذج من تونس

عرضت د.وفاء المزغني في آخر المداخلات جانباً من مظاهر الإبداع في نماذج مختارة من الحكايات الشعبية التونسية التي طورت ثقافة الطفل، كما ناقشت إمكانية الاستفادة من الموروث الشفوي القديم في صياغة ثقافة طفل اليوم، مع إيراد بعض الشروط المناسب مراعاتها عند كتابة محتوى هذه الحكايات بهدف بيان قيمة الموروث في تكوين طفل متجدد ومواكب للعصر.

التراث الثقافي من وجهة السياحة في إمارة الشارقة

عقدت الإدارة الأكاديمية التابعة لمعهد الشارقة للتراث محاضرة بعنوان «التراث الثقافي من وجهة السياحة في إمارة الشارقة» قدمها د.موهيت ڤيجي، الأكاديمي المتخصص في السياحة الثقافية والإرشاد السياحي.

تناولت المحاضرة التي أدارتها د.بسمة كشمولة، نائب مدير الإدارة الأكاديمية والمدقق الداخلي المهني المفوض بالمعهد، محاور تدور حول مفهوم السياحة التراثية والثقافية، كما استعرضت قائمة قرارات منظمة اليونيسكو بشأن السياحة الثقافية. وتحدث موهيت أيضاً حول الصور الخاصة بالسياحة الثقافية في إمارة الشارقة والأدوار الاقتصادية الممكنة والمرتبطة بالقطاع السياحي.

الجويلي يوقع كتابه: «الطفل المتروك لحاله»

شهد المقهى الثقافي في أيام الشارقة التراثية توقيع كتابين جديدين من إصدارات معهد الشارقة للتراث لعام 2023، هما «سنين الزغنبوت» للكاتبة الإماراتية ميسون يوسف الأنصاري، و«الطفل المتروك لحاله في الحكاية الشعبية العربية» للدكتور محمد الجويلي من تونس الشقيقة.

تحكي الكاتبة في سنين الزغنبوت، وعلى مدار 616 صفحة أحداثاً حقيقية وقعت في حقبة زمنية تمتد ما بين عامي 1930 و1954 في إمارة الشارقة، وفي فريج المريجة تحديداً. وتتناول القصة أحداث ما قبل اكتشاف النفط وآخر رحلات الغوص، وصولاً إلى ما بعد الطفرة والتطور، بعد اكتشاف النفط في سنوات ما قبل قيام الاتحاد لدولة الإمارات.

اشتقت الرواية اسمها من «الزغنبوت» وهو طعام للطيور كحبوب صغيرة تأكلها، ومن ثم فهي لا تصلح للإنسان، ولكن اضطرت الحاجة الناس في مجتمع الخليج وفي الإمارات في أيام القحط وشح الأرز والطحين إلى طحنها وخبزها وأكلها عوضاً عن الخبز، أو الأرز، وهي السنون التي عانى فيها الأهالي من شتى الأحداث الصعبة والحزينة، أو السعيدة، وقد وجدت الكاتبة ميسون هذا الاسم أكثر ملاءمة وتعبيراً عن مجريات الأحداث في هذه الرواية.

وفي هذا الجانب، تقول ميسون الأنصاري: «هذا الكتاب الصادر جزء أول يليه جزء ثانٍ، وتدور أحداثها حول عائلات سكنت في تلك الحقبة كانت تربطها روابط أسرية وصداقة وجيرة طيبة، وهي أحداث تاريخية حقيقية قد حدثت بالفعل، حيث تصف الرواية كيف كان وقعها وصداها على حياة أهالي الفريج، وكيف كانت معاناتهم، وكيف واجهوا الصعاب، وكيف تصرفوا في تلك الأيام الصعبة والفقر المدقع والتي هي أقرب إلى نسج الخيال».

وتضيف: «إنها أحداث حدثت وقد نحسبها غير واقعية، ولكنها قد حدثت، وقد أضفت بعض الأحداث غير الحقيقية للحبكة الدرامية لن تستطيع تمييزها عن الحقيقة، وقد غيرت جميع أسماء الشخصيات الحقيقية حفاظاً على خصوصية الأشخاص المعنيين، وحذفت بعض الشخصيات الهامشية والتي لم يكن لها دور فعال في الأحداث الماضية»، لافتة إلى أن الناس في تلك الأيام اعتادوا أن يربطوا الأحداث التي تكون أشد وقعاً عليهم والتي لا يستطيعون نسيانها بالسنة التي تقع فيها لهدف تأريخها، كمولد أحدهم، أو حدث ما في سنة كذا وكذا.

وتوزع الكاتبة أحداث قصتها بحسب سنوات الفترة التي تغطيها، مانحة لأغلب هذه السنوات عنواناً يميزها عن غيرها، ويعبّر عن أهم الأحداث التي وقعت فيها، بعضها كوارث طبيعية، وأخرى أوبئة صحية، وبعضها أحداث ومناسبات لا تنسى، فهناك سنة الجدري والشنتار والبطاقة، وهناك سنة المديد والحريجة والعسرة واليلوة، وهناك سنة المحطة ومدرسة الإصلاح والأمريكانية، وهناك سنة عرس محمد، وشما، وعرس شما، وغيرها.

أما كتاب «الطفل المتروك لحاله في الحكاية الشعبية العربية»، للدكتور محمد الجويلي، مدير قسم الدراسات الأنثروبولوجية في جامعة منّوبة بتونس، فيقع في 200 صفحة، ويتكون من مقدمة، وثلاثة أبواب، وخاتمة. في الباب الأول يتحدث الكاتب عن أسباب ترك الطفل لحاله، ومنها اليتم، أو فصل الطفل عن والديه، أو فقرهما، أو الولادة المشوهة. وفي الباب الثاني الذي خصصه الكاتب لرعاة الطفل المتروك لحاله، يتحدث عن الإنسان والغيلان والشجر والحيوان. في حين جاء عنوان الباب الثالث تحت اسم الفرج بعد الشدة، إذ يفرد الكتاب صفحاته للحديث حول العودة إلى الوالدين، أو إلى أحدهما، والزواج السعيد، وسيناريو المنتصر. وخاتمة.

وفي معرض تعليقه على الكتاب، يقول الجويلي: «بعد أن تتبعنا الطفل المتروك لحاله في الحكايات الشعبية العربية، من المحيط إلى الخليج، ليس ثمة ملاحظة لربما أكثر من غيرها جديرة بالانتباه، كتلك التي تتمثل في عدم الاستفادة حتى اليوم في العالم العربي -بدرجات متفاوتة من قطر إلى آخر- على أحسن وجه، من الحكاية الخرافية، ليس في المؤسسات التربوية فقط، مثل رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والإعدادية، وإنما كذلك في العائلات نفسها الموكول إليها -أولاً قبل غيرها- تربية أطفالها ورعايتهم، وهذا بالطبع علاوة على الساهرين على الأطفال المتروكين لحالهم في المؤسسات التي أنشئت لذلك، وفي أقسام الطب النفسي للأطفال الذين يعانون انهيارات عصبية حادة، وكدمات نفسية قاسية، ونتيجة فقدانهم والديهم، أو أحدهما، بسبب اليتم، أو الطلاق، أو غيرهما من الأسباب».

تراث صوتي عربي

في مدخل الركن المخصص لشركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات المشارك في الدورة 20 من فعاليات أيام الشارقة التراثية، وهي إحدى شركات الهيئة الوطنية للإعلام بجمهورية مصر العربية، يطل جهاز الفونوغراف، أو (الحاكي) اشهر جهاز تسجيل مكتشف في أواخر القرن 18، وعليه سُجلت مجموعة من أروع التلاوات القرآنية والأغنيات العربية بأصوات استثنائية.

وبين الرفوف مجموعة من التسجيلات العريقة بمختلف وسائل نسخ الصوت، من الأسطوانة (الغرامافون)، مروراً بشيرط الكاسيت، وأخيراً، وليس آخراً، بالأقراص المدمجة الحديثة، مع توقع بعودة سريعة للأشرطة والأسطوانات التي يعشقها محبو التراث الصوتي العربي، بكثرة سؤالهم المستمر عنها، وكثرة الطلب عليها، على حد تعبير عادل حسن أحمد مدير التسويق في «صوت القاهرة».

ويضيف عادل حسن: «هذه هي المشاركة الثانية لنا في أيام الشارقة التراثية، وهي مشاركة لها طعم خاص لأنها تتم في عاصمة الثقافة العربية، وعاصمة الكتاب العالمية، وقد وجدنا فيها حفاوة وترحيباً لافتين معروفين عن أهل الإمارات وشعبها الكريم، لاسيما إدارة فعاليات أيام الشارقة التراثية، وفرحتنا كبيرة ونحن نرى أعجاب الزائرين بمنتوجاتنا، لا سيما وأنها تذكرهم بالتراث الجميل، والحنين إلى أيام الطيبين».

واستوقفتنا خلال زيارة الجناح أسرة كان فيها الجد يتكلم مع الابن والحفيدة عن بعض الكاسيتات والأشرطة التي كان يستمع إليها في الماضي، وكان شعوره يمتزج بالفرح والحنين وهو يتحدث عن ذكريات الشباب، وظروف ذلك الزمان، مؤكداً أن هذه الأصوات الذهبية ليست مجرد مجموعة مؤدين، وإنما أشخاص يعيدون الزمان إلى الوراء لنتذكر كل تفاصيل حياتنا السابقة، وهم بذلك يكونون قد سجلوا فيها أجمل الذكريات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2fjkzseh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"