عادي

رحيل المفكر حلمي شعراوي

20:01 مساء
قراءة 4 دقائق
2

القاهرة: الخليج

غيب الموت، الاثنين، المفكر المصري والخبير في الشؤون الإفريقية الدكتور حلمي شعراوي، الذي يعد واحداً من أبرز الشخصيات المصرية، التي كانت لها إسهامات في حركة التحرر الإفريقي؛ حيث ولد الراحل الذي شيعت جنازته، ودفن في مقابر الأسرة بالبساتين، عام 1935 بالجيزة، وتخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة، قسم الاجتماع عام 1958، ثم عين باحثاً بمركز الفنون الشعبية، وشغل العديد من الوظائف، آخرها رئاسة جمعية العلوم السياسية والإفريقية ومجلس إدارة مركز البحوث العربية والإفريقية عام 2019.

شارك شعراوي في عضوية العديد من الوفود الممثلة لمصر دولياً، وأصدر العديد من الكتب باللغتين العربية والإنجليزية، ومن بينها: «الثورة الإفريقية في أنجولا» و«قراءة جديدة لوقائع العلاقات بين حركتي التحرر العربية والإفريقية» إضافة إلى العديد من الترجمات والمراجعات؛ كترجمته لكتاب «اللغات الإفريقية وتعليم الجماهير»، ومراجعته لكتاب «دراسات إفريقية عن الحركات الاجتماعية والديمقراطية، في إفريقيا والعالم العربي».

وكان شعراوي قد أصدر سيرة ذاتية، وصفها بسيرة «مصرية إفريقية» عن دار العين للنشر والتوزيع، التي كانت تستعد لإصدار الجزء الثاني منها، وقد راجعه المفكر الكبير قبل رحيله بأيام، كما قالت الناشرة فاطمة البودي، المدير العام للدار.

التحق حلمي شعراوي بكلية الآداب، جامعة القاهرة، عام 1954، ليتخصص في علم الاجتماع، ولم يكتف بما كان يحصله في هذا القسم؛ بل سعى إلى حضور محاضرات بمختلف أقسام الكلية، وكان يلقيها أمثال طه حسين، ومحمد مندور، ومصطفى سويف، وزكي نجيب محمود، وعثمان أمين.

*علاقات

كما عمل على توطيد علاقته بالعديد من الطلبة من تخصصات مختلفة بالكلية، منهم عبد الحميد حواس، وعبد المحسن طه بدر من قسم اللغة العربية، ووحيد النقاش من قسم اللغة الفرنسية، ممن كان لهم بالغ الأثر في تكوينه المعرفي؛ حيث كان ورفاقه منشغلين بقضايا الآداب والشعر والثقافة، وقد تعرف أيضاً في كلية الآداب إلى الشاعرين صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي، وبعض «الشباب العرب» من لبنان وسوريا.

جاءت مرحلة الجامعة بالنسبة لحلمي شعراوي مصحوبة بالنقاشات الممتدة، وبما عرف بالمقاهي الثقافية آنذاك، وقد تزامن ذلك مع خروج مصر من العدوان الثلاثي عام 1956 بسلام، وما رافق هذا الحدث من طرح رؤية جديدة تجاه المعسكر الاشتراكي، وفي هذا السياق التحق شعراوي بمدرسة الألسن، لدراسة اللغة والأدب الإنجليزي، إلى جانب دراسته لعلم الاجتماع.

وكان مؤتمر الشعوب الأفرو آسيوية نقطة فارقة في مسيرته، حتى أن تاريخ انعقاده في 31 ديسمبر/ كانون الأول 1957، لم يكن يفارق ذاكرته لسنوات، ففي هذا المؤتمر قابل زعماء حركات التحرر الوطني الإفريقي، وامتدت صداقته بهم، كما أنه قد انبثق عن هذا المؤتمر قرار لعبد الناصر بتشكيل سكرتارية الشعوب الأفرو آسيوية في ربيع 1958 برئاسة يوسف السباعي.

صدر قرار بتعيينه عام 1960 باحثاً في الشؤون الإفريقية برئاسة الجمهورية المصرية، وبهذه الصفة بدأ شعراوي بتعميق صلاته بعالم مصر الإفريقي، وتعمقت قدراته فيما يتعلق بتقدير المواقف بشأن المجريات السياسية هنا أو هناك.

يذكر شعراوي في سيرته الذاتية رحلاته إلى القرى بتكليف من رشدي صالح وبجهاز بدائي لتسجيل المواويل والحكايات الشعبية في عدة محافظات، وعلى الرغم من الجهد الواضح في الدراسات الشعبية، فإن عقبات وقفت دون استكمال هذا الطريق، بينما الطريق إلى إفريقيا بدا جاذباً وأكثر فاعلية.

كتب شعراوي سيرته الذاتية بعد أن تجاوز الثمانين من العمر، وقد بدأ من السؤال الذي تردد كثيراً خلال السنوات الأخيرة عما أنجزه طوال هذه المرحلة في حياته الإفريقية، وفي جوانب أخرى تداخل معها الفولكلور والثقافة الوطنية، خلال تلك المسيرة التي عاشها في حواري القاهرة ومواقع العمل في السودان من جوبا إلى تونس حتى العودة إلى القاهرة.

*سيرة

كتب شعراوي سيرته مستسلماً لإلحاح أسرته وأصدقائه، لتوثيق تلك الفترة المهمة من تاريخه وتاريخ مصر، خاصة فترة التأسيس لسياساتها الإفريقية واندماجها في العمل الإفريقي، ولم يقم بالتوثيق الرسمي لظروف إبعاده فجأة عن أكثر من موقع في الشؤون الإفريقية، وفضل الاعتماد على أحداث عاشها بنفسه أو اطلع عليها، وكان بعض شخوصها على قيد الحياة.

تم تذييل السيرة الذاتية بما كتبه المفكر الراحل سمير أمين: «لست مجرد رفيق نضال وحسب؛ بل أكثر من ذلك بكثير، فقد كنا أنا وأنت من أوائل المصريين الذين أدركوا أن نضالنا الوطني جزء لا يتجزأ من النضال لاستعادة استقلال كافة شعوب وأمم إفريقيا».

عمل شعراوي في أجهزة عديدة للدولة المصرية، أهمها الجهاز الرئاسي لجمال عبد الناصر على مدى 12 عاماً، وهي التجربة التي ظل فخوراً بها حتى وفاته، وكان يفخر أكثر بمساندة جهاز الدولة المصرية لحركات التحرر في أنحاء إفريقيا، ما مكن الكثير من شعوب القارة من الإمساك بزمام القرار، كما أنه ظل يدافع بإصرار عن الديمقراطية بصورها المختلفة، ما يدلل على إيمانه بأن التقدم مرهون بالعناصر البشرية والقوى المجتمعية وتمثيلها سياسياً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"