عادي
إدارات تعتبرها «أعباء» وأخرى تحمّل نفقاتها للكوادر

معلمون في مدارس خاصة ينعون برامج التدريب والتأهيل

02:07 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم

يعد الارتقاء بمهارات ومهنية المعلم، «أمراً ليس اختيارياً»، ولكن ضرورة تفرضها المتغيرات المتسارعة في قطاع التعليم وجودة المخرجات، فالتطورات تحاكي التكنولوجيا تارة، تخاطب طرائق التدريس تارة أخرى، وتركز في الثالثة على معلم المستقبل بقدراته وإمكانياته ومواصفاته، وهنا تأتي أهمية دور المدارس في توفير حقائب تدريبية هادفة ومستدامة، للارتقاء بالمعلم الذي يؤدي دوراً محورياً في مسيرة بناء الأجيال.

في وقت أكد معلمون يعملون في مدارس خاصة أن التدريب قد يكون معدوماً في مدارسهم أو «حقائب وهمية» تقدم لفرق التقييم، مما يؤثر سلباً في مستواهم المهني والمهاري، ويفقدهم القدرة على مواكبة التطورات في قطاع التعليم، وما يرافقها من متغيرات في طرائق التدريس، لاسيما مع الزحف التكنولوجي الكبير، واستحداث طرائق جديدة لدمجه في التعليم، مطالبين بتدخل عاجل للجهات المعنية لفرض ساعات تدريبية حقيقية للمعلمين في المدارس الخاصة.

فريق آخر من المعلمين أكدوا أن إدارات مدارس لا تعارض في إلحاقهم ببرامج تدريبية وتأهيلية لمواكبة المستجدات، ولكنها تستقطع تكاليفها من رواتبهم، على اعتبار أن المعلم المستفيد الأول وليس المدرسة، معتبرين هذا الأجراء مجحفاً، لاسيما أن رواتبهم محدودة لا تتجاوز3000 درهم.

إدارات المدارس الخاصة انقسمت إلى 3 فرق، إذ نفى الفريق الأول غياب البرامج التدريبية والحقائب للمعلمين، معتبرين أنها رواية مبالغ فيها، ويرى الفريق الثاني عدم ضرورة لحقائب تدريبية للمعلمين لاسيما الذين يتمتعون بالخبرة والمعرفة، إذ تعول عليهم في مساعدة زملائهم، أما الفريق الثالث فلم يجد أي إشكالية في الارتقاء بمستوى كوادره مهنياً ومهارياً، ولكن بشرط أن تكون التكاليف مناصفة بين المعلم والإدارة المدرسية.

إجراءات الجهات المعنية بالإشراف على التعليم الخاصة، جاءت متفاوتة في هذا الشأن ولم يكن هناك معايير وضوابط موحدة تحكم عملية الارتقاء بمهنية ومهارة الكوادر في المدارس الخاصة، إذ ألزم البعض منها المدارس بتوفير حقائب تدريبية لكوادرها على مدار العام، وآخر ترك الموضوع اختيارياً، وثالث فضل أن يكون هناك تنسيق بين المعلم وإداراته من دون تدخل خارجي.

«الخليج» تناقش مع الميدان قضية تدريب المعلمين والارتقاء بمستوياتهم في المدارس الخاصة، وعلى من تقع مسؤولية توفير الحقائب التدريبية وتأهيلهم وفق المتغيرات والتطورات التي يشهد قطاع التعليم؟

من الميدان

البداية كانت مع المعلمة «إيمان.ع» التي تعمل في إحدى المدارس الخاصة بدبي، إذ سردت ل«الخليج» ضوابط وآليات تدريب المعلمين، وأوضحت أن تدريب المعلمين في المدارس الخاصة تقريباً ليس له وجود، إذ تعتبره الإدارات تكلفة مضافة لالتزاماتها التشغيلية، ومعظم المعلمين لا يتلقون تدريبياً مناسباً على الرغم من التطورات المتوالية في قطاع التعليم، والتي تفرض الاستمرارية في الارتقاء بمهارات ومهنية المعلم.

وقالت إن معلمي أصحاب الهمم، تعد الفئة الأكثر حاجة إلى التدريب والتأهيل، إذ إن مهامهم لا تقتصر على تقديم الخدمات الشخصية للمتعلم، ولكن ينبغي أن يكون دورها أكثر عمقاً وتركيزاً على تعليمه وتأهيله ودمجه، مشيرة إلى أن معظم المعلمين لا يحظون بتدريبات مناسبة، لتمكينهم من آليات وضوابط التعامل مع أصحاب الهمم، على الرغم من أن معظمهم يفتقرون إلى فنون التعامل مع هذه الفئة.

مهارات التدريس

وأفادت بأن معظم معلمي المواد الدراسية يفتقرون إلى مهارات التدريس الحديث بسبب نقص في منابع التدريب والتأهيل والارتقاء بالمهارات في المدارس الخاصة، التي لم تدرج برامج تدريب وتأهيل كوادرها ضمن برنامجها التشغيلي كل عام، وهذا يعني أن المدرسة لم تكن يومياً إضافة للمعلم، إذ إنها تنهل من خبراته ولا تحاول أن تضيف لمهاراته وقدراته ومهنيته.

وأكدت أن غياب برامج التدريب، وعدم اطّلاع المعلمين والكوادر الأخرى على طرق التدريس الحديثة، يؤديان إلى انخفاض مستواهم المهني والمهاري بشكل كبير، وعدم معرفتهم بأساليب التعليم الحديثة، مما يضر بالمتعلمين أنفسهم ويقلص فرصة تحقيق الجودة في المخرجات أنفسهم، فضلاً عن تراجع مستوى العملية التعليمية في المدارس التي تغفل عن وسائل التدريب.

ولخصت الأسباب وراء إشكالية عدم إقبال بعض المدارس الخاصة على الارتقاء بالمستوى المهني والمهاري لكوادرها في عدم وجود جهات فاعلة تسأل وتتابع وتراقب جهود المدارس في تأهيل كوادرها، ورفض معظم الإدارات الصرف على الدورات التدريبية، على اعتبار أنها تشكل نفقات إضافية للميزانيات ولا داعي منها، وعدم قدرة المعلمين على سداد رسوم البرامج المتاحة نظراً لمحدودية دخلهم.

إشكالية متجددة

في وقفة مع عدد من المعلمين لرصد المزيد عن إشكالية تدريب المعلمين في المدارس الخاصة، أكد «م.ن،ع.ه، س.ح، خ.ع»، أن التدريب والتأهيل في معظم المدارس الخاصة قد يكون معدوماً، والحقائب التدريبية التي يحصل عليها المعلم نادرة للغاية، وقد لا تزيد على مرة واحدة خلال العام الدراسي، أو كل ثلاث سنوات دراسية.

وقالوا إن بعض المدارس تفرض على المعلمين سداد رسوم التدريب أو استقطاع قيمته من راتبهم، معتبرين أنها ممارسات غير مقبولة في مجتمع التعليم، إذ إن ما يكتسبه المعلم من مهارات وخبرات ينعكس بلا شك على الطلبة وجودة المخرجات، مما يسهم في الارتقاء بمستوى المدرسة ومخرجاتها.

حاجة ماسة

ويجب أن توفر المدارس الخاصة التدريبات الدورية لمعلميها بشكل مستمر، لاسيما للذين يدرسون الطلبة أصحاب الهمم، لأنهم في حاجة ماسة لمن يأخذ بيدهم وأسرهم ويتعاون معهم، إذ يواجه أسر هؤلاء الطلبة الكثير من التحديات، وعلى المدرسة أن تكون قوة دافعة وليست عائق أمام تطور هؤلاء الأطفال، وتنسجم مع التوجهات التي تكفل الفرص أمام أصحاب الهمم.

وطالبوا الجهات المعنية التي تشرف على التعليم الخاص بالتدخل لإلزام المدارس الخاصة بوضع حد أدنى للدورات التدريبية، التي لابد أن يحصل عليها المعلم على مدار العام الدراسي، أو أن تدربهم وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية الأخرى، لاسيما المعلمين غير القادرين على توفير تأمين رسوم الحقائب التدريبية، حتى لا تتوقف مهاراتهم المهنية عند حد معين ويفوتهم مواكبة التطورات المتوالية في القطاع.

رواية واقعية

ساقتنا الصدفة إلى لقاء ولية أمر الطالب «م.ح.ا» من أصحاب الهمم ويدرس في الصف الثالث بإحدى المدارس الخاصة بدبي، إذ أكدت أن معلمي المدارس الخاصة في حاجة ماسة إلى تدريب متخصص وحقائب تأهيلية هادفة معتمدة من الجهات المعنية، ورقابة لقياس فاعليتها ومدى تقدم المعلمين.

وقالت إنها طالبت مرات عدة من إدارة المدرسة تخفيف المنهج المقرر على نجلها، والسماح له بالخروج مبكراً بساعة أو اثنتين لشعوره بالملل في نهاية الدوام ولا يتقبل الجلوس تماماً في أي حصة، فضلاً عن توفير حصص فردية له في بعض المواد نظراً لضعف مستواه فيها، إلا أن المدرسة رفضت كلياً تلك المطالب، لعدم قدرتها ولا المعلمة على تقييم الاحتياجات الفعلية لحالة ابني، فالأمر لا يقتصر على تقديم الخدمات الأساسية فحسب، ولكنّ للمعلم والمدرسة دوراً مهماً في تقييم احتياجاته وتوفيرها ودمجه في العملية التعليمية، وأرجعت السبب في رواية ابنها إلى عدم التدريب وعدم تأهيل المعلم بالشكل الكافي الذي يعينه على تدريس الطلبة من هذه الفئة.

تكاليف مرتفعة

جمعنا أوراقنا وما تم رصده من وقائع وآراء، والتقينا عدداً من مديري المدارس، إذ انقسموا إلى 3 فرق، ونفى الفريق الأول الذي ضم كلاً من سلمى مراد وعلياء موسى ومصطفي عبد الله وميثاء رشدي، وجود فكرة عدم تأهيل وتدريب المعلمين في مدارسهم، إذ إن برامج الارتقاء بالمهارات والمهنية لمواكبة المستجدات، تأتي دائماً مرافقة للخطة الدراسية، وفق جدولة زمنية تبدأ مع انطلاقة العام الدراسي، مؤكدين أن تكاليف تلك البرامج تتحملها إدارة المدرسة ولا مساس لرواتب المعلمين، والإجراء الوحيد الذي تتخذه المدرسة هو تعهد من المعلم بسداد ثمن الدورة في حال مغادرة المدرسة في العام الدراسي الذي حصل فيه على التدريب.

أما الفريق الثاني فقد ضمّ عدداً من مديري المدارس «فضّلوا عدم ذكر أسمائهم»، إذ أكدوا أن ارتقاء المعلم بمهاراته وخبراته ومهنيته أمر يعود إليه منفرداً، وينبغي أن يعلم أنه يتقاضى أجراً مقابل قيامه بأدوار ومهام تعليم الطلبة، ومن المفترض أن يكون حريصاً على الارتقاء بمستواه المهني ومواكبة جميع المستجدات التي تطرأ على العملية التعليمية وطرائق التدريس من أجل المحافظة على بقائه في مجتمع التعليم.

ويرى الفريق الثالث الذي ضم كلاً من «ح.م، ك.ع، س.ص، ق.ل»، أهمية الحقائب التدريبية واستمرارية التأهيل للكوادر في مختلف مراحل التعليم، ولكن عملية التدريب مكلفة للغاية وتتم من خلال اتفاقيات وشراكات مع المعاهد والمراكز المتخصصة، وهنا ينبغي أن يتم تطبيقها بمناصفة التكاليف بين المعلم وإدارة المدرسة، وهذه إحدى الآليات الفاعلة التي نتبعها في مدارسنا ولم نواجه أية إشكاليات من خلالها مع المعلمين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8f8583

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"