تعثّر وانهيارات.. وفرص

00:57 صباحا
قراءة دقيقتين

رائد برقاوي

أظهرت قضايا التعثر والانهيارات البنكية التي تشهدها الولايات المتحدة وأوروبا خلال الأسبوعين الماضيين مدى هشاشة الرقابة بشقّيها الداخلي والخارجي للبنوك والمؤسسات بشكل عام، ومدى قدرة الإدارات على تغطية الأخطاء وحجبها بعيداً عن أنظار المدققين الذين ما زالوا أسرى الفوز بالعقود على حساب دقة الأرقام التي بين أيديهم.

أيضاً أظهر تعثر بنوك «سيليكون فالي» و«سيغنتشر» و«فيرست ريبابلك» وغيرها من البنوك التي ترزح تحت ضغوط كبيرة، أن المصارف المركزية في الغرب لم تستطع رغم مرور 15 عاماً على الأزمة المالية العالمية التي انطلقت شرارتها مع انهيار بنك ليمان براذر، ورغم كل الإجراءات والسياسات التنظيمية والرقابية المتخذة طيلة هذه الفترة منع انهيارات جديدة في النظام المصرفي، وإن يحسب لها هذه المرة سرعتها في التدخل وفي فتح نوافذ نقدية لمنع توسع الانهيارات وتحولها إلى كارثة.

الحقيقة أنه مهما حاولت البنوك المركزية تشديد رقابتها وفرض قيودها على المؤسسات، إلا أن انهيارات كهذه يمكن أن تحدث في أي زمن وأي سوق، لأن الأمر مناط بإدارات هذه البنوك والمؤسسات، فتلك هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن كل ما يحدث نتيجة سياساتها وقراراتها في العمل اليومي والاستراتيجيات المتبعة لتحقيق الأهداف المطلوبة.

صحيح أن ظروف الأسواق قد لا تساعد الإدارات في بعض الأحيان مثل رفع أسعار الفائدة المستمر، ولكن أنظمة عمل المؤسسات هي المسؤولة عن الأخطاء، فهي المعنية بتعديل الخطط وأقلمتها بما يتوافق والمستجدات، لا أن تستمر في التوسع ضمن المعطيات غير المواتية.

المهم في الأزمة الحالية، أنها ما زالت تحت السيطرة، وأن الحرص بدا واضحاً في تعاون البنوك المركزية الغربية للسيطرة عليها، خوفاً من امتدادها على نطاق أوسع مع تشابك الأسواق العالمية.

هذه الأزمة يمكنها أن تكون فرصة عظيمة أمام المؤسسات الإماراتية والخليجية عموماً للتدخل وأخذ المراكز في المؤسسات التي تعرضت أو تتجه للتعرض لضغوط مالية، فتلك المؤسسات المحلية والإقليمية إلى جانب أنها تمتلك أوضاعاً مالية قوية ولديها فوائض نقدية باتت لديها إدارات قوية ذات وزن عالمي وأثبتت نجاحاتها في محافل عدة.

التركيز على الفرص التي تولدها الأزمات لا يتوقف عند أسواقنا، وإنما هذه الفرص متاحة للجميع، وبالتالي فإن أصحاب القرار الاستثماري لدينا مطالبون بعدم التردد في اتخاذ القرار الجريء بعد الدراسة المتأنية، والتنويع بين القطاعات والأسواق، فمرحلة الأزمة لن تدوم طويلاً، والاقتصادات العالمية تظهر مرونة كبيرة وتتجه نحو استعادة النمو بعد سنوات الانكماش بسبب «كوفيد -19» وتداعيات الحرب في أوكرانيا.

 

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5e5m8tzu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"